تهدف الحرب النفسية للمعلومات، إلى التأثير في الأفراد المتواصلين عبر الفضاء الرقمي، واستغلال الجانب النفسي لهم خاصة في أوقات الأزمات، وذلك لإعادة برمجتهم ومحاولة تطويعهم وفق أهداف محددة، وقد نجحت إسرائيل في إنشاء حسابات رسمية باللغة العربيّة تستهدف العالم العربي والفلسطينيين بشكل خاص.
يجتهد خبراء الدعاية الإسرائيلية في التأثير في الرأي العام، من خلال الترويج لرواية إسرائيلية خاصة للأحداث المختلفة، بالإضافة الى قيادة وتشكيل المفاهيم العامة والآراء والمشاعر، إذ ثمة شق كبير يتعلق بالجوانب النفسية لا يقل أهمية بالنسبة لإسرائيل عن الجوانب العسكرية.
وفي إطار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يتنزل التأثير الإعلامي في الجمهور، وترويج الرواية الإسرائيليّة عبر دحض غيرها من الروايات، وقد نجحت إسرائيل في إنشاء حسابات رسمية باللغة العربيّة على جميع وسائط التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر وتيلغرام) تستهدف العالم العربي والفلسطينيين بشكل خاص.
سلاح من نوع آخر..
أصبحت الحرب النفسية مع بداية القرن الواحد والعشرين من الأركان الأساسية للعمل السياسي والعسكري في جميع الدول خاصة المتقدمة منها، حيث شهدت هذه المرحلة تراجعاً في محاولة فرض السلطة والإرادة بالقوة العسكرية، لصالح استخدام قوة المعلومات والجانب المعنوي في التأثير في الآخرين بدلاً من السلاح الناري.
ووفقًا لصحيفة هآرتس (العبرية)، تتم صناعة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل فريق يتألف من علماء نفس وخبراء تسويق وباحثين في الدراسات العربية، بالإضافة إلى طاقم استخبارات إسرائيلي، يعملون بشكل مكثف ومنهجي لإحداث تأثيرات نفسية لدى الجمهور المتلقي، من أجل توجيهه في الاتجاه الذي ربما كان يعارضه في البداية، وصناعة رأي عام موافق للقضية المطروحة.
بانتظام، وبلا كلل، تشارك الصفحات الإسرائيلية الناطقة بالعربية، المحتوى الذي يتنوع ما بين صور ومقاطع فيديو ومعطيات تدّعي أنها توثق الأحداث على الأرض، حتى بلغ عدد متابعي صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية” إلى 302 مليون، أما صفحة أفيخاي أدرعي فتسجل اليوم 2.1 مليون متابع.
وتضم صفحة “بدنا نعيش” حضوراً نشطا لضباط الشاباك الذين بدأوا في مخاطبة الفلسطينيين بشكل مباشر منذ “انتفاضة الذئب الوحيد”، وهي سلسلة هجمات نفذها شبان فلسطينيون، رأوا أنهم يفتقرون إلى بوصلة سياسية ويشعرون بالإحباط والرغبة في عيش حياة طبيعية.
ولتوجيههم بشكل مباشر أو غير مباشر، بدأوا يخاطبونهم بجمل عامية: “كمان إنتم زهقانين من الوضع القائم”؟ وأخرى تحريضية: “الطفل الفلسطيني يطمح في التعلم والتطور وليس العيش
ولا نستغرب حين يطل أفيخاي أدرعي في فيديو بمناسبة عيد الأب، يربطه بما يسميه “الأعمال الإرهابية في جنين” ويستشهد بالمثل الفلسطيني القائل: “الولد العاطل يجيب المسبة لأهله”.
وتلوّن هذه الصفحات المعلومات والأخبار بألوان زاهية توافق ثقافة الجمهور الفلسطيني ووجهات نظره، وتحتل مواقع التواصل الاجتماعي هوامش لم يعد الإعلام التقليدي قادراً على الولوج إليها، فمشاركة المتلقي في عملية النشر، ومقدرته على التفاعل مع المحتويات الإعلامية، جعلها مؤثرة بشكل كبير في حياة المستخدمين وتمتلك القدرة على تحريكهم في اتجاهات محددة لهم من قبل صانع المعلومة أو الخبر.
ويُعرف الشاباك بسمعته السيئة بسبب تورطه في قتل وتعذيب الأسرى الفلسطينيين في السجون. وقد أدانت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب أساليب التحقيق العنيفة التي يمارسها الشاباك، حتى يومنا هذا ضد المعتقلين الفلسطينيين.