أكدت شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي “أمان”، أن خطر اندلاع حرب واسعة في السنة المقبلة في تزايد، رغم أن الأطراف؛ إيران وحزب الله وحركة “حماس” ليسوا معنيين بذلك.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، أن “احتمالية أن تجد إسرائيل نفسها في السنة القادمة في حرب حقيقية، ازدادت بدرجة كبيرة في الأشهر الأخيرة، وهذا هو استنتاج شعبة الاستخبارات، وهو استنتاج معروف لكبار ضباط الجيش ولمتخذي القرارات في المستوى السياسي”.
وذكرت أن “الاستخبارات العسكرية لا تتحدث عن احتمالية عالية لحدوث حرب، وحتى الآن تعتقد أن إيران وحزب الله وحماس غير معنيين بالضرورة بمواجهة مباشرة وشاملة، ولكن يبدو من الواضح أنهم مستعدون للمخاطرة والمقامرة بنشاطات عدائية أكثر جرأة، وبسبب أيضا أنهم يعتقدون أن إسرائيل ضعفت في ظل الأزمة الداخلية الشديدة، التي قللت مجال مناورتها الاستراتيجية”.
وعلى هذه الخلفية، تقدر الاستخبارات العسكرية بأنه قد “تعززت احتمالية أن سلسلة مواجهات في ساحات مختلفة من شأنها وبدون نية مسبقة، أن تشتعل وتصل لحرب واسعة متعددة الجبهات، هذه هي نفس “العاصفة الكاملة” التي يتحدث عنها رجال الاستخبارات منذ بضعة أشهر؛ وهي تتفق مع تداعيات الاختلاف حول محاولة حكومة نتنياهو أن تخرج لحيز التنفيذ الانقلاب النظامي”.
وقالت: “في الخلفية يتحقق جزء كبير من التقديرات بخصوص شهر رمضان الذي سينتهي بعد عشرة أيام. وخلال هذا الشهر، كان هناك صدامان عنيفان بين الشرطة والمصلين في المسجد الأقصى (الصاعق الرئيسي الذي أشعل النار)، عمليات كان فيها قتل في غور الأردن وتل أبيب وإطلاق الصواريخ من لبنان وسوريا وغزة”.
وأكدت “هآرتس”، أن “المسجد الأقصى سيواصل وقوفه في مركز الاهتمام أيضا قبل انتهاء رمضان، على خلفية تقاطع الأعياد”، منوهة أن “التصعيد في رمضان اندمج مع ثلاث عمليات رئيسية أدت إلى تغيير المحيط الاستراتيجي لإسرائيل وهي؛ تقليص الاهتمام الأمريكي بما يحدث في الشرق الأوسط، وازدياد الثقة الذاتية الإيرانية والتي تتمثل بمحاولات تحدي إسرائيل بصورة مباشرة، وانعدام استقرار متزايد في الساحة الفلسطينية”.
ورغم “تعزيز” العلاقات بين الاحتلال وقيادة المنطقة الوسطى للجيش الأمريكي، إلا أن “انطباعا تولد بأن الأمريكيين لديهم حماس أقل من التشارك في المعلومات الاستخبارية والخطط العملياتية مع إسرائيل”، بحسب الصحيفة التي نبهت أن صورة تراجع اهتمام واشنطن يظهر أيضا من “الزيارات الكثيرة لشخصيات رفيعة في إدارة بايدن وضباط في القيادة الوسطى إلى إسرائيل، والتي يمكن رؤيتها بشكل مختلف؛ وجود رغبة براغماتية لاستيضاح أن إسرائيل لا تقوم بأمور تافهة”.
ونبهت أن “هناك برودا في النظرة إلى إسرائيل، حتى في المستويات المهنية في واشنطن، ومن الأفضل عدم طمس ذلك، كما أن واشنطن قلقة من احتمالية أن تتصرف إسرائيل بعدم مسؤولية في المناطق، أو أن تجرهم لتبادل اللكمات مع إيران”.
ورأت أن “تغيير المقاربة الأمريكية في المنطقة يسرع خطوات المصالحة بين إيران والدول العربية، وما حصل مع السعودية هو المثال الأكثر وضوحا، إضافة لتبدد المقاطعة العربية لسوريا. في نفس الوقت، في جهاز الأمن يلاحظون تغييرا تدريجيا في مقاربة طهران تجاه إسرائيل؛ حيث انتقلت إيران لوضع عداء استراتيجي تجاه إسرائيل، والرغبة في المس بها تحتل اليوم مكانا أكثر أهمية بكثير في سلم الأولويات الاستراتيجية، والفرضية في جهاز الأمن هي؛ أن الزعيم الروحي علي خامنئي، أعطى تعليماته لزيادة الجهود للمس بإسرائيل داخل حدود الخط الأخضر وفي المناطق وتعزيز الدعم للتنظيمات الفلسطينية التي تنشغل بذلك، وبناء على ذلك؛ “فيلق القدس” الإيراني، والأجهزة الاستخبارية في إيران وحزب الله، جميعهم سرعوا الجهود للمس بإسرائيل، وهذا التغير في الموقف الإيراني بشأن توجهات بعيدة المدى يعزوها النظام لإسرائيل؛ حيث زادت من الهجمات داخل إيران وضد قوافل السلاح وقواعد إيران في سوريا”.
ونبهت الصحيفة أن “التحالف مع روسيا يقوي إيران؛ التي تأمل أن تحصل على منظومات دفاع جوية متقدمة وطائرات حربية مقابل المسيرات الهجومية التي قدمتها لروسيا لصالح الحرب في أوكرانيا، وفي الخلفية، إيران تترسخ كدولة عتبة على بعد مسافة من اتخاذ قرار التقدم في إنتاج القنبلة”.
ولفتت إلى أن “التغيير الإيراني يتلاقى مع ساحة فلسطينية تغلي؛ حماس ما زالت تتجنب مواجهة عسكرية في غزة، لكنها طموحة أكثر بكثير في مناطق أخرى؛ القدس والضفة الغربية، من خلال تشجيع حثيث للقيام بعمليات، بالتزامن مع غرق السلطة الفلسطينية الضعيفة والفاسدة في صراع وراثة متزايد (لخلافة رئيس السلطة محمود عباس)، في ذات الوقت زادت دافعية الجيل الفلسطيني الشاب على تنفيذ عمليات مع توفر السلاح، مع الاستعداد الدائم لإشعال المواجهات”.
واعتبرت أن “التطور الاستثنائي في الفترة الأخيرة جاء من لبنان، حيث تم إطلاق صواريخ نحو المستوطنات في الشمال، وقبلها عملية تفجير العبوة في “مجدو””، موضحة أن “عملية إطلاق الصواريخ قصة مختلفة، تقدير معظم الخبراء، أن عملية كهذه لا يمكن أن تحدث بدون موافقة حزب الله، لكن الاستخبارات تصمم على أن الأمور ليست هكذا، واتهمت حماس بالإطلاق، الذي تم بمصادقة كل من صالح العاروري وخالد مشعل”.
وقدرت أن زيارة رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية، واجتماعه مع أمين عام حزب الله حسن نصر الله، ربما كان من أجل “ترسيخ تفاهمات مفصلة أكثر حول إدارة المواجهة مع إسرائيل، ومن غير المستبعد أن نصر الله استمتع بأن يغرس بذلك أصبعا في عين إسرائيل، بالذات بعد تصعيد الهجمات”.
على أي حال، “القاسم المشترك بين الأحداث الأخيرة من لبنان هو الاستعداد للانحراف عن معادلات الرد السابقة والاستعداد للمخاطرة بخطوات جدية أكثر، رغم أن احتمالية ذلك ستؤدي لعمل شديد من قبل إسرائيل؛ التي قامت برد محدود في لبنان وأكبر في غزة”، منوهة أن “رئيس الحكومة نتنياهو وافق على موقف الجيش الذي تمت صياغته بصورة ملونة؛ فمن يعاني من النوبة القلبية لا يشارك في سباق الماراثون؛ أي أنه بالنظر للوضع العام في المنطقة وخطورة الأزمة الداخلية، من الأفضل عدم البدء على الفور في مواجهة مع حزب الله، وأكثر من ذلك؛ أن الاستخبارات تؤكد على أن حزب الله لم يتورط بإطلاق الصواريخ أبدا”.
وأشارت إلى أنه “من المهم معرفة، أن وزراء اليمين المتطرف في الكابينت، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، صوتوا مع الخط المنضبط نسبيا الذي قاده نتنياهو، هم مثل بعض وزراء “الليكود” الجدد بدأوا يعترفون بحدود القوة، ليس كل ما تحب عمله ممكن، عندما تجلس في غرفة فيها يتم اتخاذ القرارات”.