سحب الجنسية والإقامة من أسرى الداخل والقدس قانون عنصري

بقلم: المحامي علي أبوهلال 

تواصل حكومة الاحتلال الاسرائيلي سياستها العنصرية ضد الشعب الفلسطيني، وتواصل هجمتها غير المسبوقة بحق الأسرى، ليس داخل السجون والمعتقلات فقط، بل بعد تحررهم منها، وتشمل هذه السياسة أهاليهم وعائلاتهم، وفي هذا الإطار تسن قوانين جديدة مخالفة للقانون الدولي، والشرعة الدولية لحقوق الانسان.
حيث صادقت الهيئة العامة للكنيست، نهائيا، بالقراءتين الثانية والثالثة، يوم، الأربعاء 15 فبراير/ شباط 2023، على مشروع قانون لسحب المواطنة أو الإقامة وإبعاد كل أسير فلسطيني يحصل على مساعدات مالية من السلطة الفلسطينية، وذلك بتأييد 94 عضو كنيست ومعارضة عشرة أعضاء. ويسمح القانون لوزير الداخلية بسحب المواطنة أو الإقامة من شخص أدين بجريمة “إرهابية” وحصل على مخصصات مالية من السلطة الفلسطينية، وترحيله إلى الضفة الغربية أو إلى قطاع غزة.
وينص القانون على أنه “في حالة إدانة مواطن أو مقيم إسرائيلي بارتكاب جريمة تشكل انتهاكًا للأمانة لدولة إسرائيل، وحكم عليه بالسجن بسبب هذه المخالفة، وثبت أن السلطة الفلسطينية عوضته ماليا عن ذلك، فإنه سيكون من الممكن سحب جنسيته أو تصريح إقامته الدائمة ونقله إلى أراضي السلطة الفلسطينية أو قطاع غزة”.
وأوضح الكنيست أنه بموجب القانون: “يلغي وزير الداخلية تصريح الإقامة الدائمة بعد التشاور مع لجنة استشارية وبموافقة وزير القضاء، ويتم إسقاط الجنسية عن طريق المحكمة، بناء على طلب وزير الداخلية، بعد التشاور مع لجنة استشارية وبموافقة وزير القضاء”.
ووفقا للقانون يجب أن يوافق وزير الداخلية على إلغاء الإقامة والترحيل في غضون 14 يومًا، ويجب أن يصادق وزير القضاء على القرار في غضون 7 أيام، والمحكمة في غضون 30 يومًا”، ويستهدف القانون المئات من أسرى الداخل الفلسطيني والقدس المحتلة.
ومن الجدير ذكره أن سن وإقرار القانون تم بجهد مشترك بين أعضاء من الائتلاف والمعارضة الإسرائيلية على حد سواء، وجاء في نصه أنه “يتلقى العديد من الأشخاص الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية أو الإقامة الدائمة رواتب شهرية من السلطة الفلسطينية كأجور وتعويضات عن ارتكاب أعمال عدائية، وتزداد هذه الرواتب تدريجيا بما يتناسب مع مدة حبس الشخص، وعندما يوافق مواطن أو مقيم في دولة إسرائيل على تلقي مدفوعات من السلطة الفلسطينية بشكل مباشر أو من خلال كيان أجنبي، كأجور أو تعويضات لارتكاب عمل عدائي أو جريمة أخرى تسبب ضررًا جسيمًا لأمن الدولة، فهذا يعني بمثابة اعتراف بأنه تخلى عن مكانته كمواطن أو مقيم”
وعلق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على القانون، بالقول: “صادقنا الآن في الكنيست على مشروع قانون رئيس الائتلاف أوفير كاتس برفض الجنسية وترحيل “الإرهابيين”. ردنا على “الإرهاب” هو ضربه بشدة”، وقال رئيس الائتلاف وأحد المبادرين لمشروع القانون، كاتس، إن “هذه الخطوة هي فجر حقبة جديدة، وسيتبعها العديد من الخطوات، الإرهابيون الذين يتلقون أموالاً من السلطة الفلسطينية سيطيرون من هنا إلى غزة ورام الله، حان وقت الردع”. بدوره، ادعى عضو الكنيست عن المعارضة وأحد المبادرين لمشروع القانون، زيئيف إلكين، أنه “لا يوجد قانون أكثر عدلاً من هذا القانون”.
يبدو أن هناك إجماع داخل دولة الاحتلال على دعم هذا القانون العنصري الفاشي الذي يستهدف الأسرى الفلسطينيين، رغم أن جزءا منهم يحمل الجنسية الإسرائيلية، وهم أسرى الداخل ” فلسطينوا عام 48”، في حين أن المستوطنين الإرهابيين الذين يرتكبون جرائم إرهابية ضد الشعب الفلسطيني، أو ضد اليهود أنفسهم، يحملون الجنسية الإسرائيلية لا يطبق عليهم هذا القانون، وفي هذا الشأن تبدو عنصرية القانون وفاشيته، ويكشف عدم قانونيته، ولا يتسم بمعايير القوانين والتشريعات التي يجب أن تكون دستورية، أي لا تتعارض مع دستور الدولة التي سنتها. ورغم اعتبارها أن القانون يحتوي على “مشاكل دستورية”، إلأ أن المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، تعتزم الدفاع عن مشروع القانون أمام المحكمة العليا، بحسب ما ذكرت القناة 13 الإسرائيلية.
إن إقرار القانون من الكنيست الإسرائيلية التي تعتبر “السلطة التشريعية لدولة إسرائيل”، يؤكد مدى فاشية وعنصرية هذه السلطة التشريعية، التي لم تدخر جهدًا منذ عقود من أجل إنشاء نظامين قضائيين مختلفين في دولة الاحتلال، يفرقان على أساس عنصري بين المجموعات السكانية على أساس العرق، واحد لليهود وآخر للفلسطينيين، وفي هذه الأيام ازدادت وتيرة العمل في هذه الحكومة من أجل تعميق الفصل العنصري بين اليهود والفلسطينيين. ومن هنا يبدو مدى عنصرية الكيان الصهيوني، ومؤسساته التشريعية والقضائية، وأنه لا يلتزم بالقانون الدولي، وتعتبر كل تشريعاته وقوانينه، باطلة وغير قانونية. ولا يخفي نص القانون وصياغته أنه كتب وأقر ضد الفلسطينيين فقط دون غيرهم من أجل انتهاك المزيد من حقوقهم الأساسية، هذه المرة من خلال توفير إمكانية إضافية لسحب جنسيتهم أو مواطنتهم وتهجيرهم من أرضهم ومنازلهم بما يخالف القانون الدولي الإنساني”، وقانون حقوق الانسان، وقرارات الشرعية الدولية.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.

Exit mobile version