ظاهرا كان الخطاب يتناقض وأيديولوجيته طويلة السنين، فمن أين ولد الخطاب؟”. وأوضح أن الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، الذي دخل البيت الأبيض في 2009، كان ديمقراطيا صاحب أراء ليبرالية، في زيارته الأولى للشرق الأوسط، تجاوز إسرائيل وهبط في مصر، وكان خطابه الأول في جامعة الأزهر بالقاهرة يوم 4 حزيران/ يونيو 2009، وفيه أعرب عن تأييده لحل الدولتين للشعبين، من أجل إنهاء النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وشدد أوباما على أن الوضع الذي لا يكون فيه للشعب الفلسطيني دولة، هو وضع لا يطاق، وأن تطلعات الفلسطينيين للدولة وللكرامة هي تطلعات شرعية”. ونبه شافيت، إلى أن “قرب الموعدين بين خطاب أوباما في القاهرة وخطاب “بار إيلان” لنتنياهو، يشرح لماذا تناول الأخير علنا حل الدولتين، كما أن اختيار جامعة “بار إيلان” لم يكن صدفة، ولكن ليخلق تماثلا مع خطاب أوباما، لقد فهم نتنياهو أنه سيحتاج لأن يتعايش مع أوباما لولاية واحدة على الأقل، ولاحقا تبين أنه عاش مع أوباما ولايتين حتى 2017،
وفهم نتنياهو في مسألة النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، أنه محظور عليه أن يحطم الأواني منذ بداية ولاية الرئيس الأمريكي، وبالتالي فإنه أبدى استعدادا للبحث في حل الدولتين، مع العلم مسبقا، أنه في سياق الطريق لا بد أنه سيجد “الابتكار” لقتل الموضوع، مثلما حصل أيضا”. وتساءل: “ما هو “الابتكار” الذي وجده نتنياهو لقتل فكرة الدولتين؟”، منوها إلى أن ” نتنياهو في عقله اللامع، وضع ميزان قوة جديدا في أوساط الشعب الفلسطيني، ببطء وبتدريج جفف السلطة الفلسطينية وبالتوازي تقوى حماس، وبهذا الشكل حاول أن يتحكم بشدة النزاع وبمستوى اللهيب في قطاع غزة، ولما كانت حماس ليست أكثر من “منظمة إرهابية” (بحسب النظرة الإسرائيلية)،
فالعالم لا يمكنه أن يضغط علينا لنتقدم في المسار الفلسطيني.. لطالما كانت غزة تشتعل في نظر مفكر عسكري تاريخي واجتماعي حقا بمستوى الجنرال الباروسي كارل فون كلاوزفتس”. وأشار رئيس “الموساد”، إلى أنه في العشرين سنة الأخيرة، كانت هناك 18 جولة قتال في القطاع، عدوان كل سنة تقريبا، متسائلا: “ما هو الهدف الاستراتيجي لهذا؟، لا يوجد دليل أفضل على تأكيد النظرية من أقوال بيبي (نتنياهو) نفسه. ففي جلسة “الليكود” في الكنيست، عندما شرح أن نقل المال القطري لغزة التي تديرها حماس، هو جزء من استراتيجية الفصل بين الفلسطينيين في غزة والضفة، وهكذا نحبط إقامة دولة فلسطينية، وفي هذه اللحظة يستيقظ كلاوزفتس من قبره ويسأل: ’لكن ما هي نهاية اللعبة؟‘ نتنياهو لا يجيب، لكنه على أي حال يفكر بينه وبين نفسه: بعدنا الطوفان”.
وأضاف: “ما هي الأثمان التي تدفعها إسرائيل على استراتيجية ليست أكثر من صيانة، دون أي أمل أو توقع لمستقبل أفضل؟”، منوها إلى أن “المستوطنين في غلاف غزة هم “الحائط الحديدي” لنتنياهو، يتكبدون الخسائر في الأرواح والممتلكات، وضياع جودة الحياة للأجيال، هذا هو الثمن الأول”. والثاني؛ “بيبي بكلتي يديه يبني حماس كوريثة لمحمود عباس (رئيس السلطة)، نحن مع الأخير يمكن الحديث بالسلام، ومع حماس، ستأكل الحراب إلى الأبد”،
وأما الثالث فهو “ضياع ردع الجيش الإسرائيلي، كون الجيش ليس له إلا تكتيك واحد؛ جولة قتال لعدة أيام والعودة إلى وقف النار”. والثمن الرابع، “خلق ائتلاف مخيف من الأعداء، وقد ثبت منذ الآن لغة جديدة ومهددة وهي “سيناريو متعدد الساحات”، يبدأ في إيران ويغطي كل الأراضي الإقليمية حتى البحر المتوسط”. ولفت شافيت، إلى أن “نتنياهو جرب استراتيجيته التجفيف في ساحة أخرى، الأردن.. و”السلام” بين الأردن وإسرائيل بني على مدى عشرات السنين، وهذا يعني بيبي كما يعنيه ثلج العام الماضي،
وخيرا أنه لم ينجح في تحقيق هذه الخطوة”. وتساءل مجددا: “كيف نخرج من المستنقع الغزي؟ باختصار شديد يجب أن نختار واحدة من الإمكانيتين التاليتين: الأولى، انتظار عودة أمريكية للشرق الأوسط، وإقامة محور إقليمي جديد من الدول العربية المعتدلة، بما فيها إسرائيل، ودور هذا المحور سيكون إعادة الاستقرار للمنطقة، صد إيران والدفع قدما لإنهاء النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، والثانية، انتظار اللحظة المناسبة لتصفية حماس في غزة”.