أطلق مؤيدو إسرائيل في بريطانيا حملة ضد مذيعة في “بي بي سي”، بسبب سؤال وجهته لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت عن قتل الأطفال في جنين في الضفة الغربية، وما إذا كانت “القوات الإسرائيلية سعيدة بقتل الأطفال”، ما دفع المحطة للاعتذار.
وكان العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها، يومي الاثنين والثلاثاء، قد خلّف 12 شهيدا، بينهم خمسة أطفال، وأكثر من 140 إصابة، بينها نحو 30 إصابة حرجة، كما أحدثت قوات الاحتلال دمارا كبيرا في المنطقة.
وكانت المذيعة أنجانا جادجيل قد كررت السؤال خلال مقابلة مع بينيت الثلاثاء، عن مقتل أطفال خلال الاجتياح الإسرائيلي لجنين خلال اليومين الماضيين. وسألت جادجيل: “الجيش الإسرائيلي يطلق على هذا (الاجتياح) عملية عسكرية، لكننا نعلم الآن أن هناك أشخاصا صغارا يُقتلون، أربعة أشخاص منهم تحت سن الثامنة عشرة.. هل هذا فعلا ما خطط الجيش للقيام به؟ لقتل أشخاص بين السادسة عشرة والثامنة عشرة؟”.
ورد بينيت: “على العكس.. في الحقيقة كل القتلى الأحد عشر هم مقاتلون. الحقيقة أن هناك إرهابيين شبانا قرروا حمل السلاح، فهذه مسؤوليتهم”.
وزعم بينيت أن منفذي عمليات أدت لقتل عشرات الإسرائيليين خلال العام الماضي قد تدرّبوا في جنين. وقال: “جنين باتت بؤرة للإرهاب. كل الفلسطينيين الذين قتلوا (خلال الاجتياح) هم إرهابيون في هذه الحالة”.
وعادت المذيعة للقول: “إرهابيون ولكن أطفال. القوات الإسرائيلية سعيدة لقتل الأطفال؟”.
ورد بينيت بأنه يستغرب قولها هذا “لأنهم يقتلوننا”. وقال بينيت إن العملية العسكرية في جنين تحظى بتأييد جميع الاتجاهات الإسرائيلية، سواء كانت في السلطة أو المعارضة. وزعم أن هذه العملية ضرورية لحماية الإسرائيليين، قائلا إنه يختلف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كثير من الأشياء، لكنه يتفق معه بشأن هذه العملية العسكرية في جنين.
وزعم أنه لا يتم استهداف المدنيين في جنين، “هم (الفلسطينيون) يستهدفون المدنيين (الإسرائيليين) فقط”، وفق قوله.
كما توجه بينيت بالسؤال إلى المذيعة عن كيفية تعريفها لـ”فلسطيني مسلح يبلغ من العمر 17 عاما يطلق النار على عائلتك ويقتلها”، لتحيله إلى الأمم المتحدة التي عرفتهم كأطفال، وقالت: “بتعريفك هم إرهابيون، لكن بالنسبة للأمم المتحدة هم أطفال”، مشيرة إلى أن عددا من الفلسطينيين بين الـ16 و18 من العمر تم “استهدافهم بهجمات موجهة”.
وعقب المقابلة، أطلق مؤيدو إسرائيل ومنظمات يهودية في بريطانيا حملة ضد المذيعة، واتهموها بالانحياز وخرق قواعد “بي بي سي” الخاصة بالحياد. وقد تم تقديم شكوى رسمية إلى المحطة.
والأربعاء، تقدمت “بي بي سي” عبر متحدث باسمه باعتذار بسبب “اللغة” التي استخدمتها جادجيل.
ونقلت صحيفة “جويش كرونيل” اليهودية عن المتحدث قوله: “تلقت بي بي سي تعليقات وشكاوى بشأن المقابلة مع نفتالي بينيت التي تم بثها في قناة بي بي سي نيوز، حولل الأحداث في الضفة الغربية وإسرائيل”. وأشار المتحدث إلى أن الشكاوى التي أثيرت تتعلق بأسئلة محددة في المقابلة عن مقتل أشخاص صغار في مخيم جنين للاجئين”.
وأوضح المتحدث أن “الأمم المتحدة أثارت قضية تأثير العملية في جنين على الأطفال والأشخاص الصغار. وبينما كان موضوعا مشروعا لمناقشته في المقابلة، فإننا نعتذر لأن اللغة التي تم استخدامها في الأسئلة لم تتم صياغتها جيدا، وكانت غير مناسبة”، وفق ما نقلته الصحيفة عن المتحدث باسم “بي بي سي”.
ونشر بينيت عبر حسابه على تويتر مقطعا من الحوار على حسابه في تويتر، وكتب: “مذيعة بي بي سي تتجرأ على الادعاء معي بأن جنود الجيش الإسرائيلي سعداء بقتل الأطفال”.
وكان مجلس المندوبين لليهود البريطانيين قد أصدر بيانا هاجم فيه المذيعة، وقال إنه “مصدوم” بسبب تعليقات المذيعة، ووصفها (التعليقات) بأنها “مشينة”.
واعتبر المجلس أن كلمات جادجيل تشكل “خرقا واضحا لقواعد التحرير الخاصة بالمؤسسة، وسنقوم بالاتصال مع المدير العام بشكل شخصي للاحتجاج بأشد العبارات الممكنة”.
كما أعلنت منظمة “أونست ريبورتينج” التي ترصد “الانحياز الإعلامي ضد إسرائيل”، حسب تعريفها بنفسها، أنها تقدمت بشكوى رسمية إلى “بي بي سي” بحق المذيعة.
وزعمت المنظمة في شكواها أن هذا “يتجاوز الصحافة الجادة، بل هو إطلاق لادعاء مستفز يماثل فرية الدم، وهو أمر لا يمكن أن يحظى بدعم على أرض الواقع”، حسب قولها.
واتهمت المنظمة جادجيل بأنها “أظهرت تحيزها بسوء نية تجاه مشاعر الجنود الإسرائيليين، وصوّرتهم بأنهم قتلة أطفال”. وقالت: “هذه المقابلة المستفزة تستحق تحقيقا واتخاذ إجراء مناسب” من جانب المحطة.