إجراءات وتشريعات غير مسبوقة بقمعها وعنصريتها شرعت بها حكومة اليمين الاسرائيلي والاستيطاني، تستهدف الاسرى من الداخل والقدس كما عائلات منفذي العمليات من خلال سرقة أملاك المقدسيين ونقلها للمستوطنين، إضافة الى سحب اقامات وجنسيات بقوانين جائرة من اليمين الفاشي الإسرائيلي الذي يريد ان يظهر نفسه بانه مختلف عن الحكومات السابقة في سلسلة خطوات “إرهابية” تمعن باجحافها بحق ابناء شعبنا.
في القدس المحتلة يواجه المقدسيون هذه الإجراءات بثبات وصمود على الأرض، محاولين التكاتف والتعاضد فيما بينهم للتغلب على كل هذه القيود بحق الانسان والإنسانية التي تهدد سبل العيش الكريم بامان واستقرار، في هذا التقرير نسلط الضوء على اراء المقدسيين تجاه الاحداث الأخيرة وكيف يعيشون في ظل أجواء محفوفة بالخطر والتوتر والضغط النفسي الكبير عليهم بسبب قرارات حكومة الاحتلال الأخيرة.
الناشط المقدسي فادي مطور يصف معنويات المقدسيين بالعالية رغم كل شيء، وقال في هذا السياق: ” بكل الاحداث الأخيرة والسابقة واللاحقة دائما المعنويات عالية لدى المقدسيين ولا يمكن ان ننكسر، كل المعارك التي خاضها المقدسيين بايمانهم وبثباتهم انتصر فيها على الاحتلال، فمثلا في معركة البوابات وباب العامود وهبة رمضان دائما المقدسي منتصر والمعنويات مرتفعة، رغم الهدم والمخالفات والتنكيل والاضطهاد والمصادرة وعربدة المستوطنين فالمعنويات عالية.”
وحول المستقبل يؤمن فادي بانه لا يوجد مستقبل مع هذا الاحتلال ولا يوجد أفق سياسي، وتابع:” الشارع المقدسي غير متوقع وغير متفائل في حل سياسي قريب، نحن في حالة صمود وثبات ونتوقع ان المعركة طويلة مع هذا الاحتلال وفي ظل هذه الحكومات اليمينة المتطرفة وهذه الدولة التي تمارس سياسة الإرهاب فإننا ننظر لمستقبل بتشاؤم من ناحية سياسية، وكل يوم نعيش حالة خوف على اطفالنا من المستوطنين المسلحين المدعومين من حكومة الاحتلال، ومن الممكن في أي لحظة ان يصلك خبر اعدام ابنك او صديقك او قريبك، فعادةً عندما نسمع عن عملية او حدث نكون في حالة ضغط نفسي وتوتر عالي ونبدأ بالاتصالات المتكررة للتأكيد والاطمئنان، لذلك يوجد قلق وخوف مستمر من هذه الناحية.”
ويوضح فادي أن هذه القيود يتأثر بها المقدسي في كل وقت وحين وهذا يسبب حالة من الضجر والتعب النفسي وقلة في الإنتاج وتجعل الحياة وظروفها صعبة، كما وأشار فادي الى ان:” في السابق عندما كنا نخرج في مركباتنا لجلب أي غرض مثلا من مكان قريب يبعد ربع ساعة فقط عن منزلنا، ف الان بات هذا الوقت مضاعفا ويستغرق منا نحو ثلاث ساعات للوصول بسبب الحواجز والازدحام.”
واختتم فادي: “هذا الاحتلال سوف نقابله دائما بالصمود والثبات والصبر والرباط على هذه الأرض ولا يوجد خيار اخر، نحاول ان نلتف على مخططاتهم بشتى الطرق فمثلا يوجد كثير من المبادرات الاجتماعية والشارع المقدسي وِلاَد دائما، وبكل تأكيد هناك امل رغم الألم ولا يوجد لدينا خيار، لقد اصطفانا الله بان نكون مرابطين في بيت المقدس، وهذا يحتاج منا التعاون والتعاضد وانشاء الحملات الاجتماعية والتضامن، هذه الطرق التي نستطيع فيه التغلب على القيود والإجراءات الإسرائيلية.”
عضو هيئة العمل الأهلي والوطني في القدس احمد صفدي يصف القرارات الأخيرة بانها تهدف لخنق وضغط المقدسيين لمحاولهم تهجيرهم وترك ارضهم، وقال:” هناك تأثير للحكومة اليمينة المتطرفة والتي كان ضمن برنامجها التصعيد واستهداف الفلسطيني بالاغتيالات التي كان آخرها مجزرة جنين، هذه الحكومة عملت على إطلاق العنان للتحالف الانتخابي بقيادة بن غفير لإشعال المسجد الأقصى من خلال الاقتحامات بحماية قوات الشرطة وجيش الاحتلال، إضافة لاستهداف المقدسيين بقرارات تعسفية في اطار العقاب الجماعي باستهداف العملية التعليمية وقرارات هدم منازل المقدسيين واتخاذ من عملية بيت حنينا ذريعة للإسراع في تنفيذ القرارات التي تهدف لممارسة الخنق والضغط على المقدسيين لدفعهم لمغادرة المدينة من خلال ترويع الطلاب و الأطفال باعتداءات المستوطنين وهدم المنازل على انقاض العاب وكتب الأطفال.”
وحول تأثير السياسيات الاحتلالية الأخيرة على القطاع التجاري والخدماتي في القدس علق احمد بالقول: ” هذه السياسات وإطلاق العنان للمستوطنين بالاعتداء على المحال التجارية في أسواق القدس، يساهم في تنفير القوى الشرائية وزيادة الأعباء على اقتصاد المدينة ودفع المحلات بإغلاقها تمهيدا للسيطرة عليها من الاحتلال ومستوطنيه، كما وان القرارات تنعكس سلبا على إيرادات المحلات وعلى حركة المواصلات وعلى قطاع الخدمات والتجارة المحلية والسياحة، فضلا عن قرارات سحب الهويات من المقدسيين ومحاصرتهم بالضرائب والقوانين التعسفية من خلال تحالف مؤسسات الاحتلال للانقضاض على المقدسيين، هذه السياسيات لن تنجح في تركيع المقدسيين بل ستساهم بتعميق حالة العنف والهبات الشبابية والاحتجاجات وستعصف بالحكومة الاحتلالية كما حدث مع سابقتها.”
وفي ذات الاطار قابلنا الناشط المقدسي والمحاضر في مادة القانون في جامعة القدس الاستاذ أسامة رشق والذي نوه الى انه لا بد من التركيز على القيود الخفية التي لا تظهر كالإجراءات والتعديلات بالقوانين التي تحد وتقيد حياة المواطنين في القدس، وقال:” نحن نتوقع قيود جديدة على قانون الدخول الى اسرائيل والذي ينظم الاقامة المقدسية ، كما ونتوقع تطبيق اوسع للقوانين التي تجرم التحريض وتوسيع مفهوم التحريض بشكل عام، ونتوقع اجراءات كثيرة تتعلق بامكانية الوصول لمدينة القدس لما سيؤثر سلبا على الحياة الاقتصادية والممارسات الدينية داخل مدينة القدس مما سيكون له اثر سلبي على المجتمع المقدسي الذي يعاني اصلا من الركود الاقتصادي بسبب سياسات الاحتلال والتقييد على حرية الحركة والوصول الى الاسواق الفلسطينية في مدينة القدس من قبل الفلسطينيين القادمين من الضفة، هناك قلق أيضا على سيرورة الحياة الاكاديمية والتعليمية في القدس.”
وتابع:” هناك تشاؤم حول المستقبل او بالأحرى تخوف، خاصة مع حكومة الاحتلال التي ترد على أي مظهر من مظاهر المقاومة الفلسطينية باتخاذ اجراءات قمعية وإصدار قوانين وسياسات توغل أكثر في حرمان الفلسطينيين من حقوقهم وتقيد حرياتهم، خاصة فيما يتعلق بحرياتهم في التعبير والحركة وتقرير المصير ونتوقع المزيد من اجراءات العقاب الجماعي.”
وحول العائلات التي تسكن في مناطق تماس مع المستوطنين سواء في سلوان او الشيخ جراح فقد أوضح أسامة انهم في حالة قلق دائم على اطفالهم لان اعتداءات المستوطنين مستمرة ومتكررة، وقال:” نحن لدينا حالات موثقة حول امهات لا يستطعن النوم بسبب القلق المستمر على اطفالهن عندما يكونوا خارج المنزل، هذا امر مقلق جدا خاصة في ظل عدم امكانية محاسبة المستوطنين على اعتداءاتهم، ونحن نرى في الوقت الحالي ان المستوطنين ذاهبون اكثر في التطرف والعنف والهجمات، ونرى ايضا تحريض وتشجيع رسمي من قبل الحكومة واشخاص معينين منها، ما نشهده الان هو عملية محاصرة وعدم السماح لغير المقيمين بتلك المنطقة بالدخول، ونخشى من مأسسة هذه الممارسات فعليا والتي تندرج جميعها تحت طائلة العقاب الجماعي المحرم حسب القانون الدولي، فلا يجيز القانون الدولي والقانون الدولي الانساني ان يعاقب شخص على فعل ارتكبه شخص اخر في اي حالة من الأحوال، لكن هذه القاعدة للأسف ليست محترمة داخل الاجهزة الاسرائيلية بل تحت حجة الردع تقوم دولة الاحتلال بتوسيع دائرة المستهدفين بالعقاب الجماعي.”