كُشف النقاب عن خطة جديدة للتعامل مع التحدي الذي تمثله المدينة المقدسة لسلطات الاحتلال، تنطلق من فرضية العصا والجزرة، بحيث تبدأ بجمع الأسلحة من الأحياء والقرى الفلسطينية من جهة، وفي نفس الوقت إعادة تأهيل لها، على أن يتم البدء بمخيم شعفاط.
حاييم غولوبنيتزيتس المستشرق والمحاضر الجامعي، أكد أن “الهجوم في بيت حنينا، ورغم تنفيذه من قبل مسلح من سكان بلدة الطور، لكنه زاد من حدة التحدي الأمني الذي تواجهه سلطات الاحتلال ضد فلسطينيي شرقي القدس، الذين هم في وضع الإقامة الذي يمنحهم جميع الحقوق المدنية، باستثناء التصويت والترشح للكنيست، لكن الغالبية العظمى منهم بنسبة 75٪ يعملون في غرب المدينة، ويتمتعون بالحرية الكاملة في التنقل والتوظيف”. وفق قوله.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أن “معظم هؤلاء المقدسيين، باستثناء سكان الأحياء الشمالية، يعيشون في ظروف صعبة، لاسيما في مخيم شعفاط للاجئين، بجانب القرى الواقعة خلف جدار الفصل العنصري، وتماشياً مع الزيادة الطبيعية في المواليد، وعدم وجود مساحات كافية للتطوير، على حد زعمه، وسط تجاهل إهمال بلدية الاحتلال، فقد نشأت أحياء ضخمة ومهملة وفقيرة، تتميز بارتفاع مستوى الجريمة، والبنية التحتية الفاشلة للصرف الصحي والمياه والتخلص من القمامة، والافتقار للمباني العامة والتعليم”.
وأشار إلى أنه “بسبب عدم وجود اتفاق سياسي إسرائيلي داخلي فيما يتعلق بموقع هذه الأحياء في إطار تسوية سياسية مستقبلية مع السلطة الفلسطينية، فإن هذه قنبلة موقوتة يمكن رؤية علاماتها في غربي القدس من وقت لآخر، لكن قدرتها التفجيرية أكبر بكثير، ولعل العملية الأخيرة في بيت حنينا، كالتي سبقتها، وتلك التي ستأتي في المستقبل، تؤدي لاستنتاج مفاده أن طريقة الحدّ من العمليات، وليس القضاء عليها، تتطلب دراسة ميدانية تستدعي توفير فرصة تستفيد من الإجماع السياسي الإسرائيلي الداخلي والدعم الدولي الواسع النطاق”.
وأوضح أن “الخطة سيتم وضعها في الميزانية الإسرائيلية، وتسويقها في حملة تمهيدية في إسرائيل والخارج، على أن تتضمن عنصرين متوازيين يتشابكان ويتكاملان مع بعضهما: العصا والجزرة، العصا تتمثل بصعود حكومة نتنياهو السادسة بسبب تقوية الأحزاب على يمين الليكود، خصوصا الصهيونية الدينية والعصبة اليهودية، التي تعهدت بإعادة الحكم الإسرائيلي للمجتمع العربي بين فلسطينيي 48 في النقب والجليل والقدس، ونتيجة لذلك تسلم كبار وزرائهما حقائب المالية والأمن القومي والنقب والجليل، ووزير بوزارة الحرب”.
وأكد أن “المستوى الآخر المطلوب منه معالجة التهديد القادم من شرقي القدس يتضمن ظاهرة الأسلحة، حيث يتمتع مخيم شعفاط بمكانة رمزية فريدة باعتباره المخيم الوحيد للاجئين في إسرائيل، بجانب الأحياء المجاورة له، وقد تكون أول حالة اختبار في عملية تفكيك وجمع أسلحة شاملة، بحيث ستبدأ عملية التسليم الطوعي لفترة محددة، بعدها يبدأ النشاط الهجومي في جمع الأسلحة من منزل إلى منزل، والاعتقالات الوقائية، وتفكيك البنية التحتية للخلايا المسلحة”.
وأشار إلى أن “الجزرة في الخطة تتمثل بتحضير الساحة الدولية والمحلية بنشر مخطط تفصيلي وميزاني لنموذج تجريبي للأحياء الفلسطينية خارج جدار الفصل العنصري، وأهمها إعادة تأهيل مخيم شعفاط، وإزالته بحكم الأمر الواقع، وتحويله لحيّ حديث، وإعادة تأهيل بنيته التحتية، المياه والكهرباء والصرف الصحي والطرق والأرصفة والقمامة؛ وتقوية المباني القائمة، وجعلها صالحة للسكن وفق المعايير الهندسية، وإنشاء المباني العامة كرياض الأطفال والمدارس والمخيمات الصيفية والقاعات والملاعب الرياضية؛ وفتح مركز تجاري بالنطاق المطلوب الذي سيشمل عددًا كبيرًا من الشركات، وحمامات السباحة”.
وكشف أن “تمويل هذه الخطة سيكون معتمدا على دولة الاحتلال ذاتها وبلدية القدس ومعظم دول الخليج القريبة من إسرائيل، باستثناء قطر، وهو أمر ذو فائدة كبيرة ليس فقط للفلسطينيين الذين يعيشون في القدس، ولكن أيضًا للاستقرار الإقليمي، مما سيعزز اتفاقيات التطبيع في الشارع الفلسطيني، مع العلم أن الخطة ستدار هندسيًا وماليًا من قبل إسرائيل، وستأتي القوى البشرية اللازمة لتنفيذها من سكان المخيم وشرق المدينة فقط”.
تزعم هذه الخطة الإسرائيلية أنها تستخدم ما تصفها بـ”العصا الطويلة” المطلوبة لاستئصال الخلايا المسلحة، بالتزامن مع إيجاد أفق لحياة جيدة أفضل لدى المقدسيين، وسط قناعة إسرائيلية أن مثل هذه الخطط لا تشكل الحلّ الحقيقي الذي يوقف العمليات الفدائية نهائياً، بل خطوة تكتيكية غير مضمونة، سيستغرق تنفيذها عدة أسابيع، وستتطلب العديد من قوات الاحتلال، ويرجح أن تتميز بالاحتكاك العالي مع الفلسطينيين المقدسيين.