عقب انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر، الأربعاء، بعد 48 ساعة من عدوان جوي وبري على مدينة جنين ومخيمها، أكدت صحيفة عبرية، أنه لا يمكن لدولة الاحتلال التي تمتلك القدرات العسكرية الكبيرة أن تقضي على المقاومة الفلسطينية التي تتمتع بقدرات وأسلحة بدائية.
وأوضحت “إسرائيل اليوم” في خبرها الرئيس أن انسحاب جيش الاحتلال من جنين، جاء نتيجة “تخوف من أن استمرار التواجد في مخيم اللاجئين سيجر تورطا غير مرغوب فيه؛ من مصابين في أوساط القوات الإسرائيلية”.
وذكرت أن “إنجازات العدوان على جنين تنقسم إلى قسمين؛ مادية ومعنوية. في الجانب المادي، عثر على مئات العبوات الناسفة (صناعة محلية) ودمرها، حيث تم زرع بعضها في طرق الوصول إلى مخيم اللاجئين وفجرت استنادا إلى معلومات دقيقة من “الشاباك”، وتم العثور على ست مختبرات لإنتاج العبوات، وخنادق تحت أرضية وغرف اختباء ومخازن سلاح”.
بالمقابل، فإن “المس بالمطلوبين (المقاومين) كان أقل مما كان مخططا، وجرى اعتقال أكثر من 100 فلسطيني والتحقيق ميدانيا مع نحو 800 مواطن فلسطيني، وبقي في جنين غير قليل من نشطاء المقاومة ممن شكلوا صداعا غير قليل للقوات الإسرائيلية”.
أما في الجانب المعنوي، فإنه “كان يفترض بالعدوان العسكري أن ينزع عن مخيم اللاجئين صورة مدينة اللجوء، أو كما وصفها أمس مصدر أمني كبير بـ”القلعة”.
ونوهت الصحيفة إلى أن “الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة استصعب جدا العمل في جنين، وكل حملة تطلبت إعدادا دقيقا وترافقت مع قتال شديد، في ظل الوعد من قبل المقاومة بأن جنود الجيش الإسرائيلي سيعودون من جنين في التوابيت”، مؤكدة أنه في حال لم يقم الجيش الإسرائيلي بالعودة مرة أخرى في عدوان جديد على جنين ومخيمها، فمن المرجح أن تتمكن المدنية ومخيمها من أن “يكونوا أهدافا محصنة”.
وأضافت: “مسيرة كهذه اجتازها مخيم اللاجئين بعد فك الارتباط؛ فالحملات الأولى تطلبت في حينه كمية قوات ومركبات مدرعة، لكن بمرور 7– 8 أشهر وصل الجيش الإسرائيلي إلى وضع كان يمكنه فيه العمل حتى بقوات صغيرة وأكثر خفة بكثير. وكي يحصل هذا الآن؛ مطلوب تصميم أمني وإلى جانبه حكمة سياسية واقتصادية”.
توقعات إسرائيلية بازدياد عمليات المقاومة بعد العدوان على جنين
ورأت “إسرائيل اليوم”، أنه “كلما استمر الضرب للمقاومين وتعمق، كان أسهل على أجهزة الأمن العودة والعمل في المنطقة”.
ولفتت إلى أن “الحرث العميق الواجب مواصلته ووجوده – “قص العشب” باللغة العسكرية الإسرائيلية – ساري المفعول بالطبع في باقي أجزاء الضفة الغربية، ومن يعتقد أن المقاومة تم اجتثاثها إلى الأبد في يومين، فإن عليه أن يشفى من الإنصات إلى السياسيين”.
وتابعت: “طبيعة مثل هذه الحملات، أنها في المدى القصير بالذات تشجع المقاومين على الخروج للعمل مثلما حصل أمس في تل أبيب، هذه العملية ترفع إلى السطح مرة أخرى ظاهرة الماكثين غير القانونيين، والتي وإن كانت تقلصت في السنة الأخيرة، فإنها لا تزال قائمة على خلفية الحاجة الاقتصادية وتستوجب جوابا بإنفاذ متصلب أكثر بكثير على مشغلي الماكثين غير القانونيين”.
وفي ختام تقريرها، أكدت “إسرائيل اليوم”، أنه “لم يحسم أي شيء في اليومين الأخيرين في جنين، شبكات المقاومة تلقت ضربة غير قاضية، ولأجل تعميقها مطلوب التواصل، إلى جانبها مطلوب تقديم جواب للارتفاع المقلق للمقاومة في باقي أجزاء الضفة أيضا لأجل تعزيز الردع والسماح للسلطة الفلسطينية بالعودة للعمل”.
وذكرت أن “اختبار كل هذا سيكون مع مرور الوقت.. ستكون هناك لحظات صعبة، كما هو الحال دائما في العمل ضد المقاومة، الاختبار ليس في العملية التي انتهت بالأمس، ولكن في العملية التي ستنفذ غدا”.
توقعات إسرائيلية بازدياد عمليات المقاومة بعد العدوان على جنين
وكشفت صحيفة عبرية، عن مخاوف إسرائيلية من نتائج العدوان المستمر الذي ينفذه جيش الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها، مؤكدة أنه لا يصب في المصلحة الإسرائيلية، ويساهم في إشعال الغضب الفلسطيني عبر دفع المزيد من الشباب إلى حمل السلاح ومقاومة الاحتلال.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية، في تقرير للصحفي جاكي خوري، أنه “في القريب سيعلن جيش الاحتلال ورئيس الحكومة ووزير الأمن أن أهداف العملية تحققت، تم إصابة مسلحين واعتقال مطلوبين ومصادرة وتدمير سلاح؛ كل هذه الإنجازات ستثير الشعور بالرضى في إسرائيل”.
وقالت: “بالنسبة للجمهور الإسرائيلي، عدد القتلى والمصابين الفلسطينيين والإضرار الكبير بالبنى التحتية، لا يمكن أن تغطي على الشعور بالانتصار، كل عملية توجد لها صفحة رسائل، أيضا في هذه المرة كل فلسطيني هو خطر محتمل على أمن إسرائيل، لذلك فهو هدف مشروع (وفق رؤية الاحتلال)، ولا يهتم لإجراء نقاش جدي حول ماهية النزاع وتداعياته”.
ونوهت الصحيفة بأن “إسرائيل عملت عدة أسابيع من أجل شرعنة العدوان؛ عناوين رئيسية واسعة ومكثفة، ظهرت حول الحاجة لها، وتعريف جنين بأنها “عاصمة الإرهاب (المقاومة) الفلسطيني” تم غرسه في الرأي العام”.
ولفتت إلى أن “الاعتقالات المستمرة والتصفيات المركزة في نصف السنة الماضية لم ترض الذين طالبوا بعملية أوسع إزاء العمليات في الضفة، بما في ذلك العملية الأخيرة في “عيلي”، وإذا لم يكن هذا كافيا، فمحاولة إطلاق صاروخ الأسبوع الماضي من الضفة نحو المستوطنات منحت الدعم لكل قرار عملياتي، من يئير غولان وحتى يوسي دغان، وكل ما بقي هو تحديد ساعة الصفر، التي جاءت فور انتهاء عيد الأضحى”.
وأضافت: “الإسرائيليون سيعودون إلى روتين الحياة بعد بضعة أيام، وهم يتوقعون أن يفعل الفلسطينيين ذلك، لا أحد سيهتم بالمستقبل أو سيفكر بخطة للاتفاق، لأنهم في إسرائيل يريدون تثبيت واقع يعتاد الفلسطينيون العيش تحت الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية، شؤونهم المدنية تديرها سلطة فلسطينية متعثرة، وبين حين وآخر ينطلقون لعملية عسكرية محدودة تحصل على صمت صارخ من قبل معظم المجتمع الدولي.
وتابعت: “قضية السيطرة على الفلسطينيين لا تعني متخذي القرارات، بالنسبة لهم الشعب المختار (اليهود) يمكنه أن يسيطر إلى الأبد، والشعب الفلسطيني لا يستحق أن يكون له أفق، وعلى الشباب من بينهم التسليم بالوضع”.
وأشارت “هآرتس” إلى أن “إسرائيل قبل عقدين نفذت عدوانا أوسع بكثير ضد المسلحين في جنين، الذين حصلوا على الدعم من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الآن إسرائيل تحارب الذين كانوا في حينه أطفال، وربما لم يولدوا بعد، الجيل الذي ولد بعد اتفاقات أوسلو تربى على الدمار والاستفزاز والوقاحة الإسرائيلية، وعدم الاهتمام الدولي، جيل من الشباب غاضب وليس له أمل، كل هدفه هو حمل السلاح وإطلاق النار (ضد الاحتلال)، ومن ناحية الرأي العام في إسرائيل، ربما تم تحقيق صورة انتصار، لكن كل عملية كهذه تشرعن جولات قتال أخرى وسفك دماء الفلسطينيين”.
ورأت أن “تل أبيب ربما ستنجح في التوصل لنوع من التهدئة المحددة، لكن الصور من جنين ستكون أرضا خصبة أخرى لنمو جيل آخر لا يرى أمامه أي أفق (في ظل الاحتلال)، وفي هذه الأثناء، إسرائيل تقوم بسحق السلطة التي يمكنها أن تكون مسؤولة عن المناطق (الضفة الغربية)، وفي الوضع الحالي، هذا العدوان هو فقط حلقة أخرى في سلسلة الدماء”.
وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بشن عدوان جوي وبري على مدينة جنين ومخيمها فجر الاثنين، ونفذت طائرات جيش الاحتلال العديد من الغارات الجوية المدمرة، إضافة إلى مشاركة مئات الآليات والدبابات والقناصة في تنفيذ اقتحام واسع لمخيم جنين، الذي تعرض لدمار واسع طال البنية التحية والمساجد وعشرات المنازل.