وجهت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الإدارات الفيدرالية بوقف التعاون العلمي والتقني مع المؤسسات العلمية الإسرائيلية الواقعة خارج “الخط الأخضر” وهي الحدود الفاصلة بين إسرائيل والضفة الغربية التي احتلتها القوات الإسرائيلية في عام 1967 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
يأتي هذه الخطوة وسط تزايد التوترات بين الولايات لمتحدة وإسرائيل على خلفية ارتفاع وتيرة أعمال العنف والتوسع في المستوطنات بالضفة الغربية، فيما تعتبر معظم القوى العالمية هذه المستوطنات “غير قانونية” وهو أمر تعارضه تل أبيب.
ويطلق الخط الأخضر على الخط الفاصل بين الأراضي المحتلة عام 1948 وعام 1967، وقد حددته الأمم المتحدة بعد هدنة عام 1949، والتي أعقبت الحرب التي خاضها العرب مع إسرائيل عام 1948.
وقالت مصادر أميركية لقناة “الشرق”، إن “الخارجية الأميركية أبلغت الكونجرس قبل أسبوع، بإصدار توجيهات إلى كل الإدارات الفيدرالية بأن التعاون العلمي والتكنولوجي مع إسرائيل في المناطق الواقعة خارج حدود 1967، والخاضعة لمفاوضات الوضع النهائي، لا يتسق مع السياسة الخارجية الأميركية”.
وأشارت المصادر إلى أن “التعميم يشمل التعاون مع مؤسستي العلوم الثنائية (BSF)” و”البحث والتطوير الصناعي (BIRD)” و”صندوق البحث والتطوير الزراعي”، معتبرين بحسب الخارجية الأميركية، أنه “يتسق مع السياسة التي كانت معتمدة قبل عام 2020”.
تعديلات ترامب..
وكان إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والحكومة الإسرائيلية أجرت في عام 2020 تعديلات على اتفاقيات تعاون علمي معمول بها منذ سبعينيات القرن الماضي، وافقت بموجبها الولايات المتحدة على إزالة القيود الجغرافية على عمل الاتفاقيات بحيث تصبح سارية في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وأقام الجانبان الأميركي والإسرائيلي حينها بموجب هذه الاتفاقيات، المؤسسات الثنائية القومية الأميركية والإسرائيلية وهي: مؤسسة البحث والتطوير الصناعي الثنائية (BIRD) ، ومؤسسة العلوم الثنائية (BSF) ، ومؤسسة الزراعة ثنائية القومية ومؤسسة البحث والتطوير (بارد).
وتضمنت اتفاقيات “BIRD” و”BARD” و”BSF” عند توقيعها في سبعينيات القرن الماضي قيوداً على العمل في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
واعتبرت السفارة الأميركية في بيان، بعد وضع التعديلات التي أقرتها إدارة ترامب أن “هذه القيود لم تعد تتوافق مع السياسة الأميركية”، مشيرةً إلى أن ذلك يأتي “في أعقاب اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل”، و”نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس” و”إعلان الولايات المتحدة أنها لن تعتبر أن إنشاء مستوطنات مدنية في الضفة الغربية في حد ذاته يتعارض مع القانون الدولي”.
أزمة المستوطنات..
واعتبر خبراء ومراقبون في تصريحات لـ”الشرق”، أن “تراجع” إدارة بايدن عن “تعديلات إدارة ترامب السابقة لها أهمية سياسية كبيرة خاصة في هذه المرحلة”، لافتين إلى أن “الحكومة الإسرائيلية تقوم بسلسلة مشروعات استيطانية كبرى تهدف ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، وإنهاء أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقبلاً”.
وقال عضو الكنيست السابق الدكتور جمال زحالقة، إن “الخدمات التي تتلقاها إسرائيل من هذه الشراكات في المستوطنات، مهمة، لكنها تستطيع الاستمرار بدونها”.
واعتبر زحالقة في تصريحاته ل قناة “الشرق”، أن “الأهم هو الموقف الأميركي ضد الاستيطان في وقت يبدو فيه الشعب الفلسطيني في أمس الحاجة إلى مواقف دولية رافضة لمشروعات التوسع الاستيطاني، التي تهدف للقضاء على أي أمل بإقامة دولة فلسطينية مستقبلاً على الأراضي المحتلة عام 1967”.
وتعمل الحكومة الإسرائيلية مؤخراً، على تسريع مراحل “النمو الاستيطاني” في الضفة الغربية، إذ فوضت وزير ماليتها اليميني بتسلئيل سموتريتش المتطرف، بالتصديق على تصاريح لبناء آلاف المستوطنات الجديدة.
وجددت الولايات المتحدة، الأحد الماضي، معارضتها لمخطط إسرائيل بالموافقة على آلاف تصاريح البناء في الضفة الغربية، مشيرة إلى أنها ترفض “الإجراءات أحادية الجانب التي تضع العراقيل أمام حل الدولتين وتحقيق السلام”.
وأُدرجت إسرائيل خطط الموافقة على بناء 4 آلاف و560 وحدة سكنية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة على جدول أعمال المجلس الأعلى للتخطيط الإسرائيلي، رغم أن 1332 وحدة سكنية فقط جاهزة للموافقة النهائية، فيما لا يزال الباقي يخضع لعملية الموافقة الأولية.
ومنذ توليه السلطة في يناير الماضي، وافق ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إنشاء أكثر من 7 آلاف وحدة سكنية جديدة معظمها في عمق الضفة الغربية، كما عدل قانوناً لتمهيد الطريق أمام المستوطنين للعودة إلى 4 مستوطنات سبق إخلاؤها.
وتعتبر معظم الدول، المستوطنات التي أقيمت على أراض احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 “غير قانونية”، وتعد إحدى القضايا الأساسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، إذ تجمدت محادثات السلام بوساطة الولايات المتحدة منذ عام 2014.