وقّعت المملكة المتحدة وإسرائيل اتفاقية طويلة الأجل لتعزيز العلاقات في الدفاع والأمن والتكنولوجيا، في أعقاب ما أُعلن عنه، العام الماضي، بضرورة رفع مستوى العلاقات بين البلدين، لكن توقيت الاتفاق أثار الجدل، إذ عدّه البعض موافقة على حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة، التي وضعت التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة على رأس أجندتها، وتواجه خطتها لتحييد القضاء احتجاجات واسعة النطاق.
وقالت صحيفة The Guardian البريطانية إن وزير خارجية المملكة المتحدة، جيمس كليفرلي، ووزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، وقّعا الاتفاقية في لندن. وهذا الاتفاق يشكّل جزءاً من جهود المملكة المتحدة لإقامة شراكات استراتيجية مع ما يسمى بالدول المتوسطة.
وأشار بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية إلى القلق البريطاني من تصاعد العنف مؤخراً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكنه لم يُحمِّل أي طرف المسؤولية، ولم يتطرق أيضاً إلى التغييرات التي تعتزم الحكومة الإسرائيلية إجراءها في القضاء.
واكتفى البيان بالإشادة بهذا الاتفاق التاريخي الذي سيحدد العلاقات الثنائية بين البلدين حتى عام 2030.
من جانبها قالت وزارة الخارجية البريطانية إن البلدين “عازمان على تشكيل علاقة حديثة ومتطورة وطموحة تواصل التركيز على الأولويات المتبادلة لتحقيق المنفعة المتبادلة، بما يشمل التجارة والإنترنت والعلوم والتكنولوجيا والبحث والتطوير والأمن والصحة والمناخ والنوع الاجتماعي”.
وأعربت المملكة المتحدة أيضاً عن التزامها بالتعاون الوثيق مع إسرائيل للتصدي لمعاداة السامية. وبصفتها رئيساً للتحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست عام 2024، ستعمل المملكة المتحدة على تعزيز التوعية بالهولوكوست، وقال كليفرلي: “هذا الاتفاق الثنائي بين المملكة المتحدة وإسرائيل شهادة على قوة علاقتنا الوثيقة والتاريخية… والمملكة المتحدة وإسرائيل تقفان متحدتين لصد نفوذ إيران الخبيث في المنطقة، وصد معاداة السامية ككل”.
فيما أكد كوهين بعد الاجتماع على تركيز المناقشات على آلية تكثيف العقوبات على إيران وطموحاتها النووية.
انتقادات للاتفاقية بين إسرائيل وبريطانيا
ووصف كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، توقيت الاتفاق بـ”المخيب للآمال بالنظر إلى استمرار التوسع الاستيطاني… وهو أيضاً يقوّض تماماً جهود عشرات الآلاف الذين احتجوا على التعديلات القضائية”، وأضاف: “العمل على الحد من معاداة السامية جدير بالثناء، لكن فعل ذلك مع حكومة تضم وزير مالية ينكر حتى وجود الفلسطينيين ضربة موجعة”.
وقال إنه يفترض أنه كان يُعدَّ لهذه الاتفاقية منذ فترة طويلة، وأنه دارت بعض المناقشات الداخلية في وزارة الخارجية عما إن كان ينبغي إتمامها في هذا التوقيت الحساس.
ويُحتمل أن وزارة الخارجية البريطانية أرادت إتمام الاتفاق قبل حلول شهر رمضان الذي يتخوف البعض من تصاعد العنف بدرجة أكبر خلاله.
وقال كليفرلي في رسالة إلى النواب إنه لا يعتزم التعامل مع وزير الأمن الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير. لكن المملكة المتحدة في مأزق لأنه سيكون صعباً عليها التعامل مع نصف حكومة.
ويُقدَّر حجم العلاقة التجارية بين المملكة المتحدة وإسرائيل بنحو 7 مليارات جنيه إسترليني، وتعمل أكثر من 400 شركة تكنولوجيا إسرائيلية في المملكة المتحدة. ويقال إن الاستثمار الإسرائيلي في المملكة المتحدة يضيف حوالي مليار جنيه إسترليني إلى الاقتصاد البريطاني، وساهم في توفير حوالي 16 ألف وظيفة في السنوات الثماني الماضية.
فيما يقول بيتر فرانكنتال، مدير الشؤون الاقتصادية في منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة: “حذرنا الحكومة غير مرة من أن هذا الاتفاق التجاري الذي أُبرم مع تل أبيب قد يتحول في النهاية إلى غطاء جديد لضم إسرائيل غير القانوني للأراضي الفلسطينية، وذلك بعدم تفرقته بين السلع المنتجة في إسرائيل وتلك المصنوعة في المستوطنات غير الشرعية”.
ويأتي هذا بعد أن صدّق الكنيست الإسرائيلي في وقت سابق، على إلغاء ما يُعرف بـ”قانون فك الارتباط”، الذي يسمح للمستوطنين بالعودة إلى 4 مستوطنات في الضفة الغربية، أُخليت عام 2005.
ووفقاً لقانون الكنيست، فسيُسمح للمستوطنين بالعودة إلى مستوطنة “حوميش”، لكنه لم يشمل مستوطنات “غوش قطيف”، التي أخلتها إسرائيل في قطاع غزة في عام 2005.
وعقب إصدار القانون، دعا الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى إلغائه، وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل، إن “له تأثيراً عكسياً على جهود الحد من التوتر، ويعيق إمكانية اتخاذ إجراءات بناء الثقة وخلق أفق سياسي للحوار”.