شدد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، خلال محادثات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على مخاوف من اتساع ظاهرة رفض الخدمة العسكرية وتغلغلها داخل الجيش، بحسب ما أفادت القناة 12 الإسرائيلية، مساء اليوم، الأحد.
في المقابل، أفادت هيئة البث الإسرائيلي العام (“كان 11”) بأن هليفي أوضح في محادثات عقدها اليوم مع نتنياهو، ووزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن اتساع دائرة الاحتجاج على مخطط إضعاف القضاء، قد “يضر في كفاءة وأهلية الجيش الإسرائيلي”.
وذكرت القناة 12 أن المحادثة بين هليفي ونتنياهو التي أجريت اليوم، جاءت على خلفية إعلان العشرات من جنود وضباط قوات الاحتياط التابعة للجيش الإسرائيلي عن رفضهم للخدمة العسكرية، وأكد هليفي خلالها أن “الحديث حول رفض الخدمة العسكرية قد يضر بالفعل بالكفاءة العملياتية للجيش”.
وأضاف أنه “كان من الخطأ وصف جنود الاحتياط الذين كانوا شاركوا في المظاهرات بأنهم ‘فوضويون‘، فهذا مسيء جدًا لأولئك المسؤولين عن أمن البلاد”، فيما أشارت “كان 11″، إلى أن 50% من الهجمات الجوية لسلاح الجو الإسرائيلي ينفذها طيارون من قوات الاحتياط.
من جانبه، حذّر وزير الأمن، غالانت، مساء اليوم، من تأثير الحركة الاحتجاجية على أهلية واستعداد الجيش الإسرائيلي، وقال في بيان مصور: “نحن نواجه تحديات خارجية كبيرة ومعقدة، وأي دعوة لرفض الخدمة تضر بعمل الجيش الإسرائيلي وقدرته على تنفيذ مهامه”.
وأضاف غالانت أن “الوضع اليوم يتطلب منا التحدث والحوار، وبسرعة. أتوجه من هنا إلى كل جندي وكل ضابط – الجيش الإسرائيلي هو أداة الدفاع عن دولة إسرائيل وجنود الاحتياط هم جزء من مصدر قوته الكبيرة”، وطالب بـ”الإبقاء على الجيش خاليا من النقاش والخلاف السياسي”.
ويسود قلق بالغ في الجيش الإسرائيلي من نشوء أزمة شديدة في قوات الاحتياط في الأذرع العسكرية احتجاجا على خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء، ووصف ضابط كبير في الجيش هذا التخوف من أنه “الأكثر شدة الذي تعامل معه الجيش” منذ حرب السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 1973.
ونقل موقع “واللا” الإلكتروني عن مصدر مطلع (لم يسمه)، مساء اليوم، أن “هليفي وغيره من المسؤولين الكبار في الجيش قلقون للغاية من أن الاحتجاجات التي يشارك فيها جنود الاحتياط ضد خطة الحكومة لإضعاف النظام القضائي، قد تبدأ في التأثير على الجوانب العملياتية لأنشطة الجيش”.
وأضاف المصدر أن رئيس الأركان الإسرائيلي تحدث مع وزير الأمن، غالانت، حول هذا الشأن في أكثر من مناسبة، في الأيام الماضية، وشدد المصدر على أن “هناك مخاوف حقيقية من أنه إذا استمر هذا الوضع فلن يكون هناك أحد يشارك في مهام ضمن المعركة بين حربين”، في إشارة إلى الغارات ضد أهداف لإيران وحزب الله في سورية.
وفي وقت سابق اليوم، أعلن 37 طيارا من أصل 40 طيارا يخدمون في قوات الاحتياط أنهم لن يمتثلوا في تدريبات مقررة يوم الأربعاء المقبل، وبدلا من ذلك سينفذون خدمتهم في الاحتياط باحتجاجات ضد خطة إضعاف القضاء مقابل مقرات الوزارات الإسرائيلية.
الإعلان جاء في بيان مشترك وقّعه الطيارون، وهم من “سرب المطارق” المخصص لمهاجمة أهداف بعيدة، وأبلغ الطيارون قائد هذا السرب، المؤلف من طائرات حربية من طراز F-15i ومقره في قاعدة “حتسريم” الجوية في بئر السبع، بقرارهم، وذلك في بيان مشترك وقّعه الطيارون الـ37.
وأفادت “كان 11″، مساء الأحد، بأن قادة سلاح الجو الإسرائيلي لا يعتزمون اتخاذ إجراءات ضد الطيارين تتجاوز عقد محادثات شخصية معهم، وذلك في محاولة لاحتواء الوضع في ظل الرغبة بتجنب الصدام معهم وخلق بيئة للحوار، طالما أن الخطوات الاحتجاجية “لا تؤثر حتى الآن على الكفاءة العملياتية في سلاح الجو”.
وسبق وأن قّع العديد من جنود الاحتياط على عرائض حذروا فيها من أنهم لن يخدموا ضمن قوات الاحتياط إذا جرى تمرير تلك الخطة “التي لن تقوض الأسس الديمقراطية لدولة إسرائيل”، وكان هليفي، قد دعا في شباط/ فبراير الماضي، ضباط الاحتياط إلى عدم إقحام الخدمة العسكرية في الخلاف حول خطة الحكومة بشأن القضاء.
وفي خطوة استثنائية، عبّر قائد سلاح الجو في الجيش الإسرائيلي، تومر بار، في رسالة إلى عناصر الاحتياط، أول من أمس، عن دعمه وتفهمه لـ”الحيرة” التي يبديها عناصر الاحتياط في سلاحه في أعقاب التهديدات التي أطلقوها بشأن رفضهم للخدمة، في ظل مخاوفهم من تداعيات خطة إضعاف القضاء على “فرص توفير الحماية لهم أمام المحاكم الدولية”.
واعتبر المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، اليوم، أن رسالة بار “تعكس خطورة الوضع في السلاح، إثر حجم وشدة الاحتجاجات ضد خطة الحكومة. ويبدو أن بار هو الضابط الأكثر قلقا في الجيش الإسرائيلي في هذه الأيام، وهو أشبه بشخص يسكن أمام فوهة بركان. وهو يعي عمق المشاعر في صفوف الكثيرين من عناصره حيال خطة الحكومة، وهو يعلم أي تأثير ضار قد يكون لقرار قسم منهم بالتوقف عن التطوع لخدمة الاحتياط إذا تم تمرير التشريعات”.