مع استئناف الهجمات الفدائية الفلسطينية في الضفة الغربية، زادت الانتقادات التي يوجهها المستوطنون ضد جيش الاحتلال، واتهامه بالإهمال في حمايتهم، والعجز أمام منفذي العمليات، معتبرين أن مواصلتها يضع المستوطنين تحت الضغط والقلق، وأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتجاهلهم.
شارون كيدون مراسلة صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلت عن “ضابط أمن مستوطنة غلبوغ، يانيف بن شيمول، أن معجزة فقط تمنع وقوع كارثة في حوادث إطلاق النار في الأيام الأخيرة، ولو سقطت الرصاصة داخل المنزل لأسفرت عن مقتل عدد منهم، نحن نجلس أمام خط التماس مباشرة، ومحطة الجلمة ومداخل جنين، لذلك نسمع كل طلقة وكل ضوضاء صغيرة في المنطقة، هناك عشرات التجمعات التي يتم استهدافها كل يوم بعمليات إطلاق النار: شاكيد، ميفو دوتان، معاليه جلبوع، ميراف، وأصبحت جميعها اتجاهًا جديدًا لإطلاق النار”.
وأضاف” أنه “حتى لو كان إطلاق النار غير فعال، فإنه يزعجنا، ويضع المستوطنين تحت الضغط والقلق، لسنا أمام تسديدة فعالة من ميل ونصف، لكن الرصاصة إذا سقطت، فهي تقتل، مما يجعلنا في حالة تلقي تقييمات موجودة في كل وقت، ونتلقى هذه التنبيهات باستمرار، ومنذ اللحظة التي بدأت فيها عمليات إطلاق النار المتقطعة، فقد تغيرت استعداداتنا الأمنية، ولذلك قمنا بزيادة اليقظة، وفريق الاستنفار، ورغم أن “غان نير” أكبر مستوطنة مجتمعية، فإن فريق الأمن يضم ثلاثة فقط”.
وقال “أنا وحدي في مستوطنة من 720 أسرة، ولديّ وظيفة بدوام جزئي، ووزارة الحرب تتجنبنا منذ سنوات، ليس لدي أي مزايا خاصة، وأعمل بدوام جزئي على الورق، لكنني هنا الآن مستيقظ لمدة 24 ساعة متواصلة، ولم أنم في الليل، لأن كل شيء يحترق في قلوبنا، نحن في توتر كل ساعة، وكل دقيقة”.
رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنة غلبوع، عوفيد نور، قال إن “الحكومة لا تفعل ما يكفي لحماية المستوطنة، مع أن قطاع جنين هو الأسخن، وللأسف لم يتم تضمينه في العملية الأمنية التي تقوم بها وزارة الحرب الآن، المنظومة الأمنية تتخلى عنا، أنا أتقدم بشكاوى للحكومة ووزير الحرب بأن الدولة تتجاهل المخاطر المحدقة بنا، رغم تزايد محاولات إيذاء المستوطنين، وعنوان العملية القادمة مكتوب على الحائط، ونطالب بأن يكون الحل لمنع إطلاق النار كلياً، صحيح أن الجدار قلّص العمليات، لكنها مستمرة”.
إليشع بن كيمون مراسل شؤون المستوطنات في صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقل عن “قادة مستوطنة حرميش قرب طولكرم التي قُتل فيها مائير تماري بالرصاص، اتهامهم بوجود فشل أمني، ويحاولون فهم سبب عدم تأمين المحور الأمني، ولذلك فإن المشاعر صعبة للغاية في المستوطنة، إنها تسحق الإحساس بالأمن، ونحن نصرخ منذ عدة سنوات أنه لا يوجد أمن هنا، لدينا أربعة جنود في المستوطنة، المحور هنا غير آمن، ليس لدينا سوى حارس عند مدخل المستوطنة”.
ونقل عن رئيس مجلس المستوطنات يوسي داغان، أنه “أمر مخزٍ أن الأمن يتحرك فقط بعد وقوع كارثة، ثم يتذكرون فجأة، ويتعهدون بأننا سنكون متيقظين، محزن هذا الأمر، الفشل الأمني في المنطقة بات ضخماً، هذا أكبر خطأ فادح من الجيش، لو كان هناك جنود، لما حدث هذا، حتى سنوات قليلة مضت تم تأمين المستوطنات شمال الضفة الغربية 24 ساعة يومياً، ولكن منذ الانسحاب منها بات هذا القطاع يزداد سخونة، وسيكون هناك فوضى أمنية التي كان يجب أن تشعل الضوء الأحمر لدى الجيش”.
تكشف هذه الاعترافات حول العجز عن مواجهة الهجمات الفلسطينية الأخيرة عن شبه اعتراف بفشل القضاء على المقاومة؛ لأنها أكدت أن الجيش والشاباك لن يكون بمقدورهما وضع حدّ نهائي لها بوسائل القوة، مما يحمل إقراراً بعجز القوة الإسرائيلية في القضاء عليها، وتحضيرا لمرحلة قادمة من التصعيد فيها، مع تزامنها مع تصاعد الاستفزازات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.