أطلق المؤتمر الوطني الشعبي للقدس، مبادرة سياسية لترتيب الوضع الفلسطيني تستند إلى العديد من القواسم المشتركة التي تجمع الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية، بهدف تعزيز الجبهة الداخلية ومواجهة الخطر المحدق بالقضية الوطنية.
وجاء في المبادرة التي انطلقت بتوجيهات من الأمين العام للمؤتمر اللواء بلال النتشة، أن الشعب الفلسطيني بوصفه كتلة تاريخية واحدة هدفه الأول والأخير هو الخلاص من الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهو ما تجمع عليه كافة فصائل العمل الوطني، بما فيها الفصائل الإسلامية “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، الأمر الذي يعني وجوب الاتفاق على آليات واضحة لتحقيق هذا الهدف المشترك.
كما أشارت المبادرة إلى أن الوضع الراهن على الصعيد العربي وما يعتريه من هرولة من بعض الدول نحو التطبيع مع دولة الاحتلال، يتوجب علينا السير باتجاه تعزيز العلاقات الفلسطينية مع كافة الدول العربية والإسلامية غير المطبعة لتفويت الفرصة على الاحتلال الذي هدفه من هذه الخطوات التطبيعية تحقيق السلام مع العرب، وإخراج الفلسطينيين منه وكأننا العقبة التي تقف أمام تحقيقه.
وتابعت المبادرة: “إن على المستوى السياسي الفلسطيني ان يوجه خطابا إعلاميا مقنعا الى العالم يتسند الى معطيات محسوسة ملموسة على قاعدة التحليل الملموس للواقع الملوس بمعنى فضح الحقائق التي تدين الاحتلال وتعري موقفه من القضية الفلسطينية عبر الكلمة والصورة وبشكل موثق لا يقبل الطعن أو التشكيك”.
وشددت المبادرة على أن أولى الخطوات التي يجب أن تسبق ذلك، هي إجراء حوار داخلي على أرض الوطن بالاستناد إلى مقررات حوار الجزائر واتفاق مكة والمبادرة العربية للسلام، على أن يشمل هذا الحوار حركة “فتح” وفصائل منظمة التحرير والقوى الإسلامية، التي ترى بأن هذه الفصائل قد شاخت ويجب بعث الحياة فيها من جيد، على أن يتم التوصل إلى توافق وطني وإسلامي على أن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في الوطن والشتات، وأن أي أجسام بديلة أخرى تنبت هنا او هناك هي زرع لا يفلح في ارض روتها دماء الشهداء وتضحيات الاسرى والجرحى.
واعتبرت المبادرة ان الاستمرار في المراوغة وتبادل الاتهامات والتوبيخ والتجريح والتخوين على شاشات الفضائيات لا يخدم الا أعداء الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وهو أيضا يصب في صالح استمرار الفرقة والتي حتما ستؤدي الى هزيمتنا أخلاقيا بالدرجة الأولى وسياسيا وميدانيا بالدرجة الثانية.
وطالبت المبادرة بأن يتوجه قادة الفصائل في هذا الشهر المبارك وبتوجيهات من الأخ الرئيس محمود عباس “أبو مازن” الى الدعوة لعقد اجتماع فصائلي موسع في مقر المقاطعة برام الله برئاسة الرئيس على ان تشارك فيه ” حماس” والجهاد” عبر الفيديو كونفرنس من غزة والشتات.
أما في الضفة فتكون ممثلة بأعضاء مكتبهما السياسي وقيادة المناطق والساحات وذلك لتكون الجلسة عاصفة ومفتوحة امام الجميع وفيها وضوح ومكاشفة ومصارحة وشفافية حتى نتوصل جميعا الى اتفاق على القواسم المشتركة واهمها استمرار النضال حتى زوال الاحتلال.
وقالت المبادرة: “أنه يجب أن نتفق على عقد اجتماعي يساوي بين الجميع ويحاسب الجميع وتكون مرجعيته منظمة التحرير والدستور والقانون الفلسطينيين”.
وحثت المبادرة قيادة حركة “حماس” إلى ترجمة الأقوال التي تصدر عن بعض قيادييها “خالد مشعل نموذجا” إلى أفعال على الأرض، ذلك أن من مصلحة الحركة ان تكون صادقة مع ذاتها ومع الجماهير الفلسطينية وفي ذلك إعادة اعتبار لوزنها في الشارع والذي لا تنكره منظمة التحرير وفي مقدمتها حركة ” فتح” لكن شريطة ان يكون هذا الاعتراف متبادل لان حركة التحرير الوطني الفلسطيني هي التي مازالت ذات الثقل والوزن الأكبر في الشارع الفلسطيني وان كانت هناك خلافات داخلية، فالجميع يدرك انه بدون ” فتح” فان القضية الفلسطينية الى ضياع وان على الجميع ان يستفيد من خبرتها الطولية وعلاقاتها الدولية والعالمية والعربية والإسلامية وتأثريها في ميزان القوى وتجربتها الطويلة التي تمتد لعشرات السنين في معمعان العمل الثوري والنضالي والسياسي وان لا يغفلوا بأن تجربتها مع “أوسلو” هي سبب بروز وصعود الفصائل الإسلامية على وجه التحديد على الرغم من ان أبناء “فتح” ينتقدون هذا الاتفاق اكثر من غيرهم في بقية الفصائل.
ودعت المبادرة إلى وقف العزف على وتر ما يسمى “التنسيق الأمني” لأنه في نفس الوقت توجد في غزة هدنة امنية ، وعليه يجب ان نعي تماما خطورة المرحلة وايضا اين يجب ان نتوقف وأين يجب ان نسير بهدف الحفاظ على مصالح وارواح ومقدرات أبناء شعبنا ، لا ان نبقى في دائرة التشكك والتخوين والاهانة الوطنية عبر وسائل الاعلام المختلفة وفي البيانات التي تصدر عن هذا الفصيل او ذاك.
وطالبت المبادرة بالتنبه الفصائلي لخطورة المؤامرة التي يحيكها اقصى اليمين الصهيوني المغرق بالتطرف في إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وخاصة ضد القدس العاصمة التي يبتلعها التهويد والاستيطان، إذ يذبح المقدسي في اليوم الف مرة وللأسف الشديد “لا بواكي له ولا مناصرين وداعمين لصموده الا بالشعارات والبيانات شديدة اللهجة”.
وفي الختام، قال الأمين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس اللواء بلال النتشة: “إن ما جاء في هذه المبادرة قابل للنقاش مع جميع الفصائل، وإن المؤتمر في طور التحضير لاجتماع موسع على المستوى الداخلي بغية دراسة هذه المقترحات والخروج بتوصيات ترفع الى المستوى السياسي ومن ثم يصار الى تنفيذ البنود التي جاءت في المبادرة وفي المقدمة منها الاجتماع في مقر المقاطعة وعلى ارض الوطن لتكون بداية جدية لمصالحة حقيقية بعد انقسام مستمر منذ نحو 17 عاما وهو ما يشكل ندبة في تاريخ القضية الفلسطينية”.