قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، “إن مشاريع ومخططات الحكومات الإسرائيلية على اختلافها لتهويد القدس المحتلة، تأتي في سياق ترجمة الحلم الإسرائيلي إلى وقائع ميدانية على الأرض، بصرف النظر عن الظروف المحلية والإقليمية والدولية”.
ويعتقد حكام تل أبيب أن المشروع الاستيطاني اليهودي يبدأ ويكتمل في القدس انطلاقا من الجري وراء أساطير بحقوق يهودية تاريخية في المدينة، حيث يسود تنافس محموم بين حكومات تل أبيب المتعاقبة لاغتنام كل فرصة ممكنة للسيطرة على ما هو متاح بجميع الوسائل، بدءا بمصادرة الاراضي مرورا بالمشاريع الاستيطانية وانتهاء بهدم منازل المواطنين الفلسطينيين ومخططات التهجير والتطهير العرقي الزاحف.
وفي هذا السياق، صادقت “لجنة التخطيط” في بلدية الاحتلال بالقدس على 3 مخططات بناء استيطانية جديدة بالمدينة، في كل من جبل أبو غيم والمنطقة الصناعية ومنطقة حديقة الحيوانات المقامة على أراضي الولجة وبيت جالا، بما مجموعه حوالي 700 وحدة استيطانية.
ويعتبر هذا المشروع الخامس منذ مطلع العام الجاري 2023 وتنصيب حكومة اليمين المتطرف التي فتحت الباب على مصراعيه للمشاريع الاستيطانية، بعد أن وافقت تلك اللجنة على المخططات الاستيطانية الجديدة التي تشمل بناء أبراج استيطانية لتشكيل جدار استيطاني وديمغرافي يفصل جنوب القدس المحتلة عن عمقها في الضفة الغربية.
ويقع المخطط الأول في “تل بيوت” في مجمع شوارع مركزي يفصل الشطر الغربي من القدس عن الشطر الشرقي، ويربط المنطقة الجنوبية بالتجمع الاستيطاني “كفار عتصيون” والبؤر الاستيطانية في شمال مدينة الخليل، وحسب بلدية الاحتلال فإنّ مساحته حوالي 16 دونمًا.
ويشمل المخطط إلغاء منطقة مخصصة كطريق معتمد، حيث سيمر القطار الخفيف وإنشاء برج سكني استيطاني من 30 طابقًا يضم 115 وحدة استيطانية، بينما تحتوي الطوابق السفلية للبرج على محال للاحتياجات العامة وواجهة تجارية فضلا عن إقامة مبنى استيطاني من 12 طابقًا يضم 42 وحدة سكنية.
أما المخطط الثاني فيضم برجين سكنيين جديدين للمستوطنين من 34 طابقًا فوق طابقين سفليين، بما في ذلك واجهة تجارية ومناطق عمل، وإجمالي 330 وحدة استيطانية، وبالإضافة إلى ذلك، سيتم تقديم مخصصات للاحتياجات العامة في منطقة الطابق السفلي، على المستوى الخلفي الواقع باتجاه شبكة النقل العام الحالية والقطار الخفيف الذي يجري الاعداد له ليصل حديقة الحيوانات.
أما المخطط الثالث فيقضي بإنشاء برجين استيطانيين جديدين برجًا مكونًا من 30 طابقًا وبرجًا مكونًا من 16 طابقًا ويشمل واجهة تجارية ونحو 210 وحدة استيطانية، إلى جانب ذلك، سيتم إنشاء مركز رعاية نهارية ورياض أطفال وفرع لمركز مجتمعي وكنيس، بالإضافة إلى معبر للمشاة بين برجين استيطانيين.
وقال رئيس بلدية الاحتلال “موشيه ليون” إن “البلدية ستواصل هذه السياسة بهدف إضافة أكبر عدد ممكن من الوحدات الاستيطانية”.
ووافقت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء الاستيطاني للاحتلال في القدس على خطة لتوسيع مستوطنة “نوف تسيون” في جبل المكبر جنوب المدينة المحتلة، ومن المتوقع أن تربط الخطة الحالية التي تضم مائة شقة و 275 غرفة فندقية استيطانية، مستوطنة “نوف تسيون” مع حي قصر الحاكم.
وفي الوقت الحالي تعيش هناك حوالي 10 عائلات مستوطنة في مجمعين سكنيين، كانت الأرض التي ستُبنى عليها الوحدات السكنية محل نزاع قانوني لفترة طويلة، وقبل نحو عقد من الزمان حاول رجل أعمال فلسطيني شراء الأرض لمنع توسع الحي اليهودي، وفشلت الصفقة وتم شراء الأرض من قبل رجل الأعمال اليهودي “رامي ليفي”.
وفي الوقت نفسه، كشفت بلدية الاحتلال في القدس عن مشروع مشترك تم تنفيذ أجزاء منه في أراضي لفتا التحتى بالشراكة مع ما يسمى “سلطة أراضي إسرائيل” وصندوق الحفاظ على المناطق المفتوحة، ويشمل المشروع شق طرق ومسارات توراتية ودينية في قرية لفتا المهجرة شمال غرب القدس.
وقالت بلدية الاحتلال إن المشروع مقدمة للمشاريع الاستيطانية التي يجري التقدم بها ببطء بسبب طبيعة قرية لفتا الفلسطينية ذات الطبيعة والموقع الاستراتيجي وانه تم تمويل تطوير مساحة تقارب 80 دونما في القرية الفلسطينية المهجرة وتحويلها الى “محمية طبيعية” عند مدخل القدس من الغرب، مضيفة في تقرير لها “سيستمتع المسافرون الإسرائيليون بمواقع طبيعة وتراث ذي قيمة عالية من المناظر الطبيعية ومسارات جيدة للتنزه في موقع هذه القرية التي ما تزال مبانيها قائمة، وزوايا للترفيه والراحة، حسب تصريح مدير سلطة الأراضي.
وتم الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع التطوير هذا والتي تشمل ترميم المصاطب القديمة، وإنشاء طريق وصول إلى نبع لفتا التاريخي القديم وزراعة الممرات الترفيهية ومناطق الراحة والظل تحت أغصان أشجار الزيتون واللوز والمناظر الطبيعية الخلابة لجبال القدس.
وفي الوقت الذي يتهدد الفلسطينيون خطر مصادرة منازلهم او هدمها بحجج مختلفة، أوعز وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير بهدم المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة خلال شهر رمضان رغم التحذيرات الأمنية الإسرائيلية.
ويُلاحق شبح الهدم والتهجير الجماعي الوشيك ما يزيد عن 150 عائلة مقدسية تعيش في البلدة القديمة بالقدس المحتلة والأحياء المحيطة بها، قبل حلول شهر رمضان المبارك، ومن المقرر أن تعقد محاكم الاحتلال خلال آذار الجاري، جلسات استماع يُحتمل أن تكون حاسمة بشأن قضايا الإخلاء والتهجير، ما يُعرض أكثر من 80 مقدسيًا في وقت واحد لخطر التهجير القسري الذي تقف خلفه جمعيات استيطانية وتتقدم بدعاوي اخلاء منازل لفلسطينيين بحجج مختلفة كالادعاء بأن البيوت تعود ملكيتها ليهود قبل العام 1948 على أساس قوانين إسرائيلية عنصرية تمييزية بطبيعتها تستفيد منها في الاستيلاء على ممتلكات ومنازل المقدسيين وطردهم منها قسريًا.
وفي المقابل تحرم تلك القوانين الفلسطينيين من إمكانية المطالبة باستعادة ممتلكاتهم الواقعة غربي القدس والتي كانوا يمتلكونها حتى عام 1948، وعائلة المقدسية فاطمة سالم واحدة من العائلات التي يُواجهها خطر الإخلاء من منزلها في حي الشيخ جراح، لصالح جمعيات استيطانية.
وتعيش سالم في الشيخ جراح منذ نحو 73 عامًا، وتملك منزلًا بجانبه قطعة أرض، ويهددها الاحتلال بالتهجير، ودائمًا ما تتعرض لاعتداءات من المستوطنين الذين يسعون للاستيلاء على منزلها البالغ مساحته 240 مترًا مربعًا.
كما تواجه عائلات الدجاني، والداودي، وحماد في كرم الجاعوني بالشيخ جراح، نفس مصير عائلة سالم، إذ من المقرر عقد جلسة استماع في المحكمة العليا الإسرائيلية يوم 29 اذار الجاري للنظر في استئناف ضد إخلائها من منازلها.
وفي ظل التحريض الإسرائيلي الرسمي على بلدة حوارة، خاصة مع دعوة وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش لمحو البلدة عن الوجود، أفرجت سلطات الاحتلال عن 6 مستوطنين من مرتبكي الهجوم المجرم على الفلسطينيين في بلدة حوارة، وقالت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” انه وعلى الرغم من كثافة واتساع نطاق هجمات يوم الأحد 26 فبراير، التي أسفرت عن استشهاد فلسطيني وجرح ما يقرب من 400 آخرين، وبالرغم من إظهار نادر للإدانة الدولية لعنف المستوطنين، فقد أفرجت الشرطة الإسرائيلية عن ستة مشتبه بهم.
وأضافت: “في ظل نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي، تسود ظاهرة الإفلات من العقاب”، وأكدت أن سلطات الاحتلال لطالما مكنّت المستوطنين من شن هجمات ضد الفلسطينيين وحرَّضت عليها، وفي بعض الحالات شارك فيها الجنود بشكل مباشر.
وفي هذا السياق، يجري تداول أغنية فاشية في مجموعات “واتسآب” و”تلغرام” للمستوطنين المتطرفين خاصة بين منظمة “شبيبة التلال” الإرهابية، تُمجد هجوم المستوطنين على بلدة حوارة، وتتباهى الأغنية الفاشية بإحراق المستوطنين لعشرات البيوت ومئات السيارات خلال ذلك الهجوم الوحشي، وتقول كلماتها: “من يحترق الآن؟ حوارة. بيوت وسيارات أيضا، حوارة. يخرجون من هناك جميع المسنات، حوارة. والحملان والغسالات، حوارة. مثلما سيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء”.
وأكد المكتب الوطني أن عنف المستوطنين والإرهاب اليهودي في حوارة لا يجري في فراغ، فهذه نتيجة مباشرة لثقافة تشجيع من المستوى السياسي وحراسة قوات الجيش لهم، وعندما يدعو وزير في وزارة الأمن إلى محو حوارة، فمن الواضح أن هناك من يستمع وينفذ.
وكشف تقرير إسرائيلي النقاب عن تجاهل شرطة الاحتلال للغالبية العظمى من اعتداءات المستوطنين التي تستهدف الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، وبين التقرير الذي نشرته منظمة “يش دين” الإسرائيلية” أن 93% من ملفات التحقيق ضد المستوطنين انتهت دون تقديم لوائح اتهام وبتسجيل الاعتداء ضد مجهول وأنه جرى تسجيل 1597 اعتداء من المستوطنين منذ العام 2005 وحتى نهاية العام 2022، حيث تم فتح تحقيق في 7% منها، وقدمت لوائح اتهام في 107 ملفات فقط، بينما تم إغلاق 81% من الملفات، ما يشير الى تجاهل الشرطة لشكاوى الفلسطينيين في الوقت الذي تفتح فيه تحقيقاً وتقدم لوائح اتهام بحق غالبية الفلسطينيين المقدمة بحقهم شكاوى من المستوطنين.
كما أظهر التقرير أن 3% فقط من لوائح الاتهام المقدمة انتهت بإدانة المستوطنين.
على صعيد اخر، أصدرت سلطات الاحتلال قرارًا بمصادرة مئات الدونمات من أراضي قرية أم صفا شمال مدينة رام الله، حيث اقتحمت قوات الاحتلال القرية ووزعت قرارات تقضي بمصادرة قرابة 300 دونم من أراضي القرية، وإخلائها لغرض الاستيلاء عليها ومصادرتها.
وكانت قوات الاحتلال قد صادرت في الأعوام الماضية أراضي زراعية تعود ملكيتها لمواطنين من القرية بحجة توسيع مستوطنة “عتيرت” المقامة على أراضي القرية والقرى المجاورة.
كما صادقت لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست على مشروع قانون لإلغاء ما ترتب على خطة الانفصال من جانب واحد لعام 2005 في أربع مستوطنات في الضفة الغربية، وذلك في إطار خطة “فك الارتباط” عن غزة التي نفذتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة ارئيل شارون آنذاك وأخلت بموجبها 4 مستوطنات شمال الضفة.
وأيد مشروع القانون 9 من أعضاء اللجنة البرلمانية، في حين عارضه أربعة أعضاء كنيست، من بينهم رئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق غادي آيزنكوت من حزب “أزرق أبيض”، في حين أيده أعضاء الكنيست عن أحزاب اليمين سواء في الائتلاف الحكومي أو المعارضة.
وكان القانون قد حظي بتأييد 62 عضو كنيست ومعارضة 32 في القراءة التمهيدية، وذلك ضمن المخططات الاستيطانية لحكومة نتنياهو التي تشمل شرعنة بؤر استيطانية في الضفة المحتلة، وخططاً للتوسع الاستيطاني تشمل بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة.
وتمهد هذه الخطوة لطرح مشروع القانون على الهيئة العامة للكنيست للتصويت عليه في قراءة أولى، وذلك في أعقاب إقراره في قراءة تمهيدية في 15 شباط الماضي، قبل نقل مشروع القانون لمداولات لجنة الخارجية والأمن التي يترأسها عضو الكنيست، يولي إدلشتاين “الليكود”، ويسمح مشروع القانون بعودة المستوطنين إلى 4 مستوطنات تم تفكيكها، هي: “غانيم” و”كاديم” و”حوميش” و”سانور”.