تنشأ الحروب بين الأمم أو القبائل في الأمة الواحدة حين يحدث بينهما شقاق على ينبوع ماء أو مرعى وحتى على أمور تافهة مثل حرب البسوس بسبب ناقة امرأة عجوز أو حرب داحس والغبراء بسبب سباق بين فرسين.
بعض الحروب كانت تنشأ بسبب طموحات قائد يحب مد سيطرته خارج سلطانه كطموحات داريوس الذي اكتسح العالم القديم عبر تركيا مرورا ببلاد الشام ومصر ثم الرد الإغريقي عندما ظهور الشاب الاسكندر الاكبر الذي هزم الفرس ووصل إلى تخوم الصين بعد فتح مصر عبر بلاد الشام ولكن لم تلبث امبراطوريته الواسعة ان تقاسمها قواده الذين ورثوه واندثرت عندما غزتها القوة الرومانية الصاعدة التي هزمتها الجيوش الإسلامية التي جاءت من الجزيرة العربة بعد ان وحدت قبائلها المتناحرة دعوة محمد صلى الله عليه وسلم.
وحتى هذه الدولة القوية اصابها ما اصاب القوى التي سبقتها فتراخت أطرافها وضعفت وتقاسمت اجزاءها القوى الطامعة فيها.
في تلك الفترة كان الصليبيون قد وصلوا إلى الشرق الإسلامي الى أن ظهر صلاح الدين فاستطاع تجميع قوة قادرة على مواجهة الصليبيين وقد طالت تلك الحروب لأنها كانت تصل الامدادات والنجدات إلى الطرفين وانتهت أخيرا حتى جاءت قوة جديدة احتلت معظم الوطن العربي واكتسحت اوروبا وبدأت تهرم حتى كانت الحرب العالمية الأولى فغُلبت وتقاسمت الدول الأوروبية المنتصرة أجزاء الأمبراطورية العثمانية غنائم بينها.
استمرت الحرب العالمية الأولى اربع سنوات عجاف واستمرت الحرب العالمية الثانية خمس سنوات قضت على حوالي خمسين مليونا من البشر غير ما اصاب الناس من ويلات ودمار وضيق ودمار. في الحربين العالميتين كانت الإمدادات والتموينات تطيل أمد الحرب حتى تم ضرب اليابان بالقنبلة النووية الأولى فلم تستسلم ولكنها استسلمت بعد القنبلة النووية الثانية.
تسلم الامبراطور الياباني صك الاستسلام من الجنرال الأمريكي ماك ارثر ووقع الوثيقة دون أن يقرأها وعندما سأله ماك آرثر لماذا لم تقرأ صك الاستسلام؟ أجاب الامبراطور: المهزوم لا يقرأ وإنما يوقع فقط!.
من المعلوم ان الحرب تنتهي بعد الضربة القاضية كما يجري في حلبة المصارعة حين يسدد احد الخصمين لكمة قوية إلى الخصم الآخر فيلقيه أرضا فيشعر بعدم القدرة على النهوض وعندها يرفع الحكم يد الفائز.
هكذا هي الحروب سواء في الحرب العالمية أو الحروب القبلية وما يجري في الحرب الروسية – الكورية التي وصفها بوتين ب (العملية الخاصة) لكنها دامت ما يقرب من سنة ونصف السنة ولا تزال تشتد ويستعر أوارها حتى بلغ ضرب العواصم وتدمير المدن قاعا صفصفا ومع ذلك لا تبدو لها نهاية لأن الطرفين يحصلان على الامدادات وزيادة وتيرة التصنيع الحربي كما أعلن بوتين عن بناء مصنع المُسَيَّرات الحربية في روسيا نفسها وإن الإنتاج سوف يكون في أيار من العام القادم وبما تنتجه ايران، كما تذكر أمريكا وأوكرانيا، والاستعانة بالإمدادات الصينية. أما أوكرانيا فإن الامدادات الامريكية والاوروبية بالسلاح والمال بلغ درجة التشبع مما جعلها تقف في وجه (الدب الروسي) بالرغم من درجة التسلح المخيفة التي لا ينفك يعلن عنها بوتين منذ بداية الحرب.
والسودان أيضاَ تصله الإمدادات
ولولا الامدادات التي تصل الى طرفي الصراع في السودان وخصوصا إلى (قوات التدخل السريع) لما طال أمد الحرب التي بدأت منذ 15 نيسان الماضي ولما حل بالسودان هذه المحنة الطامة التي حلت بالمواطنين الأبراياء من التشرد والجوع والحرمان ونهب الممتلكات والضياع والبحث عن جرعة الدواء وقطرة الماء والحصار بين الطرفين المتحاربين كما يجري في غرب كردوفان وفي مدينة الجنينة كما تنقل الاخبار.
في مقالي السابق الذي نشرته في القدس الغراء يوم الأحد 28\5\2023م صفحة 9 قد أشرت إلى موضوع تدفق السلاح وتدخل الدول الأجنبية: (من الواضح ان السلاح يتدفق على الطرفين المتصارعين كما جاء في الأخبار واتهمت الولايات المتحدة، مجموعة فاغنر الروسية، بتزويد قوات الدعم السريع في السودان بصواريخ أرض جو. وقد ضبطت السلطات السودانية أسلحة قادمة من البحر الأحمر ولم تحدد المصدر، وطرق تدفق السلاح كثيرة ومتشعبة حيث يحد السودان أكثر من ثماني دول من جميع الجهات.
تدخل الدول اٌلإقليمية والعالمية سوف يكون له الدور الأهم في تأجيج نيران الصراع وشدة محنة السودان وحمى الله السودان وغير السودان من المحن والصراعات المدمرة).