أعلن عشرات مقاتلي الاحتياط في وحدة قوات النخبة التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، امتناعهم عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، إذا ما استأنف الائتلاف الحكومي، التشريعات الرامية للحد من استقلالية جهاز القضاء وتجريد المحكمة العليا من صلاحيات مهمة تتعلق بمراقبة السلطتين التشريعية والتنفيذية.
في المقابل، هدد الجيش الإسرائيلي بأنه سيتخذ إجراءات تأديبية صارمة بحق عناصر وحدات الاحتياط الذين سيرفضون أداء الخدمة العسكرية، وذلك بالتزامن مع استئناف مساعي إقرار تعديلات على قوانين السلطة القضائية والتي طرحتها حكومة بنيامين نتنياهو، في خطوة “أحادية الجانب” يرى معارضوها أنها ستقوض الديمقراطية من خلال محو ضوابط أساسية تحكم صلاحيات الحكومة.
وجاء في رسالة صدرت عن مجموعة من مقاتلي الاحتياط في وحدة “شالداغ” (وحدة النخبة 5101 التابعة لسلاح الجو)، أكد مقاتلو الاحتياط أنهم لن يتطوعوا بعد الآن للخدمة في الجيش الإسرائيلي طالما استمرت الإجراءات التشريعية، “ما دامت الخطوات أحادية الجانب للقضاء على النظام الديمقراطي وإرساء الاستبداد مستمرة ، تحت غطاء كاذب من ‘الإصلاح القانوني‘”.
وشددت الرسالة على أنه “طالما لم يتم وقف التشريعات التي تمس باستقلال القضاء وسيادة القانون والطابع الديمقراطي للنظام، فإننا نتوقف عن التطوع لخدمة الاحتياط النشطة، حتى إشعار آخر”، معتبرين أن هذا “ليس رفضا وليس تمردا”، إنما تعبيرا عن أزمة ثقة بين المواطنين والدولة في ظل “انتهاك العقد (الاجتماعي) القائم بين الطرفين”.
وقالوا إن “خدمتنا لطالما كانت قائمة على التطوع، فيما كان واضحا لجميع الأطراف ما هو مطلوب منا للتضحية، وما هو مطلوب من الدولة. اليوم، عندما تقوم الحكومة وقائدها بتغيير وجه الدولة، انكسرت الثقة وانتهك العقد. نكتب هذه الرسالة بألم شديد، لكننا نفهم أنه لم يبق لدينا خيار آخر. الجيش ليس مقدسًا، لكن القيم التي نقاتل من أجلها مقدسة”.
وأضافوا أنه “كما فعلنا حتى اليوم، سنواصل النضال والقتال من أجل قيم الدولة، وعلى رأسها الحرية المطلقة والمساواة لكل مواطن ومواطنة، بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين. وسوف نستمر في خدمة بلدنا وشعبنا بالدفاع عنهم وحمايتهم من التهديد المدمر الموجه إليهم من الداخل. نتطلع إلى اليوم الذي سيتم فيه تشكيل حكومة إسرائيلية تحافظ على قيم وثيقة الاستقلال- المساواة والعدالة والحرية، وتلتزم بنظام ديمقراطي ليبرالي، على نحو يسمح لنا بالعودة إلى قواعدنا ونستمر في خدمة بلدنا حتى ضمن قوات الاحتياطيات”.
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيتعامل مع جنود الاحتياط الذين يمتنعون عن الالتحاق بالخدمة العسكرية بسبب استئناف التشريعات القضائية “بإجراءات تأديبية صارمة”. وأوضح الجيش أنه تقرر التعامل مع أي حالة عدم التزام بأوامر الاستدعاء سواء للخدمة أو لطلعات تدريبية أو لنشاط عملياتي “على أنها رفض للأوامر العسكرية”.
ومع ذلك، رجّحت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الجيش لن يتخذ هذه “الإجراءات الصارمة” بحقق عناصر الاحتياط في وحدة “شالداغ” الذين يتجاوز عددهم 150 مقاتلا، لأن الحديث عن تهديد بعدم الامتثال لأوامر الاستدعاء، وليس رفضا فعليا لأوامر استدعاء وصلتهم بالفعل. وذكرت الصحيفة أن الجيش سيتخذ هذه الإجراءات بالفعل إذا ما امتنع أحد الموقعين على الرسالة عن الامتثال لأمر استدعاء من الجيش.
ولفتت إلى أن الإجراءات التأديبية قد تتراوح بين تحذير يصدر عن القيادات العسكرية لهؤلاء المقاتلين والضباط، وقد تصل إلى الاستبعاد من الخدمة الاحتياطية، أو إصدار أحكام عسكرية بالسجن على بعض الممتنعين عن الالتحاق بالخدمة. علما بأن إعلان الجيش الإسرائيلي جاء في أعقاب إعلان وحدة العمليات الخاصة التابعة للاستخبارات العسكرية، عن توقف 80 جندي احتياط إضافي عن التطوع في الخدمة، بالإضافة إلى المئات الذين توقفوا بالفعل عن التطوع.
والأحد الماضي، أعلن ضباط وجنود احتياط من الوحدة “8200” التابعة للاستخبارات الإسرائيلية أنهم سينسحبون من الوحدة، وذلك بعدما أعلن نحو 300 طبيب عسكري إسرائيلي في وحدات الاحتياط، بأنهم سيرفضون أداء الخدمة إذا مضت الحكومة قدما في تمرير التشريعات القضائية.
وفي رسالة إلى وزير الأمن، يوآف غالانت، قال الأطباء العسكريون إنه لن يكون بوسعهم الاستمرار في التطوع للخدمة في وقت تقوم الحكومة “بانتهاك العقد الأساسي بيننا وبين الدولة”. وذكرت الرسالة “إذا لم تكن هناك ضوابط ولا مراجعة قضائية فعالة… فلن نتمكن من الوثوق في قادتنا عندما يتم إرسالنا إلى مهام عسكرية… لن نخدم دكتاتورية”.
وقال جنود الاحتياط إنهم استمروا في أداء واجباتهم لأنهم كانوا يمهلون المفاوضات حول التشريعات القضائية التي استضافها ديوان رئيس الدولة، الوقت لتسفر عن نتائج، لكنهم جددوا الدعوات لرفض الاستدعاءات عندما انهارت هذه المحادثات.