بين رمضان ويوم الأم.. أمهات الشهداء والأسرى صور وجع وألم لا تنتهي

للعام السابع عشر على التوالي، يستقبل الأسير  مراد محمد رضا أبو الرب، شهر رمضان المبارك في غياهب سجون الاحتلال الذي قضت محاكمه بسجنه المؤبد 4 مرات، مما ألقى بظلاله على أوضاع أسرته وخاصة الوالدة السبعينية رسمية” أم العبد”، التي تمتزج مشاعرها بين الحزن والمناسبة، والاحتلال يحرمها فلذة كبدها في رمضان ويوم الأم.

وتقول الوالدة: “وجعي ليس له حدود، فكل الأمهات يفرحن ويحتفلن لكن أفراحي ما زالت أسيرة، ومما يزيد وجعي أن مراد كان الوحيد من أبنائي الذي يعيش معنا في منزلنا، بعدما تغرب أشقائه في فرنسا منذ سنوات، حيث يعيشون ويعملون، وكذلك شقيقاته تزوجن .. تعبنا من هذه الحياة التي ترتبط بالاحتلال وسجونه، وكلما اجتمعنا على مائدة افطار أو حل رمضان نبكي ونتحسر ولا نملك سوى الصبر والدعاء لرب العالمين ليفرج سجنه ويجعمنا به قريباً”. في اليوم الأول من رمضان، خيمت أجواء الحزن في منزل عائلة مراد في بلدة جلبون بجنين، وقال والده: “طوال رمضان لا نشعر سوى بالحزن ، فإلى متى تستمر هذه المعاناة القاسية منذ اعتقاله في 31-8-2006، تحولنا لأسرى ولم نعرف طعم الفرح في كل المناسبات، فمراد كل حياتنا وكان لوجوده تأثير كبير يضفي على حياتنا الفرح والسعادة، لكن غيابه طال”، مشيرًا إلى أنه شيد له منزلًا على أمل تحرره قريبًا وليكون جاهزًا لاستقباله وزفافه.

في مقبرة الشهداء، استقبلت حورية الطوباسي رمضان ويوم الأم، ككل المناسبات التي تحولت لحزن ودموع على أحبتها التي حرمها الاحتلال منهم، أبنائها أحمد وإسلام اللذين استشهدا خلال انتفاضة الأقصى، وسعيد ومحمد  القابعان خلف القضبان في سجون الاحتلال التي فرقت شملت العائلة، باستهداف الأبناء جميعاً على مدار السنوات الماضية.

وتقول الطوباسي: “كل المناسبات وخاصة في آذار لها وقع مؤلم أكبر، في ظل المأسي والويلات التي عشناها منذ استشهاد أحمد وإسلام في ريعان الشباب، واعتقال سعيد المحكوم 32 مؤبدًا، واستمرار زج محمد خلف القضبان وما زال موقوفاً، فأمنيتي أن يجتمع شمل كل أسرتي حولي في رمضان .. سعيد لم يجتمع شملنا به منذ 21 رمضان، ولم يسلم أحد من أولادي من المطاردة والأسر، وقضيت سنوات محرومة منهم جميعاً، ولم يكتفي الاحتلال بذلك، فهدم منزلنا كعقاب ولكننا سنبقى نفخر ونعتز بصمود أبطالي خلف القضبان”.

قرب ضريح أحمد وإسلام في مقبرة الشهداء بمخيم جنين جلست أم عبدالله، ورغم صبرها ومعنوياتها العالية، فإنها ما زالت تتألم لشدة القهر وما تقاسيه من صنوف المعاناة بسبب النكبات التي صنعها الاحتلال في حياتها، وقالت “منذ 22 عاماً استقبل بين القبور والسجون، رمضان والأعياد وكل المناسبات، أبكي وأتالم، لكن لن نفقد الأمل، ونأمل الإفراج عن كل الأسرى وخاصة ذوي الأحكام العالية، ويكونوا معنا وبيننا في العيد القادم”.   نفس الواقع المرير والمشاهد المؤلمة، تتكرر  في منزل الأسير معتصم رداد في قرية صيدا بطولكرم، فوالدته آمنة استقبلت شهر رمضان المبارك ويوم الأم بالدموع ومشاعر الخوف والقلق على أسيرها الذي ترفض سلطات الاحتلال الإفراج عنه رغم خطورة وضعه الصحي، وقالت “إنه رمضان السابع عشر على التوالي الذي يستقبل حبيب قلبي معتصم بعيداً عن أحضاني، فقدت القدرة على الحياة والنوم لقلقي على حياته بسبب معاناته من عدة أمراض أصيب بها بعد اعتقاله .. في جميع المناسبات أبكي ولم تجف دموعي لحظة، وعندما نجلس على مائدة رمضان اختنق وأتألم لغيابه، فهو يعاني من مرض سرطان الأمعاء وتضخم في الكبد والطحال ونزيف دموي حاد ومستمر، ورغم ذلك ترفض سلطات الاحتلال توفير علاجه المناسب”.

تعانق أم عاهد صور معتصم الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة 20 عاماً، وتقول” تعرض للاعتقال عدة مرات، لكنهم لم ينالوا من عزيمته حتى خلال مطاردته لم يعاني من الأمراض، لكن بطولاته ونجاته من محاولات الاغتيال أثارت غضبهم لذلك انتقموا منه عندما مرض .. منذ سنوات ومعتصم يتعذب ويعاني، فأين هي العدالة وحقوق الانسان؟”.

وتضيف: “قرعنا كل الأبواب، وتحركت كافة المؤسسات لانقاذ حياته، لكن الاحتلال يرفض علاجه أو اطلاق سراحه، إنه يعيش لحظات مروعة والخطر يتهدد حياته في كل لحظة .. انتهت كل المناسبات والأعياد من حياتنا، وحتى في رمضان وعيد الأم، كل الأمهات يفرحن ولكني أبكي وأتالم، لكن أملي بالله كبير .. أن ينتصر معتصم  ويعود لي منتصراً وليس في كفن”.

Exit mobile version