يبدو أن موجه متصاعدة ومتسلسلة من سياسات البلديات الغربية لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي بدأت بالتنامي هذا العام. وبُرّرت كل هذه السياسات نتيجةً لإرتكاب الاحتلال الاسرائيلي جرائم الفصل العنصري “الأبارتهايد” بحق الشعب الفلسطيني، وإنتهاكاته المتكررة لحقوقه. وفي السياق، أعلنت مدينة فيرفييتوا البلجيكية مؤخراً عن قطع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي. وفي نيسان الماضي، قرر مجلس مدينة لييج البلجيكية تجميد علاقاته مع الاحتلال الإسرائيلي. وفي نفس الشهر، أعلن رئيس بلدية بيليم في البرازيل تجميد العلاقات المؤسساتية كافة مع الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك إلغاء اتفاقية التوأمة مع “تل أبيب”. كما قررّت العاصمة النرويجية أوسلو، إستبعاد الشركات التي تساهم في الاستيطان الإسرائيلي. وفي فبراير الماضي، قرّر رئيس بلدية برشلونة، تعليق الروابط المؤسساتية مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. كما أن هنالك إجراءات مماثله في العديد من البلديات الاسترالية والنيوزلندية للاعتراف بدولة فلسطين ومقاطعة الاحتلال بإعتباره نظام فصل عنصري.
من الواضح أن هذه الموجة تتصاعد بشكل ملفت، وهي تعكس في مجملها تحولات في الرأي العام الدولي لصالح عدالة القضية الفلسطينية، كما أنها تعكس المأزق الذي تعيشه دولة الاحتلال في ظل تنامي الفاشية والعنصرية الممارسة ضد الشعب الفلسطيني لاسيما في إطار حكومة الصهيونية الدينية الحالية.
ومن أجل الحفاظ على إستمرار موجة مقاطعة البلديات الغربية للاحتلال، وإستثمار هذه الخطوات لصالح المشروع الوطني الفلسطيني، هنالك بعض الخطوات والإجراءات المطلوبة من قبلنا، وأهمها:
أولاً: إجراء مزيد من الدراسات حول العوامل البيئية التي دفعت هذه البلديات للإقدام على مقاطعة الاحتلال، حيث أن تحليل هذه العوامل سيساعد في توفير الظروف الملائمة لتكرار عمليات المقاطعة في بلديات أخرى.
ثانيا: التحرك العاجل لتكريم البلديات الأجنبية التي قاطعت دولة الاحتلال وإعادة إنتاج علاقات توأمة فاعلة بينها وبين البلديات الفلسطينية على قاعدة التضامن الدولي.
ثالثا: قيام البلديات الفلسطينية في إطار من تنسيق الجهد الموحد بالطلب من البلديات الأجنبية التي تحتفظ بعلاقات توأمة معها بمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي وتقديم كافة الوثائق المطلوبة لفضح سياسات الاحتلال التنكيلية والعنصرية بحق الشعب الفلسطيني.
رابعا: تعزيز التشبيك بين الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الشعبية في حقل مناصرة البلديات الغربية للقضية الفلسطينية ومقاطعة الاحتلال.
إن ما يدفعنا الى التفاؤل هو قوة الحق الفلسطيني وضعف وهشاشة الموقف الإسرائيلي العنصري. وفي النتيجة، فإنه من الواضح أن البلديات الغربية تتحرك لصالحنا أكثر من دولها، وهذا متوقع، ولكنه في نفس الوقت يشجعنا على مزيد من التحرك الدولي على صعيد البلديات من أجل خلق لوبي ضاغط دولي يستطيع تغيير سياسات الدول الغربية لصاح قضايانا العادلة؛ وأهمها التصويت لصالح قبول فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، وهو المتوقع إجراؤه مع نهاية العام الجاري.