والدة الأسير محمد فرحات.. بين نار الشوق لعناقه ورفض الاحتلال لعلاجه

بعد كل زيارة لأسيرها، تعود الوالدة ليلى فرحات “أم هيثم” حزينة وباكية، لتأثرها الشديد بصور السجن والاعتقال ولشوقها لعناق نجلها الأسير محمد مراد فرحات، وتقول: “ما يحزننا أننا لم نتمكن من عناقه ومصافحته منذ اعتقاله، وعندما شاهدت حالته الصعبة، انهرت من البكاء طوال الزيارة، وعدت لمنزلنا وسط دوامة حزن رهيبة، فالاحتلال يرفض علاجه، لكن لا نملك سوى الصبر والدعاء لله ليفرج كربه وتنتهي رحلة غيابه القسري عنا”.

وتضيف: “نطالب كافة الجهات المعنية بالأسرى، متابعة حالته الصحية والضغط على الاحتلال لعلاجه، فما زال ينتظره عقاب السجن لسنوات طويلة، وأملنا بالله أن يصبرنا ويحميه و يعجل بحريته”.


في مخيم جنين، أبصر محمد النور، هناك عاش طفولته وتلقى تعليمه في مدارس وكالة الغوث، ولم يكمل دراسته بسبب ظروف العائلة الصعبة، وتقول والدته أم هيثم: “قرر التضحية بتعليمه وترك مقاعد الدراسة بعدما أنهى الصف الأول إعدادي، وتوجه للعمل وتحمل المسؤولية رغم صغر سنه، فكبر قبل أوانه، وأصبح يتعب ويشقى في كل مهنة شريفة لمساعدتنا على العيش الكريم، لم يقصر معنا، وتميز بالحنان وطيبة القلب وبر الوالدين وحب أسرته ووطنه”.

وتكمل: “لم نعلم بنشاطه ودوره في مقاومة الاحتلال، فقد كان كتوم ولا يبوح بسره لأحد، لكنه تميز بالشجاعة والبطولة التي جعلته مستهدفاً من الاحتلال”.

يتذكر الوالد الخمسيني أبو هيثم، تفاصيل لحظات استهداف الاحتلال لنجله، ويروي “أن ضابط المخابرات الإسرائيلي، اتصل على هاتفه الخلوي قبل اعتقال محمد بفترة، وحذره ووجه له التهديد، بدعوى نشاطه في المقاومة”.

ويقول: “هددني ضابط المخابرات بتصفيته، لكنه لم يطلب منا تسليمه أو حضوره لمعسكر سالم الاحتلالي، بل هددني بقوله أنه مطلوب للتصفية، لم نهتم بتهديدات، لأن محمد كان يعيش حياة طبيعية ومهتم بأسرته وعمله، ولأنه لم يكن ينتمي حسب علمنا لتنظيم أو جهة”.

واصل محمد حياته بشكل طبيعي، حتى حاصر الاحتلال منزل عائلته في مخيم جنين، صبيحة تاريخ 8/8/2017، ويقول والده: “استيقظنا من نومنا، ووجدنا العشرات من الجنود اقتحموا منزلنا دون الشعور بوجودهم وحركتهم، وشعرنا برعب وقلق عندما شاهدناهم في كل ركن وزاوية”.

ويضيف: “احتجزونا في أحد الغرف، واعتدوا على ابني ياسر بالضرب دون سبب، وقاموا بحملة تفتيش دقيقة كسروا ودمروا خلالها كل الأثاث والأجهزة ومحتويات منزلنا”.

ويكمل: “خلال ذلك، كان الجنود انتزعوا محمد من فراشه، حاصروه وهم يوجهون أسلحتهم نحوه، قيدوه ورفضوا السماح له بارتداء ملابس عادية ومنعونا من وداعه، وخلال نقله للدوريات ضربوه بشكل وحشي”.

وذكر فرحات، أن محمد قضى 40 يوماً، وسط العزلة الكاملة في زنازين التحقيق في سجن الجلمة، ويقول: “عشنا مشاعر الخوف والقلق على حياته ووضعه الصحي، بسبب مرضه وصغر سنه وبسبب تهديدات الاحتلال السابقة لنا، والتي أثارت الرعب لدينا خاصة في ظل انقطاع أخباره، فطوال مرحلة التحقيق لم تصلنا أي معلومات عنه”.

ويضيف: ” في البداية منعونا من زيارته، وتعمدوا عقابنا وإياه بالنقل، لكن المعاناة الرهيبة استمرت خلال تمديد توقيفه مرة تلو الأخرى، حتى تحولت كل جلسة لكابوس رهيب”.

 ويضيف: “تكررت الصدمة في حياتنا، عندما صدر قرار الحكم الرادع والذي كان عقاب وانتقام بحق ابنا، الذي سيقضي زهرة شبابه في غياهب السجون”.

خلال جلسة النطق بالحكم، ولهول الصدمة، انهارت وبكت الوالدة “أم هيثم”، التي تعاني من عدة أمراض، وتقول: “شعرت أن الحكم هو اعتقال لنا جميعاً، فأي شريعة أو قانون في العالم، يجيز للاحتلال أن يسرق من عمر ابني 12 عاماً، ليقضي زهرة شبابه بعيداً عنا، رهينة سجون الظلم والعقاب؟”.

وتضيف: “بعد اعتقاله بعام، أصبح يعاني من أوجاع وألم مستمر في عينه اليمنى، وقدم عشرات الطلبات لعيادة السجون لعلاجه، لكنها ما زالت ترفض وتهمل علاجه رغم حاجته الماسة للعلاج”.

أما والده، فقال: “بعد فترة طويلة من التمديد والتوقيف، صدمنا بحكمه بالسجن الفعلي لمدة 12 عاماً وغرامة مالية 20 ألف شيكل، بتهمة مقاومة الاحتلال أنه حكم تعسفي وظالم، فكيف سنعيش حياتنا محرومين من ابننا؟”.

وأضاف: “سنبقى نحصي الدقائق والأيام، بانتظار حريته وعودته لمنزلنا، وسيكون شهر رمضان القادم صعب ومؤلم في غيابه وحرماننا منه”.

Exit mobile version