قبل أيام حاسمة من انتخابات الإعادة نحو الرئاسة في تركيا، تتصاعد الخلافات داخل حكومة رجب طيب أردوغان، حول جدوى برنامجه الاقتصادي الحالي غير المستدام.
ويبحث فريق من أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، تبني سياسة اقتصادية جديدة، إثر خلافات بين مسؤولين كبار حول السياسات الاقتصادية الحالية.
وقالت أربعة مصادر لرويترز، إن أردوغان ليس مشاركاً بشكل مباشر في المحادثات. وعلى الجانب الآخر، هناك مسؤولون وأعضاء في مجلس الوزراء صرحوا علناً أنهم يريدون التمسك بالبرنامج الحالي لتعزيز الصادرات، والنمو الاقتصادي من خلال خفض أسعار الفائدة.
وتسببت سياسات أردوغان الاقتصادية إلى فقدان الليرة التركية 80% من قيمتها على مدار السنوات الماضية، وعودة الرئيس المنتهية ولايته مجدداً إلى الرئاسة تضع الاقتصاد برمته على المحك، في ظل تراجع الاحتياطيات الأجنبية.
ويقول محللون إن تركيا قد تواجه انهياراً اقتصادياً آخر في وقت لاحق، مما سيؤدي إلى ارتفاع التضخم مرة أخرى ما لم تغير الحكومة مسارها. وقال مسؤول كبير قريب من الاجتماع الدائر بين أعضاء التنمية والعدالة، “إنهم يدرسون نموذجاً اقتصادياً جديداً … لأن النموذج الحالي لا يمكن أن يستمر”. ولم يقدم المجتمعون بعد الخطة الكاملة إلى أردوغان.
ويطرح زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو، برنامجاً اقتصادياً يعاكس برنامج أردوغان ينادي بالعودة إلى السوق الحرة، لتشجيع المستثمرين الدوليين. وبحسب وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، فإن تغيير تصنيف تركيا الائتماني الحالي “B سالب”، يعتمد على سياسة ما بعد الانتخابات، إن كانت “ستصبح أكثر مصداقية وثباتاً” في ظل الضغط على الليرة، وتراجع الاحتياطيات، وارتفاع التضخم.
نفاد الاحتياطي
وقدر 5 مصرفيين “لرويترز”، أن صافي الاحتياطي الدولي للبنك المركزي التركي من المرجح أن يتحول إلى سلبي خلال أسبوع، وهي المرة الأولى من نوعها منذ 21 عاماً.
وبحسب البيانات، انخفض صافي الاحتياطيات النقدي بمقدار 4.5 مليار دولار في 12 مايو (أيار) إلى 2.3 مليار دولار. ووفقاً للتقديرات، تراجع صافي الاحتياطيات مرة أخرى بمقدار 2.5 مليار دولار، لينخفض إلى ما دون الصفر للمرة الأولى منذ 21 عاماً.
وكان صافي احتياطي البنك المركزي غير التبادلي عند مستوى سالب 57.8 مليار دولار في 12 مايو (أيار). وباع البنك المركزي التركي أيضاً 9 مليارات دولار من الذهب منذ مارس (آذار) لتلبية الطلب قبل الانتخابات.
وتزايدت نفقات الحكومة بشكل كبير بفعل الوعود الانتخابية، حيث يتخوف الجميع من حجم الفيضان الاقتصادي الذي سيعصف بتركيا عقب الانتخابات.
تدهور جديد لليرة
ومؤخراً ارتفع الدولار أمام الليرة مسجلاً 19.85 ليرة رغم التدخلات السرية للسلطة الحاكمة في سعر الصرف وسط غموض حول مدى الارتفاع الذي سيشهده سعر صرف الدولار أمام الليرة عقب الانتخابات الرئاسية.
وفي حال إعادة انتخاب أردوغان فإن أفضل السيناريوهات تتوقع تراوح سعر الدولار بين 25 -26 ليرة خلال بضعة أشهر.
ويرى خبراء الاقتصاد أن الدولار سيختم العام الجاري عند مستوى 30 ليرة استناداً على تصريحات أردوغان الأخيرة التي أكد خلالها المضي قدما في النموذج الاقتصادي الجديد الذي يرتكز على خفض سعر الفائدة باعتبارها المسبب للتضخم.
من جانبه نشر رئيس السياسات الاقتصادية بحزب الجيد، بيلجه يلماز، تغريدة عبر تويتر أثار خلالها تحذيرات مهمة.
نتائج وخيمة
وذكر يلماز أن احتياطي البنك المركزي يوشك على النفاذ، وأضاف قائلًا: “كل شهر نسجل عجزاً بنحو 8 -9 مليار دولار والشركات تطلب الدولار كي تواصل إنتاجها وتجارتها في حين أن المواطنين يطلبون الدولار لعدم ثقتهم بالنظام”.وتساءل يلماز، كيف سيوفر أردوغان احتياجات السوق من الدولار عقب انتهاء الانتخابات حال إعادة انتخابه قائلًا: “بالتأكيد لن يتمكن من توفير وسيوسع القيود على رؤوس الأموال، فمن حدد مبيعات الدولارات للشركات عند مستوى 5 آلاف دولار يومياً قد يحظرها تماماً خلال أسبوع. نتائج هذا ستكون وخيمة على الجميع، إذ سيتوقف الاقتصاد وستفلس الشركات وستظهر السوق السوداء وسترتفع معدلات البطالة. لا تزال أمامنا فرصة للنجاة من الانهيار الاقتصادي بأقل الخسائر. دعونا لا نهدرها”، وفقاً لما ذكرته صحيفة “زمان”.