بعد خمسة أيام من غرق القارب “جود يوريا” في بحيرة ماجوري بشمال إيطاليا، في حادث قتل فيه أربعة أشخاص من بينهم ضابط كبير سابق بالموساد الإسرائيلي- لا تزال تفاصيل جديدة تظهر حول ما عرف إعلاميا بـ “كارثة عملاء المخابرات”.
نشرت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، صباح اليوم الجمعة، أن ضباط المخابرات الإسرائيلية والإيطالية، شاركوا في “عملية ضد انتشار الأسلحة غير التقليدية”.
ووفقًا للتقرير، فقد نفذوا إجراءات تهدف إلى منع “العناصر المعادية” من الحصول على أسلحة الدمار الشامل، وخاصة الأسلحة النووية والأسلحة البيولوجية والتكنولوجيات المتقدمة التي يمكن بالفعل استخدامها من قبل الصناعات المدنية – ويمكن أيضًا استخدامها لأغراض عسكرية مثل الصواريخ الباليستية – أي التقنيات “ذات الاستخدام المزدوج”.
من جانبها، كشف مسؤولون في روما لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن وجود 13 عنصرًا من الموساد وثمانية من رجال المخابرات الإيطاليين على متن القارب لم يكن ترفيها على الإطلاق، بل عملية تهدف على ما يبدو إلى العمل ضد هدف واحد وهو إيران.
وقالت المصادر إن “كل اتجاهات التحقيق وجميع التقارير التي وصلت، رغم عدم تحقق رسمي ودون القدرة على تأكيدها، تشير إلى أن إيران هي هدف عملية الموساد”.
وبحسب تقديرات “لا ريبابليكا”، فإن العملية التي انتهت بكارثة مأساوية على البحيرة بسبب عاصفة قوية ومفاجئة كانت تهدف إلى منع وصول هذه التقنيات “ذات الاستخدام المزدوج” إلى “دولة في الشرق الأوسط الشديدة الاهتمام بالحصول على المواد الاستراتيجية”. وكتبت الصحيفة أيضا أنه “لا جدوى، كما في جميع قصص التجسس، من البحث هنا لتأكيد هذه التقارير”.
وأوضحت الصحيفة أن الغرق كان بالفعل حادثا، لكنه أدى إلى الكشف عن عملية سرية قامت بها فرق أجهزة المخابرات وتسريب أجزاء من المعلومات التي “لم تكن كل خطط التستر والتعتيم قادرة على منعها”.
وقالت حتى الإجراءات السريعة لـ “عناصر التنظيف” التابعة لأجهزة المخابرات لطمس كل الآثار من الميدان، بما في ذلك الهروب السريع لجميع العملاء من البلاد ومحاولة محو أي أثر لنشاطهم، لا يمكنها الآن منع العديد من الأسئلة. علاوة على ذلك، بدأت النيابة العامة في إيطاليا التحقيق في القضية رسميًا”.
وذكرت الصحيفة أيضا أن حقيقة الكشف عن اسمي الضحيتين الإيطاليتين والعدد الكبير من العملاء من كلا البلدين الذين شهدوا الحادث كاف لفهم وتقدير أن هناك عملية طويلة ومعقدة جارية هنا، والتي تضمنت “عمليات مراقبة ديناميكية” استمرت لأيام حتى تحقق الهدف.
تقدر الصحيفة أن العملية ربما نجحت في تحقيق أهدافها، لكن كان من المفترض أن تظل مجهولة تمامًا. وكتبت: “كان كل شيء على ما يرام، باستثناء الحفلة الختامية”، وذهبت إلى أن “الرحلة في الأمسية المصيرية على القارب ربما كانت تهدف إلى أن تكون بمثابة رحلة للاحتفال بعملية ناجحة. لكن الآن، بعد وقوع الكارثة، يعرف أولئك الذين كانوا هدفًا للعملية من استهدفهم”.
بدوره، قال رونين بيرغمان الصحفي في “يديعوت أحرونوت” إن ضابط الموساد الذي قُتل في الحادث ينتمي إلى وحدة مسؤولة عن الاتصال السري بأجهزة المخابرات الأجنبية. هذا وفقًا لمسؤول أمني كبير سابق فضّل عدم الكشف عن هويته للصحيفة.
وقال المصدر ذاته إن الموساد والمخابرات الإيطالية يتعاونان في القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل مكافحة الإرهاب أو جمع المعلومات حول المشروع النووي الإيراني.
أطلق على الحادث المأساوي في إيطاليا “كارثة عملاء المخابرات”. ونشرت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية مقتطفات من شهادة مالك القارب الناجي، كلاوديو كريمانتي، اليوم لأول مرة، والذي غرقت زوجته مع رجل الموساد وعميلي المخابرات الإيطاليين، ووفقًا للتقارير، كان الآخرون الحاضرون أيضا ضباط استخبارات من إسرائيل وإيطاليا.
وكانت وسائل إعلام عبرية، أفادت أن الضابط الإسرائيلي المتوفى عمره 50 عاما، وأن على متن القارب كان عشرة ضباط مخابرات إسرائيليين آخرين نجوا من عملية الغرق، ونقلوا على وجه السرعة على متن طائرة عسكرية وفي رحلة خاصة لإسرائيل.
ونقلت صحيفة “معاريف” عن وسائل إعلام إيطالية أن الحادث وقع خلال لقاء بين ضباط مخابرات إسرائيليين وإيطاليين تبادلوا خلاله معلومات ووثائق سرية، لافتةً إلى أنه تم إخلاء المصابين من الطليان من المستشفيات لمكان آخر سري، فيما تم إخلاء فوري للشقق التي أستأجرها الإسرائيليون لمحو أي إمكانية للتعقب.