قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، إن التوترات في الأراضي الفلسطينية بدأت تشبه تلك التي سادت قبل الانتفاضة الثانية عام 2000.
وتحدث مدير “سي أي إيه” في كلية جورج تاون للخدمة الخارجية في واشنطن، الخميس الماضي، بعد زيارته إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.
ونشرت كلية “جورج تاون” تصريحات بيرنز على حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء.
وقال الدبلوماسي الأمريكي المخضرم: “كنت دبلوماسيًا أمريكيًا كبيرًا قبل 20 عامًا أثناء الانتفاضة الثانية، وأشعر، مثل زملائي في مجتمع الاستخبارات، بالقلق من أن الكثير مما نراه اليوم له تشابه غير سعيد للغاية مع بعض هذه التي رأيناها في ذلك الوقت أيضًا”.
وأضاف متطرقا للقاءاته مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين: “لقد تركت المحادثات التي أجريتها مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين بقلق كبير إزاء احتمالات حدوث المزيد من الهشاشة والعنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وتابع بيرنز: “جزء من مسؤولية وكالتي (سي أي ايه) هو العمل بشكل وثيق قدر الإمكان مع كل من أجهزة الأمن الفلسطينية والإسرائيلية لمنع هذا النوع من انفجارات العنف الذي شهدناه في الأسابيع الأخيرة”.
وأشار إلى أنه “سيكون هذا تحديًا كبيرًا، وأنا قلق بشأن أبعاد هذه التطورات في الشرق الأوسط أيضًا”.
وكان بيرنز قد زار الأراضي الفلسطينية وإسرائيل نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، واطلع على تطورات التصعيد في الضفة الغربية.
وتشهد الأراضي الفلسطينية توترا متصاعدا ازدادت حدته خلال الأيام الأخيرة بمقتل 9 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في 26 يناير بمخيم جنين شمالي الضفة، ومقتل 7 إسرائيليين في اليوم التالي برصاص شاب فلسطيني بالقدس.
إلى ذلك، قال مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، طلب من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، خلال لقائه معهما الأسبوع الماضي، “وقفا مؤقتا” لخطوات أحادية الجانب لعدة أشهر، بهدف محاولة خفض مستوى التوتر ولجم التصعيد في الضفة الغربية، وفق ما نقل عنهم موقع “واللا” الإلكتروني اليوم، الثلاثاء.
وتحاول إدارة الرئيس جو بايدن تركيز “خطوات سلبية” يلتزم الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني بعدم تنفيذها من أجل خفض مستوى التوتر. وبعد مغادرة بلينكن إسرائيل، بقيت فيها مساعدته لشؤون الشرق الأوسط، بربارة ليف، وأجرت محادثات بشأن تلك الخطوات.
وأفاد مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون بأن ليف التقت مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، الذي يتولى الملف الفلسطيني في مكتب نتنياهو، ومع وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، حسين الشيخ.
وتسعى الإدارة الأميركية إلى “وقف مؤقت” لخطوات إسرائيلية بينها تأجيل أعمال بناء في المستوطنات وهدم مبان فلسطينية وتهجير فلسطينيين من قراهم وبيوتهم في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وطلبت من الجانب الفلسطيني تعليق الخطوات ضد إسرائيل في الأمم المتحدة وهيئات دولية واستئناف التنسيق الأمني الذي أعلن عباس عن تعليقه قبل أسبوعين في أعقاب المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في مخيم جنين.
وأبلغت إسرائيل إدارة بايدن أنها توافق على تقليص خطواتها التي تعارضها الولايات المتحدة، لكنها لن توقف خطوات أخرى بشكل كامل، وخاصة البناء في المستوطنات، وفقا لـ”واللا”. وأوضح الجانب الفلسطيني أنه يوافق على “وقف مؤقت” شريطة أن يكون متبادلا. وتواصل الإدارة الاتصالات مع الجانبين من أجل الوصول إلى تفاهمات.
وأوعز نتنياهو، أول من أمس، بتعليق هدم بناية تضم 12 شقة سكنية، يقطنها أكثر من 100 فرد، في حي وادي قدوم ببلدة سلوان في القدس الشرقية المحتلة، في أعقاب ضغوط مارستها الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى.
إلا نتنياهو قال خلال لقائه مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، إنه لا يعتزم تعليق البناء في المستوطنات، زاعما أنه سينفذ أقل بكثير مما يطالب به شركاؤه في الائتلاف. وطلبت الحكومة الإسرائيلية من المحكمة العليا تأجيل تهجير قرية خان الأحمر لستة أشهر.
وذكرت صحيفة “هآرتس”، أمس، أن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، طلب من قادة المستوطنين عدم إقامة بؤر استيطانية عشوائية في الضفة خلال الفترة القريبة المقبلة.
إلا أنه في هذه الأثناء تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية واستشهاد فلسطينيين بشكل يومي. فقد استشهد الفتى حمزة الأشقر (17 عاما) في نابلس، فجر اليوم. وأمس، استشهد 5 فلسطينيين في مخيم عقبة جبر قرب أريحا، خلال اقتحام قوات الاحتلال للمخيم.
ووصفت الرئاسة الفلسطينية العملية العسكرية للاحتلال في مخيم عقبة جبر بأنها “جريمة جديدة ترتكبها حكومة نتنياهو” رغم المساعي الدولية للجم التصعيد، فيما ادعى نتنياهو أن قوات الاحتلال نفذت العملية في المخيم لأن قوات الأمن الفلسطينية امتنعت عن اعتقال أفراد الخلية.
وامتنع مكتب نتنياهو والإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية عن التعقيب على تقرير “واللا”، لكن مسؤولا أميركيا قال إن إدارة بايدن تأمل بالتوصل إلى تفاهمات حول “وقف مؤقت” مع الجانبين، لكنه حذر من أنه بسبب الوضع الهش في الضفة الغربية فإنه سيكون من الصعب جدا تحقيق ذلك وتنفيذه لفترة طويلة نسبيا.
وقال هنغبي إن “جميع قرارات الكابينيت في أعقاب عمليتي إطلاق النار في القدس ستنفذ بحذافيرها”.
وقالت منظمة “محاربون من أجل السلام” الإسرائيلية تعقيبا على المفاوضات الأميركية مع إسرائيل أن “الولايات المتحدة تدرك أن تدخلها مطلوب من أجل وضع حدود أمام حكومة الأبارتهايد العنصرية التي تشكلت في إسرائيل. وعلى الولايات المتحدة ألا تتوقف عند بناء مستوطنات وهدم بيوت، وإنما عليها العمل من أجل قيادة إسرائيل إلى مسار لا يقود إلى كارثة للشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي على حد سواء”.