قبيل شهر رمضان المبارك، وفي ظل التوقعات بحدوث تصعيد إسرائيلي، من المتوقع أنّ يعقد مؤتمر، الأسبوع القادم، في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، ضمن جهود بذلتها عدة شخصيات قيادية، لبحث مواجهة حكومة اليمين الإسرائيلي، وفق مبادرة سيتم إطلاقها باسم “مبادرة جنين”.
مسودة “وثيقة جنين”، التي سيعقد من أجل نقاشها مؤتمر، السبت المقبل، لبحث طرق وآليات وطنية متفق عليها تنبثق منها مجموعة مبادئ تضم خارطة طريق نحو “عقدٍ اجتماعي وحدَوي”، وتقضي باتخاذ خطوات عملية لعقد اجتماع على مستوى الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وكذا تشكيل قيادة وطنية موحدة.
وطرحت مبادرة “وثيقة جنين” من أربع شخصيات وطنية من مخيم جنين، بوجود موافقة مبدئية على المشاركة من كل الفصائل الفلسطينية، وبمشاركة شخصيات رمزية من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، والقدس المحتلة، والطوائف المسيحية، والشتات الفلسطيني، ومداخلات مكتوبة أو عبر “الفيديو” من قطاع غزة، مع الأخذ بعين الاعتبار تمثيل فئة الشباب.
المغاير في وثيقة مخيم جنين لسابقاتها، أنّها تدعو لاجتماع فصائلي داخل الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية، بعد فشل حوارات المصالحة مؤخراً، إضافةً لرمزية المخيم الوحدوية التي جمّعت الفصائل تحت خيار الكفاح المسلح، ويسعى المؤتمر إلى تجسيد نضال الشهداء عبر رفع شعارٍ جديد عنوانه “الشعب، والسلطة، والمقاومة، في خندقٍ واحد”، حسبما يوضح عضو مبادرة “وثيقة جنين”، رمزي فياض.
وصحيح أنّ آخر اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية كان في 3 سبتمبر/ أيلول من عام 2020، وعُقد عبر تقنية “الفيديو” ما بين رام الله وبيروت، وانبثق منه قيادة موحدة أصدرت بيانها الأول في الثالث عشر من ذات الشهر، لكن قراراتها لم تر النور.
ورداً على سؤال، عمّا إذا كانت الفصائل الفلسطينية قد قدّمت ملاحظات على بنود الوثيقة، أجاب فياض بأنّ “حركة حماس طلبت الإفراج عن المعتقلين السياسيين كبادرة حسن نيّة، لكننا أبلغناهم بأننا لسنا جهة رسمية، وسندعو لمبادرة تلزم بوقف التحريض وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين”.
أما عن ملاحظة حركة فتح، فقد بيّن فياض أنّ أعضاءً في مركزية الحركة أبدوا تخوفهم من انبثاق قيادة موحدة بديلة عن القيادة “الشرعية”، وتساءلوا عن عدم دعوة المؤتمر لانعقاده في مقر المقاطعة الفلسطينية بمدينة رام الله، وكان الرد بأنّ القيادة الموحدة من كل الفصائل ليست بديلًا عن أحد، وأنّ عقد الاجتماع في مخيم جنين يهدف إلى انطلاقه من الحاضنة الشعبية.
من جانبه، قال القيادي في حركة “حماس” حسين أبو كويك، لـصحيفة”العربي الجديد”: “سنشارك بالمؤتمر، ولن نغلق الباب أمام أي جهد وطني، لكن التطبيق الحقيقي للمخرجات أمر هام، وقدمنا ملاحظات أبرزها الدعوة لإجراء انتخابات عامة (رئاسية، وتشريعية، ومجلس وطني)، وأنّ تستند حكومة الوحدة الوطنية إلى برنامج وطني متفق عليه، وليس شروط الرباعية الدولية”.
ووفق أبو كويك، طلبت حماس الالتزام بميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، لتنضم هي وحركة الجهاد الإسلامي للمنظمة، و”مسح” اتفاقيتي “أوسلو” و”باريس الاقتصادية” من التاريخ الفلسطيني، والإفراج عن المعتقلين السياسيين كبادرة حسن النوايا، ووقف التنسيق الأمني، خاصةً أنّ “وثيقة جنين” تأتي في أعقاب “اجتماع العقبة”، “الذي لا يصب بمصلحة القضية الفلسطينية”.
من جانبه، أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، أنّ حركته توافق مبدئياً على المشاركة في أيّ جهد من شأنه إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتجنب خلق أي جسم جديد يعمق الخلافات الداخلية، لكن اللجنة المركزية لم تجتمع لطرح الموضوع، وأنّ هذه الأمور تدار بدايةً في مكتب الرئيس محمود عباس، على حد تعبيره.
وعن تخوفات حركة فتح من إيجاد قيادة بديلة في المؤتمر، أوضح زكي: “لا نريد أنّ تكون هناك قيادة بديلة انقلابية، إلا أنّ الظرف يتطلب الضغط على القيادة الفلسطينية الحالية لتجري الانتخابات بمواعيدها لإنهاء الخلاف السياسي والانقسام الجغرافي، ولأن حلّ الدولتين غير قابل للتنفيذ، يجب البحث عن طريق جديد في ظل حكومة إسرائيلية ظلامية، وسياسة (فرق تسد) الأميركية”.
وكانت مصادر سياسية قد أكدت لـ”العربي الجديد”، أنّ حركة فتح مستعدة للمشاركة في مؤتمر إعلان “وثيقة جنين”، على مستوى حضور أعضاء من لجنتها المركزية، وهم: محمود العالول، حسين الشيخ، عزام الأحمد، وعباس زكي.
مسودة “وثيقة جنين”، المكونة من ست نقاط، وهي “الدعوة لعقد لقاء اجتماع الأمناء العامين للفصائل، وتفعيل القيادة الوطنية السياسية والميدانية الموحدة، ومهمتها صياغة برنامج وطني ونضالي موحد”.
وتنص الوثيقة على “ترسيخ مفهوم الوحدة السياسية والجغرافية والشعبية، ورفع شعار الشعب والسلطة والمقاومة في خندق واحد”، و”إعلان حالة الاشتباك السياسي والنضالي والقانوني مع المشروع العنصري الصهيوني ونظام الأبارتهايد في كل الساحات”.
وجاء في المسودة: “الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة شؤون المواطنين وفق برنامج تعزيز الصمود والمواجهة”، و”إطلاق مبادرة التكافل الاجتماعي والوطني والاقتصادي بين مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني في كل الساحات بما يكفل تخفيف أعباء الحصار الصهيوني وخاصة بقطاع غزة”، و”دعوة كل الأطراف إلى البدء فوراً بخطوات حسن النوايا”.