الملياردير اليهودي مايك بلومبرغ: “إسرائيل” تسير نحو كارثة

قال الملياردير اليهودي – الأمريكي مايكل بلومبرغ، اليوم الأحد، إن إسرائيل تسير نحو كارثة، على خلفية خطة الإصلاح القضائي الذي تمضي حكومة بنيامين نتنياهو قدما في تنفيذها وتحد من سلطة القضاء لصالح السلطة التنفيذية.

وبلومبرغ (81 عاما) هو الرئيس التنفيذي لشركة “بلومبرغ” المالية والإعلامية ومحافظ مدينة نيويورك السابق.

وقال بلومبرغ في مقال رأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز، إن الحكومة بقيادة نتنياهو “تغازل الكارثة من خلال تعريض تحالفات إسرائيل حول العالم، وأمنها في المنطقة واقتصادها في الداخل والديمقراطية ذاتها التي بُنيت عليها البلاد للخطر”.

واستهل بلومبرغ مقالته بالقول “لم أتدخل قط في السياسة الداخلية (لإسرائيل) ولم أنتقد مبادرات حكومتها”، قبل أن يضيف أنه “بسبب حبي لإسرائيل، فإن احترامي لشعبها وقلقي على مستقبلها يقودني الآن إلى التحدث علنا ضد محاولة الحكومة الحالية لإلغاء القضاء المستقل في البلاد بشكل فعال”.

وتطرق بلومبرغ للأضرار الاقتصادية لخطة نتنياهو بقوله: “لقد بدأ بالفعل الشعور بالضرر الاقتصادي، كما أظهر هبوط الشيكل. تحدثت شريحة واسعة من قادة الأعمال والمستثمرين ضد اقتراح الحكومة، علنا وسرا. وفي علامة مقلقة، بدأ بعض الناس بالفعل في سحب الأموال من البلاد وإعادة تقييم خططهم للنمو المستقبلي هناك. بصفتي مالكا لشركة عالمية، لا ألومهم”.

ومضى بقوله: “تعطي الشركات والمستثمرون أهمية كبيرة للأنظمة القضائية القوية والمستقلة لأن المحاكم تساعد في حمايتها – ليس فقط من الجريمة والفساد ولكن أيضًا من تجاوزات الحكومة. وبنفس القدر من الأهمية، فإنهم يحمون أكثر ما يقدّره موظفوهم: الحقوق والحريات الفردية”.

وأردف قائلا: “في الواقع، قد يكون الارتفاع غير العادي في المكانة الاقتصادية لإسرائيل خلال الجيل الماضي هو أعظم إنجاز للسيد نتنياهو. من العدل أن نقول إنه لم يقم أي رئيس وزراء بالمزيد لتحويل اقتصادها إلى قوة عالمية. ومع ذلك، ما لم يغير مساره، فإن السيد نتنياهو يخاطر بإلقاء كل هذا التقدم- وإرثه الذي اكتسبه بشق الأنفس – بعيدا”.

وحذر الملياردير الأمريكي من أن الأمر لا يتعلق فقط بالاقتصاد: “يعتمد أمن إسرائيل جزئيا على علاقة مع الولايات المتحدة مبنية على قيم مشتركة – الحرية، والمساواة، والديمقراطية – والتي لا يمكن الحفاظ عليها إلا من خلال الالتزام بسيادة القانون، بما في ذلك قضاء مستقل”.

وأضاف “إذا تراجعت إسرائيل عن هذا الالتزام طويل الأمد وحركت نموذجها في الحكم نحو نموذج الدول الاستبدادية، فإنها تخاطر بإضعاف علاقاتها بالولايات المتحدة والدول الحرة الأخرى”، على حد تعبيره.

واعتبر أن ذلك “سيكون خسارة مدمرة لأمن إسرائيل، ويضر بآفاق الحل السلمي للصراع الفلسطيني وقد يعرض مستقبل الوطن اليهودي للخطر. كما أنه سيقوض الارتباط العميق الذي يشعر به الملايين من الناس حول العالم تجاه الدولة، غالبا بسبب الفخر الذي غرسه آباؤنا فينا ليس فقط لشخصيتها اليهودية ولكن أيضا لالتزامها القوي بالحرية”.

وحذر بلومبرغ من إمكانية استغلال الدول المعادية لإسرائيل لتلك الأزمة الداخلية: “كلما زاد الانقسام في الداخل، بدا البلد أضعف لأعدائه.الدول التي يحدها أعداء خارجيون لديها حاجة أكبر للبحث عن حل وسط داخلي، وآمل بشدة أن يقنع السيد نتنياهو ائتلافه بضرورة الاستجابة لنداء الرئيس يتسحاق هرتسوغ بالانسحاب والإبطاء”.

وقال: “في عام 2014، عندما منعت إدارة الطيران الفيدرالية شركات الطيران الأمريكية من السفر إلى إسرائيل بعد سقوط صاروخ من حماس بالقرب من مطار بن غوريون، صعدت على متن طائرة تابعة لشركة “العال”، ولم أخش أبدا أي خطر. تتخذ إسرائيل إجراءات استثنائية لضمان أمن ركاب الخطوط الجوية، وقد جادلت بشكل صحيح بأن حظر الرحلات الجوية كان بمثابة استسلام لحماس من شأنه أن يغلق اقتصاد الدولة فعليا، نظرًا لأن السفر الجوي هو الطريقة العملية الوحيدة لدخول وخروج جميع المسافرين تقريبا. كنت أرغب في الوقوف مع إسرائيل ضد حماس، من خلال تسليط الضوء على سلامة السفر إلى إسرائيل وحث إدارة أوباما على عكس المسار- وهو ما فعلته، لصالحها”.

وختم بلومبرغ مقاله بالقول: “استقبلني رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المدرج في ذلك اليوم. لقد شكرني على دعمي، وشكرته على دعم إسرائيل لمدينة نيويورك والولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر. إن الحلفاء المقربين المرتبطين ببعضهم البعض بقيم مشتركة يقفون معا في أوقات الحاجة – ليس فقط لدعم بعضهم البعض ولكن لإعادة التأكيد على الالتزامات التي لا يجوز انتهاكها لدينا للدفاع عن تلك القيم. وهذا هو السبب في أنني أقف مرة أخرى الآن”.

من هو مايك بلومبرغ؟
ولد مايكل روبنز بلومبرغ عام 1942 في أحد أحياء مدينة بوسطن الأميركية، ونشأ في عائلة يهودية من الطبقة المتوسطة في ميدفورد، ودرس في جامعة جونز هوبكنز وتخرّج عام 1964 بدرجة بكالوريوس العلوم في الهندسة الكهربائية، وفي عام 1966 تخرّج من كلية هارفارد للأعمال بدرجة ماجستير في إدارة الأعمال.

عمل بلومبرغ في شركات مالية، وفي عام 1981 امتلك ما قيمته 10 ملايين دولار من الأسهم، وباستخدام هذه الأموال، أنشأ شركة لتقديم معلومات تجارية عالية الجودة إلى شركات “وول ستريت” المالية، وفي عام 1982، أصبحت شركة “ميريل لينش” الشهيرة أوّل عميل للشركة الجديدة، التي أحدثت نقلةً في توزيع المعلومات المالية وجعلت من مؤسسها مليارديراً.

وفي عام 1987، تمّ تغيير اسم الشركة إلى Bloomberg L.P، واليوم تمتلك شركته وكالة “بلومبرغ” الشهيرة، التي أسسها عام 1990.

واليوم، يحتلّ مايك بلومبرغ المرتبة 14 في لائحة أثرى أثرياء العالم بثروة تناهز 80 مليار دولار، بحسب مجلة فوربز الأميركية.

دخوله السياسة وتوجهاته السياسية
وشغل بلومبرج منصب رئيس بلدية مدينة نيويورك لثلاث فترات متتالية منذ 2002، وكان بلومبرغ ديمقراطياً طوال حياته قبل أن يسعى لمنصب انتخابي، ولكنه غيّر انتماءه الحزبي في عام 2001 للترشّح لمنصب رئيس البلدية كعضو جمهوري.

وبعد فوزه بولاية ثانية عام 2005، ترك بلومبرغ الحزب الجمهوري في 2007، وقام بحملة لتغيير قانون حدود الولاية في المدينة للسماح له بالترشّح لولاية ثالثة كرئيس للبلدية، بحجة أن لديه الذكاء المالي اللازم لمساعدة المدينة في مواجهة المناخ الاقتصادي الصعب، وتمّ تبني القرار في عام 2008 بالفعل، فأنفق نحو 90 مليون دولار من أمواله الخاصة على الحملة، وانتخب لولايته الثالثة في عام 2009 كمستقل عن الحزبين.

يهوديته ودعمه لـ”إسرائيل”
على الرغم من أنه التحق بالمدرسة العبرية إلّا أنّ بلومبرغ اليوم يحمل توجهات علمانية، ويميل أكثر إلى التيارات الليبرالية، ولكنه يحضر الطقوس الدينية اليهودية خلال الأعياد، وقد سافر إلى فلسطين المحتلة لأوّل مرة في عام 2007.

وبحسب موقع المكتبة اليهودية، سبق أن تبرّع بلومبرغ بالمال لإعادة تصميم كنيس طفولته في ميدفورد، كما قام ببناء منشأة لـ “نجمة داوود الحمراء”، وسميت على اسم والده، وكذلك قام ببناء جناح في مستشفى هداسا في “إسرائيل”، سمّي على اسم والدته، ومشروع لتعزيز الابتكار في المدن المحتلة.

كما تبرّع بمبالغ لدعم رجال الأعمال اليهود الناشئين، وقد استفاد الأخير من دعم يهودي كبير عندما ترشح لمنصب رئيس بلدية نيويورك.

ولا يعتبر بلومبرغ من المنتقدين للاحتلال الإسرائيلي، بل تعدّه المنظمات الإسرائيلية من الداعمين لـ”إسرائيل”، ففي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، رفض بلومبرغ الحظر الذي فرض على السفر جواً من الولايات المتحدة إلى فلسطين المحتلة بعد سقوط صواريخ بالقرب من مطار بن غوريون، وقال لاحقاً إنه “أراد أن يظهر للعالم أنّ اليهود لن يدعوا أبداً الخوف من الإرهاب يبعدنا عن إسرائيل”.

كما أدّى بلومبرغ دوراً رئيسياً في إنشاء حرم جامعي لأبحاث التكنولوجيا الفائقة في جامعة كورنيل تابع لجامعة “تخنيون” الإسرائيلية في جزيرة روزفلت، إذ تبرّع بمبلغ 100 مليون دولار للمشروع.

وفي 2018، قام بلومبرغ بتغيير انتمائه الحزبي إلى “ديمقراطي”، وأعلن في 2019  أنه يسعى لنيل ترشيح الحزب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 في مواجهة دونالد ترامب، ولكنه انسحب لصالح جو بايدن بعدما حقّق الأخير نتائج أفضل منه، وقدّم دعمه لبايدن، بالرغم من إنفاقه عشرات ملايين الدولارات على حملته الانتخابية.

Exit mobile version