من كل حدب وصوب، نساء ورجال، شيوخ وأطفال، وصلوا الى المسجد الأقصى اليوم، لأداء الجمعة الثانية من شهر رمضان الفضيل، فلم تمنعهم الحواجز وإجراءات التفتيش المعقدة، أو الأحوال الجوية الباردة والماطرة في القدس، عن شد الرحال الى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالت الحرمين الشريفين.
وقدرت الأوقاف الإسلامية أعداد المصلين في صلاة الجمعة الثانية من شهر رمضان ب “250 ألف مصل، ربع مليون مصل”، وغصت مصليات الأقصى ومساجده وأروقته وساحاته والمناطق المشجرة بالمصلين الصائمين.
وانعكست الفرحة على وجوه الوافدين الى مدينة القدس والمسجد الأقصى، فشاب غزي استغل وجوده “كمرافق مريض” في المدينة للصلاة في الأقصى لأول مرة في حياته، ومسنة من مدينة الخليل تتنمنى أن يكون رمضان طوال العام لتتمكن من الوصول الى الأقصى فقيود الاحتلال اليومية لا تمكنها من القدوم اليه متى تريد، وشابة من طولكرم تتمنى أن تبقى في المدينة المقدسة وسعادتها كبيرة لأنها “ستفطر في الأقصى هذا اليوم”، وحاجة سبعينة من القدس تتمنى أن تكون القدس عامرة بأهل فلسطين عامة كل جمعة وليس فقط في رمضان، سيدة من مدينة رام تمكنت الحضور الى القدس بعد منعها لمدة 8 سنوات، قصص كثيرة وأحاديث لم تنتهي مع المصلين الذين وصلوا الى الأقصى بهمة وشوق، كما أدى صلاة الجمعة اليوم العشرات من الدول الإسلامية والعربية، وكافة مدن وقرى الداخل الفلسطيني.
وقال الشيخ عزام الخطيب مدير عام أوقاف القدس والمسجد الأقصى، لوكالة معا، أن 250 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة في الأقصى، وأوضح أن موظفين دائرة الأوقاف كافة وفرق الكشافة والمتطوعين عملوا منذ ساعات الفجر لتسهيل شؤون المصلين في الأقصى، حيث تنظيم الدخول والخروج وفصل أماكن صلاة الرجال عن النساء، وتوفير ما يلزم للمصلين .
وقال الشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى المبارك، أن هذه الأعداد الكبيرة التي زحفت للصلاة في الأقصى، وهذا رسالة للعالم أجمع أن الأقصى هو للمسلمين لا يقبل الشراكة أو القسمة، وأضاف:” بارك الله في هذه الجموع التي أتت الى الأقصى لفريضة يوم الجمعة في هذا اليوم العظيم، نسأـل الله ان يحفظ أهل فلسطين والأقصى”.
وفي خطبة الجمعة لمفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين قال :” زحفكم في هذا الشهر الفضيل يؤكد بما لا مجال فيه أن الأقصى له شعب يحبه ويتعلق به وللأقصى حراس وسدنة أوفياء.
وتطرق الشيخ حسين خلال الخطبة الى دعوات جماعات المستوطنين للمساس بالمسجد الأقصى، وقال:” هذه جماعات وهمية كثيرة تنسب نفسها الى الهيكل المزعوم الذي لا وجود له في الأقصى ولا في أرضنا المباركة، يتوهمون للمساس بالأقصى ويسعون ليل نهار لإلحاق الأذى فيه وبالشعب.”
وحمل المفتي المستوطنين مسؤولية أي أذى أو ضرر يلحق بالمسجد الأقصى.
مصلون في الأقصى
حاجة فلسطينية من مدينة الخليل قالت:” بحب الأقصى كتير وبنستغل هذا الشهر الفضيل لنوصل ونصلي فيه، بنيجي إحنا والصغار والشباب الى الأقصى، مضيفة:” بنجيب الأطفال الى الأقصى ليتعلقوا فيه كما نحن نتعلق فيه”.
الشابة حلا خضر من طولكرم قالت:” خرجت من المنزل الساعة السابعة صباحا، وتوجهت الى حاجز الطيبة والذي كان يشهد اكتظاظات مرورية، بسبب فحص الهويات والأوراق الثبوتية للجميع، الطرق ليست سهلة، لكن في كل مرة استطيع الوصول فيها الى القدس أتمنى أن أبقى بها، فالراحة النفسية والأجواء جميلة للغاية.”
مدحت أبو لبدة 45 عاما من قطاع غزة قال:” اليوم من أجمل أيام حياتي، أول مرة أكون في الأقصى في شهر رمضان، استغليت وجودي مع ابني في المستشفى في القدس، ونزلت على الأقصى اليوم، مشاهد توافد الى الأقصى وتزاحم المصلين في الطرقات وداخل المسجد وفي أزقة البلدة.. هي مشاهد جميلة”.
إجراءات وانتشار مكثف
وحولت سلطات الاحتلال القدس لثكنة عسكرية، بنشر الآلاف من قواتها في شوارع القدس وطرقات البلدة القديمة والمسجد الأقصى، ونصب السواتر والحواجز الحديدية، وتحديد مسارات السير، وإطلاق الطائرات المسيرة فوف البلدة القديمة والأقصى.
كما اعتلت فرق خاصة الأسطح المطلة على المسجد الأقصى، ورصدت وصورت على مدار الساعة المصلين.
وقفة في الأقصى
وبعد انتهاء صلاة الجمعة، نظم الشبان مسيرة في الأقصى، وهتفوا للأقصى والقدس، مرددين “قسم حماية الأقصى” أمام تهديدات المستوطنين