ركزت الصحف العبرية، الصادرة الخميس، على التفاصيل التي نشرها الجيش الإسرائيلي حول عملية تفجير عبوة جانبية على مفترق مجدو، وقتل منفذ العملية والذي تبين أنه جاء من لبنان وكان يحمل حزامًا ناسفًا وبحوزته قنبلة وأسلحة.
ووفقًا لصحيفة يديعوت أحرونوت، فإنه حتى اللحظة لم يعرف مدى تورط حزب الله في الهجوم، رغم أن الشكوك المباشرة تشير إلى أن المنظمة الشيعية متورطة بالفعل فيه، أو على الأقل كانت على معرفة فيه قبيل وقوعه.
وأشارت إلى أنه لم يتضح سبب قيام المنفذ الذي زرع العبوة وقام بتنشيطها هناك، لماذا اختار محاولة العودة إلى لبنان ولا زال بحوزته حزام ناسف وسلاح، مشيرةً إلى أن عملية قتله يبدو أنها منعت هجومًا آخر، وربما منع أيام من التصعيد مع لبنان وهي الجبهة التي تحافظ على الهدوء منذ عام 2006.
ورأت الصحيفة أن أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، يسعى للانتقام منذ فترة طويلة للهجمات التي أدت لمقتل قيادات وعناصر من حزبه وتسببت بتدمير أهداف مهمة له إلى جانب اغتيال عماد مغنية عام 2008، ولذلك أراد الانتقام لأنه يشعر بأن الأرض تهتز حاليًا من تحت أقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتقول الصحيفة، من المحتمل أن نصرالله يرى في الوقت الحالي أن نتنياهو أضعف من أي وقت مضى وسيبتعد عن الشروع في مغامرة عسكرية حتى لو تم قتل إسرائيليين في الهجوم، وأن أي رد من قبل نتنياهو سيؤجج الرأي العام الإسرائيلي ضده في حال الدخول بمواجهة وسيتهم بأنه يجر الإسرائيليين إلى حرب ليهرب من خطته الحالية لإضعاف منظومة القضاء.
ولفتت الصحيفة إلى تصريحات مروان عيسى نائب قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، والذي تحدث بأن أي تغيير في الوضع الراهن بالأقصى سيؤدي إلى زلزال في المنطقة، ما يشير إلى أن حماس أيضًا لا تنوي التغاضي عن أي إضرار بالمسجد الأقصى حاليًا وبمعنى آخر في حال حاول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتامار بن غفير اقتحام الأقصى خلال “عيد الفصح اليهودي” فقد يؤدي ذلك إلى اشتعال النيران بالمنطقة.
وترى الصحيفة أن إمكانية التصعيد على عدة جبهات ربما بات أكثر وضوحًا، وأن استمرار حكومة نتنياهو في خطتها قد يدفع إلى تصعيد كبير.
وفي تقرير آخر لها، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، إن الجيش الإسرائيلي حتى الآن لا يعرف فيما إذا كان المنفذ قد تسلل من فوق أو تحت الأرض، لكن تسلله يعتبر فشل ذريع يوضح مدى الإهمال للجدار الأمني لسنوات طويلة أمام تعاظم قوة حزب الله.
وبينت أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رفضت لسنوات خطط كانت تقدم من الجيش الإسرائيلي لبناء جدار جديد ومناسب على الحدود مع لبنان، مشيرةً إلى أنه في العام الماضي فقط تم إطلاق مشروع جزئي وخصصت له ميزانية لبناء جدار جديد لكن لم يتم تغطية جميع المنطقة الحدودية.
وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يستبعد أن يكون المنفذ قد تسلل من نفق تحت الأرض، ولذلك لا يعرف نقطة التسلل بالضبط، وأنه قد يكون استخدم طائرة شراعية تحت غطاء الغابة الكبيرة على جانبي الحدود، أو من من خلال البحر.
ولم يعرف الجيش الإسرائيلي حتى الآن الوقت الفعلي لتسلله، وأن عدم إقدامه على استخدام الحزام الناسف بحوزته وسهولة قتله لعشرات الإسرائيليين في أي وقت، وعدم اللجوء لذلك، يثير تساؤلات في المنظومة الأمنية.
وأشارت إلى أن جميع الوسائل الاستخباراتية فشلت هذه المرة في الوصول لمعلومات مسبقة عن مثل هذا الحدث، ولم يسعف سوى الاتصال بالشاباك وخلق صورة استخباراتية سريعة لمشهد انفجار القنبلة في تحديد مكان تحرك المنفذ وقتله ما منع هجومًا أكثر فتكًا.
من جهتها، قالت صحيفة “هآرتس العبرية”، إن عناصر في لبنان سواء من حزب الله أو المنظمات الفلسطينية وربما كلاهما معًا، يريدون صب الوقود على النار في الضفة الغربية إلى جانب الأزمة السياسية الداخلية الحادة التي تغرق فيها إسرائيل، وتزداد مع ذلك مخاطر اندلاع تصعيد إقليمي أوسع، والذي قد لا يكون بالضرورة تحت سيطرة الأطراف المعنية.
وبينت أن خصائص العبوة الناسفة أدت لفرضية أن هذه العبوة تم تهريبها إلى إسرائيل بعد تصنيعها في لبنان، وليست قادمة من الضفة الغربية، وبعد نشر القوات ومشاركة الشاباك بالمعلومات تم تحديد مكان المنفذ وقتله خلال محاولة هروبه إلى لبنان مجددًا.
وأشارت إلى أن هذا الهجوم الأول لعنصر لبنان داخل “إسرائيل” بعد سنوات طويلة، حيث في عام 2002 في عملية مشتركة مع حزب الله، تسلل عناصر من الجهاد الإسلامي من لبنان وقتلوا 6 إسرائيليين في عملية إطلاق نار قرب الحدود، وفي عام 2012 تم الكشف عن شبكة من مهربي الأسلحة والمخدرات تلقوا كميات كبيرة من المتفجرات سي4 التي يستخدمها حزب الله، وتم الكشف عن عبوات ناسفة في الناصرة ربما هربت لاستخدامها من قبل آخرين قبل استلامها.
ورأت أن معرفة من يقف خلف الهجوم مرتبط بتطورات التحقيق الاستخباراتي خاصة وأن المنفذ قتل، ولا يعرف فيما إذا كان نفذ العملية بتخطيطه لوحده، أم هناك من يقف خلفه ويريد إرسال رسالة.
وتقدر الصحيفة أن عدم رد فعل إسرائيل على أرض الواقع، إلى جانب مغادرة نتنياهو في زيارة قصيرة رسمية إلى ألمانيا اليوم، يعزز التقدير بأنه سيتم احتواء الحدث، وأن ذلك قد يعود لأن العبوة لم تؤدي لقتل إسرائيليين وهو الأمر الذي كان سيلزمها بالرد.
ورأت أن الحدث يتطلب التحقيق المعمق في أوساط الجيش الإسرائيلي، وأن يفحص كيفية تسلل المنفذ دون أن يلاحظه أحد، إلى جانب التحقيق في قدرة المنفذ للتحرك 10 ساعات ما بين التفجير وحتى الوصول إليه، معتبرةً أنه من الضرورة إصلاح الخلل الذي وقع وأن يكون هناك معالجة سريعة وشاملة، لأن أي هجمات أخرى قد تقوض الشعور بالأمن النسبي لسكان الشمال، وأن نجاح مثل هذه العمليات قد يؤدي إلى رد فعل إسرائيلي ينتهي بتدهور الأوضاع إلى ما هو غير مخطط له.
من ناحيتها تقول صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، إن تقديرات نصرالله بأن إسرائيل لن ترد كما جرى بعد خطف الجنديين في عام 2006، هو ما دفعه للتشجع على الهجوم سواء كان يقف خلفه أو دعمه، مستغلاً الأوضاع الداخلية الإسرائيلية، إلى جانب التطورات السياسية في المنطقة بعد المصالحة السعودية – الإيرانية، والعلاقات السورية – التركية التي تسعى روسيا لإصلاحها.
وقالت الصحيفة: “كل الخطوط مترابطة، وينظر إليه على أنه ضعف إسرائيل من ناحية، وضعف إدارة جو بايدن من جهة أخرى، والعلاقات المضطربة للأخير مع نتنياهو، ما يخلق فرصة لأعداء إسرائيل وخصوم واشنطن في الشرق الأوسط، لفعل ما يتماشى مع مصالحهم”.
وتضيف: “في أنحاء العالم العربي، بدأت إسرائيل تُعامل إلى حد ما مثل وكالات التصنيف الائتماني الدولية، لا تزال قوية لكنها بدأت تتآكل من الداخل”، معتبرةً ما جرى في حادثة مجدو بمثابة رسالة للاستيقاظ من قبل نتنياهو وحكومته.
فيما قالت صحيفة معاريف العبرية، إن الهجوم بمثابة إنذار أحمر على خارطة التهديدات الأمنية، ويشير إلى أن الإيرانيين وأنصارهم مثل حزب الله، وحماس، والجهاد، يعملون بكامل قوتهم للاستفادة من الانقسام في إسرائيل لتقويض الواقع الحالي بشكل أكبر.
وأضافت: “إن أعمال الإرهاب، خاصة في قلب دولة إسرائيل تحت حكم حكومة اليمين، تزيد من الانقسام والإحباط والفوضى في إسرائيل، وكل هذا مع الاستفادة من تفكك السلطة الفلسطينية التي تفقد مع كل ساعة المزيد والمزيد من شرعيتها في أوساط الجمهور الفلسطيني”. وفق تعبيرها.
ورأت أن هذه الحقائق تشجع الإيرانيين على ضخ المزيد من الأموال لصالح الخلايا المسلحة الفلسطينية وهي الطريقة التي ولدت بها خلايا شباب “التيك توك” التي تعمل بشكل مقتطع بتشجيع ومال إيراني مثل “عربن الأسود”، والتي تمكنت من جر الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ عمليات مضادة وأمنية واسعة النطاق في المناطق الفلسطينية في ظل انهيار واختلال السلطة.
وأشارت إلى زيادة النفوذ الإيراني وجهود طهران لتوثيق الصلة بين غزة والضفة وحزب الله، من خلال تأسيس العديد من الخلايا المسلحة بالضفة لتنفيذ هجمات مختلفة. كما تقول الصحيفة العبرية.