بين القبور وسجون الاحتلال، تقضي عائلة الزبيدي في مخيم جنين، أيام عيد الفطر السعيد في ظل استهداف الاحتلال لكوكبة من أبنائها، الذين لم يسلموا من الملاحقة على مدار الساعة.
وربما يكون عيد الفطر الحالي الأصعب والأقسى والأكثر ألماً، كما يصفه المحرر جمال الزبيدي، الذي أشار إلى أن هذا العيد الأول بعد اغتيال داود محمد الزبيدي، واستشهاد نعيم جمال الزبيدي، واعتقال الشقيقين يحيى وجبريل الزبيدي، يضاف إليهم سلسلة من الشهداء من أفراد العائلة وبني العمومة.
طوال أيام رمضان، تكررت صور الألم في حياة العائلة على موائد الافطار والسحور في غياب الأحبة، ولن تختلف الصور كما يقول المحرر جمال “في العيد تتفتح جراحنا التي لن تندمل، فمنذ بداية الاحتلال، لم يسلم أحد من عائلتنا من الاستهداف والقمع”، مشيرًا إلى أنه تعرض هو الآخر للاعتقال مرات عديدة، وقضى خلف القضبان أربعة سنوات، عاش خلالها ظروف السجون الصعبة وأثارها على الأسير وأسرته.
ويقول: “شقيقي محمد كان من أوائل المناضلين والمعتقلين وضحايا الإهمال الطبي، فاستشهد بعد تحرره بسبب المرض، ومرت السنوات، وأصبح أبناءه مناضلين، عاشوا تجربة المطاردة والإصابة والأسر، وهم عبدالرحمن، ويحيى، وزكريا، وداود، وجبريل الذين تحرروا بعد رحلة معاناة وصمود”، مشيرًا إلى أن عائلته قدمت العديد من الشهداء.
أسيراً ومطاردًا وشهيداً ..
يعتبر نعيم، الثالث في أسرة المحرر جمال الزبيدي المكونة من 7 أفراد، وقد أنجبته والدته خلال اعتقال والده في سجن جنيد، ويقول الزبيدي: “نغص الاحتلال علينا فرحتنا بولادة نعيم، حيث كنت رهن الاعتقال الإداري، وعندما اعتقل نعيم بعدما كبر وتزوج كانت زوجته حامل في الشهر الثالث، وكوالدها أبصرت طفلته إيلياء النور وهو في سجون الاحتلال، وتبلغ حالياً من العمر 8 أشهر ولم يراها والدها خلال أسره”.
ويشير الزبيدي إلى أن نجله نعيم عاش تجربة الأسر عدة مرات، بدأت عام 2015 وقضى خلالها ثلاثة أشهر، وتكررت اعتقالاته خلال أعوام 2018، و2019، ويقول: “قضى 4 شهور وتحرر واستعاد حياته الطبيعية، وتزوج وأسس أسرة خلال شهر آذار عام 2020، لكن الاحتلال كان له بالمرصاد، اقتحم منزله فجر في العشرين من تموز 2020، وبعد تحطيم محتوياته وتدمير الأثاث اعتدى الجنود بالضرب عليه وعلى شقيقه أنطون، واعتقلوهما ونقلوهما لحاجز الجلمة وبعد ساعة أفرج عن انطون الذي نقل بسيارة اسعاف للمشفى من أثار الضرب، ونقلوا نعيم لأقبية التحقيق ونغصوا فرحة زوجته الحامل بجنينه الأول، ولم يهنأ بزفافه وحرمه الاحتلال هذه الفرحة التي لم تكمل لدى العائلة جميعها”.
يوضح المحرر الزبيدي، أن نعيم عانى في اعتقاله الكثير بسبب التحقيق والتعذيب ثم الحكم، وبعد تحرره في 10-6-2022، عاد لحياته الطبيعية، حتى استهدفه الاحتلال مرة أخرى، واستشهد فجر 1-12-2022، خلال اشتباك مسلح مع الوحدات الخاصة على مشارف المخيم، كما استشهد رفيقه محمد السعدي في نفس العملية العسكرية، وبتاريخ 28-2-2023 أنجبت زوجة نعيم طفلتهما الثانية، والتي حملت اسم والدته سناء بعد وصيته.
الشهيد داود الزبيدي ..
قبل استشهاد نعيم، ارتقى ابن عمه المقاوم داوود الزبيدي مؤسس وقائد لواء الشهداء في كتائب شهداء الأقصى بتاريخ 15-5-2022، في أحد المستشفيات الاسرائيلية بعد يومين من اصابته برصاص الاحتلال خلال عدوانه على مخيم جنين، وهو أسير محرر قضى 12 عاماً باعتقالات مختلفة، كما أنه زوج شقيقته (الشهيد نعيم)، والذي شكل اغتياله خلال علاجه في المشافي الاسرائيلية صدمة كبيرة لعائلته التي اتهمت الاحتلال بتصفيته واعدامه بشكل متعمد، خاصة في ظل احتجاز جثمانه حتى اليوم.
وسرد الزبيدي العديد من حالات الاعتقال التي طالت أبنائه خاصة بالاعتقال الإداري، مشيرًا إلى خوضهم معركة الأمعاء الخاوية سابقًا.
ويقول والده “لطالما تمنينا كعائلة أن نعيش حياتنا بشكل طبيعي واجتماع شملنا جميعاً دون منغصات الاحتلال، فلا تكاد تمر فترة أو سنة، دون استهداف واعتقال، وفي بعض السنوات غيب الاحتلال ثلاثة من أبنائي في سجونه الظالمة”.