تتزامن مسيرة الأعلام التي يقوم بها الإسرائيليون في القدس العربية المحتلة مع يوم الاحتفال باحتلال القدس وضمها لإسرائيل بالقوة من طرف واحد، اليوم الذي أسموه يوم القدس. والجديد هذا العام هو أن مسيرة الأعلام التي ستُجرى بالقدس غدا ً، إن تمت كما هو مخطط لها دون إزعاج، ستُشكل أول شرعنة فلسطينية وعربية لهذه المسيرة بحكم الأمر الواقع.
ولكيلا يغضب أحد مما أقول فإنني أود توضيح ما يلي: لقد بدأت هذه المسيرة منذ سنين وكان مسارها من باب الخليل أو ما يعرف بباب يافا الى حائط البراق / المبكى. ثم تغير مسارها الى باب العمود وطرأ تغيير عليها بحيث أدخلت عليها رقصة الأعلام في ساحة باب العمود التي تحولت في السنوات الأخيرة الى رمز للمقاومة الفلسطينية لوقوع العديد من عمليات الطعن فيها من قبل بعض الشباب، ولأنها أصبحت مكان تجمع للشباب الفلسطيني في المناسبات الوطنية والدينية، ولا شك بأن تحويل مسار مسيرة الأعلام الى ساحة باب العمود والرقص الاستفزازي فيها بالأعلام الإسرائيلية، ليس أكثر من محاولة لدمغ المكان بالصبغة اليهودية وتشويش الصورة الوطنية الفلسطينية التي ترسخت في الأذهان عن رمزية فلسطينية المكان.
ومسيرة الأعلام ليست مجرد مسيرة احتفالية وإنما تتميز بالغوغائية والهتافات والأغاني والرقصات الاستفزازية والنداءات والشعارات المعادية للعرب كقول “الموت للعرب” والاعتداءات على الدكاكين والمحلات العربية التي في الشارع والسوق الذي تسير فيه، علما ً بأن الشرطة الإسرائيلية بدلا ً من ضبط الرعاع ولجم اعتداءاتهم على العرب تقوم بإرغام العرب على إغلاق محلاتهم التجارية بزعم حمايتهم!
لم يكن الدخول الى ساحات المسجد الأقصى في الماضي على برنامج هذه المسيرة وعندما تم إرباك هذه المسيرة قبل عامين واطلاق صواريخ على منطقة القدس كان ذلك رفضا ً لمرور المسيرة من باب العامود والأحياء العربية والاعتداء على العرب.
الجديد هذا العام هو أن بعض الأصوات اليمينية المتطرفة بدأت تتحدث عن طلب الدخول الى ساحات المسجد الأقصى مما استجلب ردود فعل فلسطينية تهدد وتتوعد اذا تم الدخول الى ساحات المسجد الأقصى!
وبعبارة أخرى تحول الرفض والاحتجاج من أن يكون ضد الدخول من باب العمود والأحياء العربية الى الاحتجاج ضد الدخول الى ساحات الأقصى. أي وكأن لسان الحال يقول: لا ضير إن دخلتم من باب العامود وسرتم عبر السوق والأحياء العربية وقمتم بالاعتداءات والاستفزازات ضد العرب الذين تمرون من أمام محلاتهم وبيوتهم، ولكن لا تدخلوا الى ساحات الأقصى!
واذا سمح المرءُ لخياله أن يُسافر نحو الأعوام القادمة، فإنه يمكن تخيل أصوات يهودية متطرفة تُطالب حينها بدخول مسيرة الأعلام الى داخل المسجد وعندها قد يكون هناك من سيهدد بإطلاق الصواريخ إذا دخلوا المسجد، ويغض النظر عن الدخول الى ساحات المسجد الأقصى، كما يجري الآن من غض للنظر عن الدخول من باب العمود والسير عبر الأحياء العربية شريطة أن لا يدخلوا ساحات المسجد. ولا غرابة اذا طلع علينا أحدهم بعد أيام وتبجح بالنصر لأنه منع المسيرة من دخول ساحات الأقصى.
أليس هذا هو كي للوعي وتطبيع للاستمرار في انتهاك الحرمات المقدسية؟