بقلم: عبدالرحيم الريماوي
جاءت الذكرى الـ 47 ليوم الأرض الخالد هذا العام، في ظل ظروف سياسية واجتماعية في غاية التعقيد، أولها استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي السياسي والجغرافي الذي ادخل الحركة الوطنية الفلسطينية والكفاح والنضال في أزمة طاحنة، وأضعف دور منظمة التحرير الفلسطينية السياسي والدبلوماسي على المستويين الدولي والاقليمي، وثانيها مواصلة الحكومة الاحتلالية الاحلالية الإصرار على سن قوانين لتكريس بناء المستوطنات في القدس والضفة الغربية، كمقدمة لفرض سياسة الضم “لاقامة الدولة التلمودية الكبرى” ولصالح بناء نظام فصل عنصري لمحاصرة الفلسطينيين في كانتونات معزولة عن بعضها البعض، لتقسيم الفلسطينيين جغرافيا وديمغرافيا في محاولة لتهجيرهم واقتلاعهم عن ارضهم التي توارثوها أبا عن جد.
في ذكرى يوم الأرض الخالد، الذي جسد جوهر الصراع مع الاحتلال ومشروعه الاستيطاني الاحلالي، يتوجب على الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، تحويل هذا اليوم والمناسبة الى يوم وطني بامتياز، وتعزيز وحدتهم السياسية وصمودهم وكفاحهم ونضالهم والتاكيد على التمسك بالأرض والرواية والهوية والحقوق الوطنية والتاريخية والقانونية وعودة اللاجئين، أساس الصراع، وتحقيق حق تقرير المصير “فلسطين موحدة جغرافيا وديمغرافيا وتاريخيا وقانونيا”، وهذا يستدعي من الكل الفلسطيني العمل والنجاح بوضع حد للانقسام المقيت، والفصل ما بين مهام واهداف منظمة التحرير الفلسطينية بعد اشراك الفصائل الإسلامية وقبولها كشريك “سياسي وميداني” في معادلة الصراع مع الاحتلال الاحلالي والاستيطان ونظام الابرتهايد العنصري القائم، وبين السلطة الفلسطينية التي تدير الشؤون الحياتية والاقتصادية الاجتماعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة بعد ان دمر الاحتلال الاحلالي اتفاق أوسلو بالدبابات، ورفض تطبيق النبضة الثالثة من اتفاق اوسلو في عام 1999 وفق ما نص عليه اتفاق أوسلو، وتجسيد الصمود على الارض وتعزيز الوحدة يعتبر الرد الوطني الفلسطيني على خطط واعتداءات الاحتلال الاحلالي.
لقد حاول الاحتلال الاحلالي في زمن الاستعمار البريطاني لفلسطين التاريخية، بكل الطرق والوسائل (اكثرها استخداما كانت القوة العسكرية التسليحية من بريطانيا) لشطب الوجود التاريخي والحضاري والقانوني الفلسطيني عن ارض فلسطين التاريخية، ولكن يوم الأرض الخالد اكد على تمسك الشعب الفلسطيني بالأرض والوطن، واكد رفض قرار الاحتلال الاحلالي، مصادرة 21 ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب، وجاء ليخلد تلك الوقفة التي استشهد فيها ستة شبان داخل فلسطين المحتلة عام 1948، ليصنعوا بدماذهم يوما وطنيا للشعب الفلسطيني، يوم الأرض الخالد، الذي عزز وحدة الشعب الفلسطيني في مختلف اماكن تواجده وروح النضال والكفاح الوطني الفلسطيني في الوطن والشتات.
ذكرى وطنية بحجم “يوم الأرض” تاتي في ظل تصعيد الاستهداف الاحتلالي الاحلالي للحل السياسي للقضية الفلسطينية وشن هجوم شرس على الاراضي الفلسطينية والهوية الوطنية، ورفع وتيرة الاعدامات اليومية بحق الشبان والفتية الفلسطينيين، وقد كانت آخر تقليعات الاحتلال الاحلالي تشكيل ميلشيات مسلحة لقمع أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والمدن والبلدات والقرى في داخل فلسطين المحتلة عام 1948، ستأتمر بأوامر وزير الامن القومي، ايتمار بن غفير، ما يفرض استنهاض القوى الشعبية والوطنية وتبني برامج واليات عمل تنفذ وتطبق على الأرض لمواجهة كل ذلك.
التشكيلات الشبابية النضالية والكفاحية المقاومة تلعب دورا في إرباك الاحتلال الاحلالي في الضفة الغربية والقدس، وتعيد الصراع والبوصلة والرواية الفلسطينية الى جذورها الرئيسة “تحقيق الحرية والاستقلال وعودة اللاجئين”، والعودة بالقضية الفلسطينية الى أصولها الحقيقية، والاصرار الفلسطيني على التمسك بتحقيق حق تقرير المصير، بمساندة القوى الشعبية والانظمة العربية والإسلامية والدولية الراغبة بحل القضية الفلسطينية حلا سياسيا أساسه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، في ظل التهديد الوجودي للقضية الفلسطينية من قبل عتات المتطرفين، بنيامين نتنياهو، وايتمار بن غفير، وبتسلئيل سموترتش، الكورس الثلاثي المتطرف الذي يعمل ليل نهار على تشويه القضية الفلسطينية والحقوق السياسية والجغرافية والتاريخية والقانونية لتصفية الحل العادل والشامل وتجاهل جميع قرارات الشرعية والقانون الدولي، ويؤكد يوميا ان يد السلام التي مدتها الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية للاحتلال الاحلالي زادت ورفعت من وتيرة الاعتداءات تجاه الشعب الفلسطيني.