أكد وزير الأمن القومي في “إسرائيل”، اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، أنه يعتزم توسيع معايير ترخيص الأسلحة لدى المستوطنين في الأراضي المحتلة، وتسهيل الحصول عليها. وقال بن غفير بعد العملية التي نفذها في القدس الشهيد خيري علقم، مساء السبت، 27 يناير 2023: “أريد مزيداً من الأسلحة في الشوارع حتى يتمكن مواطنو إسرائيل من الدفاع عن أنفسهم، سأطرح هذا المطلب في اجتماع مجلس الوزراء، أريد تخفيف معايير الحصول على أسلحة. هناك 17.000 مواطن ينتظرون الحصول على تراخيص أسلحتهم”، حسب تعبيره.
بن غفير يريد تسليح عشرات آلاف المستوطنين
تقول صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية إن بن غفير يسعى إلى تقليل أوقات الإجراءات اللازمة للحصول على تصريح السلاح، وكذلك فترة انتظار الموافقة بعد المقابلة. ولتسريع العملية، يعتزم بن غفير مضاعفة عدد الموظفين في قسم ترخيص الأسلحة النارية بوزارته، وتخفيف الشروط اللازمة على المستوطنين المتشددين، الذين يتجنب الكثير منهم الدخول في الجيش.
ووفقاً لوزارة الأمن القومي في “إسرائيل”، يوجد حالياً 17.373 طلباً في انتظار المعالجة، ومن بين هؤلاء يوجد 6600 في مرحلة تقديم المستندات و10773 ينتظرون المقابلات للحصول على الرخصة.
وفي عام 2022 وحده، وبعد موجة من العمليات الفدائية في الأراضي المحتلة، شهدت نسب الحصول على أسلحة بين الإسرائيليين ارتفاعاً كبيراً، حيث وصلت 42.236 طلباً جديداً للأسلحة النارية الخاصة.
وبحسب بيانات وزارة الأمن القومي، تم إصدار 10.986 ترخيصاً بالحصول على الأسلحة خلال العام 2022، وتمت الموافقة على 4404 ترخيصاً اختبارياً آخر. كما كشفت الأرقام عن انتهاء صلاحية 217 طلباً تمت الموافقة عليها، ولكن مقدم الطلب لم يكمل العملية، فيما تم رفض 9256 طلباً خلال العام نفسه.
ما مجموع الحاصلين على رخص بحمل السلاح بين المستوطنين؟
يتم قبول أو رفض تصاريح السلاح بناءً على استيفاء المتقدمين لمعايير الأهلية. واقترح بن غفير أنه قد يخفف هذه المعايير، مثل تلك التي تعطي الأولوية للإسرائيليين الذين يعيشون في “مناطق خطرة”، أو خارج ما يعرف بـ”الخط الأخضر”، أي المستوطنين.
بعد الهجمات في القدس في نهاية الأسبوع الماضي، قال الوزير المتطرف إن هناك زيادة أخرى في الطلبات، وشاهد بنفسه العديد من المتقدمين لأول مرة، حسب تعبيره.
وبحسب بيانات رسمية، هناك ما يقرب من 155.168 سلاحاً نارياً خاصاً مرخصاً في إسرائيل بيد المدنيين ومعظم من المستوطنين، ولا يشمل ذلك أفراد قوات الأمن، ولا سيما جنود الجيش الإسرائيلي ورجال الشرطة وحراس الأمن، وفقاً للوزارة، ولا يشمل أيضاً الأسلحة غير المشروعة، والتي يصعب إحصاء عددها.
من جهتها، تقول صحيفة “هآرتس” العبرية، إن مستوطنات الضفة الغربية فيها أعلى نسبة من مالكي الأسلحة، بحسب بيانات جديدة قدمتها وزارة الأمن القومي طلبتها منظمات حقوقية، والتي كشفت أن 86 مستوطنة في الضفة الغربية جاءت من بين 100 بلدة وقرية ومنطقة، فيها أكبر نسبة من حاملي تراخيص السلاح في إسرائيل.
وبحسب البيانات هذه، فإنه على عكس المستوطنات في الضفة، فإن “المجتمعات الأرثوذكسية المتطرفة والبلدات العربية في الداخل تأتي في ذيل قائمة الملكية القانونية للأسلحة، على الرغم من وجود مشكلة واسعة الانتشار تتعلق بالأسلحة غير المشروعة هناك”. فمثلاً في مدينة “بني براك” التي يقطنها الحريديم، كانت نسبة التسليح 0.32٪ (394 ساكناً) فقط.
ماذا يعني قرار تسليح المستوطنين؟ وما خطورته؟
يقول محللون إن قرار بن غفير توسيع عمليات تسليح المستوطنين، هو بمثابة تشريع لقتل الفلسطينيين دون حسيب أو رقيب، وهم الذين يعتدون بشكل يومي على المدنيين الفلسطينيين، ويحرقون بيوتهم وسياراتهم ومزارعهم بحماية جيش الاحتلال.
وبالتالي، فإن هذا القرار يضع المستوطنين فوق القانون بدعوى “الشعور بالتهديد”، الذين سيفتحون النار على كل ما يتم الاشتباه بكونه “تهديداً لهم”، وسيساعدهم في الاعتداء والسيطرة على مزيد من الأراضي الزراعية الفلسطينية، وسرقة البيوت والأشجار والممتلكات.
ويشكل المستوطنون المسلحون بالضفة الغربية رأس الحربة في عمليات الاستيلاء على عشرات آلاف الدونمات الفلسطينية، من خلال إقامة “مزارع وحظائر” في الأراضي الفلسطينية الريفية بالضفة الغربية، ولا سيما في محيط القرى النائية والصغيرة، كما في جنوب الخليل والأغوار الشمالية، وحتى الوسط.
حيث يزرعون هناك كروم عنب لصناعة النبيذ الذي يصدر للخارج، كما يسرقون أشجار زيتون من قرى فلسطينية، بعد اقتلاعها، وإعادة زرعها في بؤرهم الاستيطانية الزراعية.
ويقوم هؤلاء المستوطنون، وهم عادة من الشباب، والمتزوجين حديثاً، بالاستيلاء على قطع من الأراضي الفلسطينية ليلاً وتسييجها وإقامة مزارع وحظائر، ثم يوسعون هذه “المزارع الاستيطانية”، مستعينين بقوات من جيش الاحتلال.
وتحذّر منظمة “طاولات المطبخ الخالية من الأسلحة النارية” الإسرائيلية، وهي مبادرة لنزع السلاح والسيطرة على السلاح، من نوايا بن غفير. ويقول ريلا مزالي، المؤسس لهذه المبادرة لصحيفة هآرتس: “التسليح الجماعي للمدنيين والمستوطنين سيتسبب في مآسٍ لسنوات قادمة، واليوم يخلق بالفعل واقعاً ساماً وقاتلاً”.
المستوطنون بالضفة يطلبون من حكومة نتنياهو تسليحهم
وأقدم مستوطن متطرف مساء الجمعة، 28 يناير 2023 على إطلاق النار صوب مجموعة من الشبان الفلسطينيين عند مدخل بلدة بيتا قرب مدينة نابلس، وأصابهم بجروح خطيرة. وبشكل مباشر ومن مسافة أمتار، أطلق المستوطن 6 رصاصات من مسدسه نحو 5 شبان، فأصاب 4 منهم بمناطق متعددة في أجسادهم. وتنذر هذه الحادثة بتصاعد خطر تسليح المستوطنين الذين يهددون حياة الفلسطينيين على الطرقات وفي أطراف القرى والبلدات بالضفة والقدس المحتلة.
وبعد عملية القدس، طالب أكثر من 70 مستوطناً إسرائيلياً في البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية المحتلة، اليوم الثلاثاء، 31 ينايري 2023، بالسماح لهم بحمل السلاح بشكل دائم، وأسلحة تتعدى المسدسات، وذلك بزعم حاجتهم لحماية “مزارعهم وعائلاتهم” من خطر مهاجمتهم من قبل الفلسطينيين.
وجاء في الرسالة التي تناقلتها وسائل الإعلام العبرية أن الموقعين عليها “على ثقة بأن طلبهم سيلقى لدى الوزير آذاناً مصغية، وسيتم التعامل معها بالشكل اللائق، خصوصاً أنها قضية حياة أو موت”.