طالب خبراء أمميون مستقلون، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، بتعجيل زيارته الاستقصائية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتخصيص المزيد من الموارد للتحقيق في الوضع في دولة فلسطين، معبّرين عن قلقهم من الوضع المتدهور في المنطقة، وانتشار الإفلات من العقاب.
وفي رسالة وقّع عليها 32 خبيرا أمميا تحت عنوان “التحقيق في الوضع في دولة فلسطين”، على رأسهم المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز، قال الخبراء: “نكتب لنشاطركم قلقنا إزاء انتشار الإفلات من العقاب والتدهور المستمر في حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بسبب الأعمال التي قد ترقى إلى انتهاكات واسعة النطاق وممنهجة للقانون الدولي ترتكبها جهات فاعلة مختلفة”.
وأضاف الخبراء في رسالتهم: “خلال السنوات السابقة، وفي سياق ولاياتنا، قمنا جميعًا بإدانة هذه الانتهاكات مرارًا وتكرارًا، والتي قد يرقى الكثير منها إلى جرائم يمكن مقاضاة مرتكبيها بموجب نظام روما الأساسي وولاية المحكمة”.
وأشار الخبراء إلى أنهم أرفقوا مع رسالتهم، قائمة غير شاملة بالإفادات والتقارير الصادرة عن العديد من المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة منذ 13 حزيران/ يونيو 2014 في سياق الأرض الفلسطينية المحتلة، مؤكدين أن هذه الوثائق توفّر أدلة قوية على مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان التي ربما تكون قد ارتكبت عمدا وبصورة ممنهجة.
وحيّت الرسالة، بدء مكتب المدعي العام، في الثالث من آذار/ مارس 2021، التحقيق في الوضع في دولة فلسطين على أساس أن جرائم الحرب المزعومة قد ارتكبت أو يجري ارتكابها في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة.
وقال الخبراء: “يعتبر هذا القرار علامة فارقة في جهود المجتمع الدولي لتحقيق العدالة في المنطقة. من الأهمية بمكان أن تتحمل المحكمة المسؤوليات المنوطة بها، وأن يتم الاضطلاع بها من خلال متابعة الإجراءات، وتعزيز التحقيقات والنهوض بالعدالة لجميع ضحايا الجرائم البشعة، بما في ذلك من خلال منظور جندري”.
وخاطبوا المدعي العام للمحكمة قائلين: “إن نيتك المعلنة لزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 2023 هي خطوة حاسمة في هذا الاتجاه، ونأمل أن تتم مهمتك الاستقصائية بالسرعة الممكنة”.
وأضافوا أن “غياب المساءلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة يساهم في تفاقم الوضع وحالة الفوضى”.
وأوضحت الرسالة: منذ أن فتحت المحكمة التحقيق، تم ارتكاب العديد من الانتهاكات الجديدة، التي يُزعم أنها ترقى إلى مرتبة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ويشمل ذلك الأعمال التي قد ترقى إلى مستوى الهجمات العشوائية المتعمدة ضد المدنيين والقتل العمد، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان والعاملين في وسائل الإعلام، الاعتقال والاحتجاز التعسفي والحرمان من ضمانات المحاكمة العادلة؛ هدم قسري وتدمير واسع النطاق للممتلكات المدنية لا تبرره الضرورة العسكرية والتهجير التعسفي والتهجير والترحيل القسري للسكان المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، كما يتجلى في التهجير المستمر لحوالي 1200 من سكان مسافر يطا، من بينهم 500 طفل (أكبر مثال على التهجير القسري منذ عام 1967).
وأضاف الخبراء: “أعرب الكثير منّا عن قلقه بشكل خاص إزاء تجريم إسرائيل وزيادة مضايقتها لمنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك تلك التي تعمل على تعزيز المساءلة والعدالة من خلال تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية (المنظمات الست).
وتابعوا: “قد تشكّل مداهمة مكاتبهم وإغلاقها وكذلك مصادرة وثائقهم من قبل الجيش الإسرائيلي في آب/ أغسطس 2022، انتهاكًا خطيرًا لتحقيق العدالة بموجب نظام روما الأساسي”.
وأكد الخبراء الأمميون أن “التعجيل بالعدالة، خطوة حاسمة لإنهاء الإفلات من العقاب واستعادة القانون الدولي والنظام القائم على حقوق الإنسان، باعتباره المعقل الأخير لوقف دوامات العنف والمخاطر التي يواجهها الفلسطينيون والإسرائيليون على حدٍ سواء”.
وأشاروا إلى أنه “في ظل الأدوات القانونية الموجودة تحت تصرفنا، لدينا واجب مؤسسي وأخلاقي مشترك للتصدي لهذه الدوامات، وضمان عدم إفلات الفظائع الماضية من العقاب ومنع ارتكاب جرائم جديدة”.
ودعا الخبراء المدعي العام إلى تخصيص المزيد من الموارد للتحقيق في الوضع في دولة فلسطين، بما في ذلك الجرائم المحتملة التي يرتكبها فاعلون خاصون، وجعل تقديم الإفادات والاتصال بمحققي المحكمة الجنائية الدولية أكثر سهولة للضحايا والمجتمعات، خاصة في ظل تقلص المساحة المدنية في وحول السعي لتحقيق العدالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما حثّوه على “التحقيق ومنع حالات محددة من الأعمال الانتقامية ضد الأفراد الذين يعملون على تعزيز المساءلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذين تعاونوا أو يرغبون في التعاون مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية”.
وختموا رسالتهم: “نحن تحت تصرفك لأي دعم محدد قد تحتاجه في الأمور المتعلقة بولايتنا، ونتعهد بدعم جهود المحكمة في محاسبة جميع مرتكبي الجرائم الدولية ووضع حد للإفلات من العقاب”.