نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا قالت فيه إن الهجمات في الضفة الغربية والقدس تمثل امتحانا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة المتطرفين التي يقودها.
وقالت إن تدهور الوضع زاد من القلق بين قادة العالم ويمثل أول امتحان لحكومة نتنياهو التي وصلت بدعم من المتطرفين والمحافظين الدينيين إلى السلطة في نهاية العام الماضي ووسط حملة عسكرية لاقتلاع ما تقول الصحيفة إنها العناصر المتشددة في الضفة الغربية.
ومنذ ذلك الوقت أدت العمليات شبه اليومية للجيش الإسرائيلي لزيادة أعداد الضحايا الفلسطينيين. وهناك هجمات قام بها فلسطينيون قبل زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، وهو آخر مسؤول أمريكي يصل إلى المنطقة، وسط إعلان حكومة نتنياهو عن سلسلة من الإجراءات التي قال إنها ستحد من الإرهاب، لكن المحللين يقولون إنها ستزيد من تصعيد التوتر مع الفلسطينيين. وتضم هذه تجريد عائلات منفذي الهجمات من التأمين الوطني وتقديم مشروع قانون لحرمانها من الإقامة، وتسريع عمليات هدم بيوت المنفذين وزيادة عمليات توسيع المستوطنات في الضفة الغربية.
وتضيف الصحيفة أن الخطوات جاءت بعد هجوم يوم الجمعة في القدس والذي أدى لمقتل سبعة إسرائيليين ونفذه فلسطيني عمره 21 عاما حيث فتح النار خارج كنيس يهودي. وفي اليوم التالي فتح فتى عمره 13 عاما النار وأصاب مستوطنين في القدس. ووصفت السلطات الإسرائيلية الحادثين بالإرهاب. ويقول نقاد الجهود الإسرائيلية الحالية، بمن فيهم مسؤولون في المؤسسة الأمنية إن على إسرائيل إعادة النظر بطريقة فك ارتباط قواتها العسكرية من عملياتها شبه اليومية في الضفة الغربية. وقال مايكل ميليشتين، المسؤول الأمني السابق: “طالما ظلت إسرائيل تقاوم إستراتيجية فلن تكون هناك نهاية للعبة، ولا يوجد موعد لوقفها أو حادث معين قد ينهي العملية”.
وفي عملية قام بها الجيش الإسرائيلي يوم الخميس قتل 10 فلسطينيين وهي الأكثر دموية في الضفة الغربية منذ عدة سنوات. وكان معظم القتلى في العملية من المسلحين إلا واحدة وهي ماجدة عبيد، 61 عاما، والتي قتلت في بيتها كما يقول أفراد عائلتها. وقال زوج عبيد “بعد قتل شقيقك وشقيقتك وأمك، كفى، فهذا يخلق رغبة بالانتقام”. وهو ما حدث في عملية القدس التي نفذها خيري علقم، 21 عاما، والذي حمل اسم جده الذي طعنه مستوطن عام 1998، حسب أفراد عائلته وتقارير صحافية.
وتقول القوات الإسرائيلية إنها تحقق بمقتل عبيد ولا يمكنها القول إن جنودها هم المسؤولون. وتقول إنها تعمل ما بوسعها لتجنب المدنيين، وهو ما لا يصدقه الفلسطينيون. وتجادل إسرائيل أن بعض القتلى قتلوا في محور حرب ناشط، ومنع قتلهم عمليات محتومة في داخل إسرائيل.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يريدون فرض استقرار في الضفة الغربية قبل بدء شهر رمضان الذي سيبدأ هذا العام في شهر آذار/مارس. وشهد العامان الماضيان تصعيدا في أثناء رمضان وبخاصة في القدس. وبدأت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية وأطلقت عليها اسم “كاسر الأمواج” قبل تسعة أشهر، وذلك بعد سلسلة من العمليات داخل أراضيها. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن غارات مثل غارة جنين ضرورية لإعادة الأمن والحد من نشاطات جماعات متشددة بما فيها “عرين الأسود” ومقرها مدينة نابلس التي أعلنت مسؤوليتها أو حملتها إسرائيل مسؤولية استهداف مواقع عسكرية، جنودا أو مستوطنين في الضفة الغربية.
وقادت قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية عدة عمليات أدت لمقتل أو اعتقال المسؤولين البارزين في المجموعة أو تسليم أسلحتهم ووقف عملياتهم ونشاطاتهم. وقال عسكري إسرائيلي بارز بالضفة الغربية “صحيح أنني لو نجحت بقتل إرهابي، فلربما قام شقيقه أو والده بعمل إرهابي، ولكن لو نجحت بقتله وأربعين مثله فسيحدث نفسه قائلا، هذا الأمر لا يستحق”. وأضاف “عندما قتلنا خمسة أو ستة أفراد من عرين الأسود، رفع البقية العلم الأبيض”.
ويقول عاموس جيلاد، الذي تولى منصبا بارزا في الجيش الإسرائيلي إن عمليات الجيش الإسرائيلي حاولت الحد من العنف وجعل وتيرته أقل مقارنة مع ما واجهته إسرائيل أثناء الانتفاضة الثانية. ويضيف “بسبب التحركات الوقائية من المؤسسة الأمنية لم نعد نواجه أعمالا إرهابية مثل التي حصلت، وهذه صورة عن انتصار”. وقتل على الأقل 146 فلسطينيا بالضفة الغربية والقدس الشرقية العام الماضي، وهو أعلى رقم منذ عام 2004، وذلك بحسب أرقام منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بيتسليم. وفي هذا العام، قتل حتى الآن 33 فلسطينيا، حسب أرقام “وول ستريت جورنال”.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يتصارعون مع قوات الأمن الفلسطينية الضعيفة التي ساعدت مرة في الكشف عن وتقديم المعلومات الأمنية لتعقب المطلوبين. لكن ضعف السلطة الوطنية وتراجع شعبيتها لأدنى الدرجات، فتح الباب أمام ظهور جماعات مسلحة وانتشار السلاح غير المشروع في الضفة الغربية، سرق معظمه من القواعد العسكرية الإسرائيلية. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن كل محاولة لاعتقال مسلحين قوبلت بإطلاق النار مما أجبرهم على استخدام النيران القوية. وفي نابلس وجنين حيث قتلت إسرائيل الناشطين، تنتشر صورهم وملصقاتهم على الجدران. وفي المدينة القديمة بنابلس تتزين المقاهي بصور المقاتلين وهم يحملون أسلحتهم. إلا أن عدد المدنيين القتلى في تزايد.
وقالت كفاية عبيد، 25 عاما، إن والدتها كانت في الطابق الأعلى من بناية مكونة من أربعة طوابق وتقف على كرسي بلاستيكي وهي تحاول النظر من النافذة عندما أصابتها رصاصة قاتلة. وقالت ابنتها “كانت خائفة علينا من مغادرة البيت، ولكنها هي التي قتلت هنا في غرفتها”. وقال شهود عيان إن الرصاصة التي قتلت عبيد أطلقت من سطح بيت كان يتمركز عليه الجنود الإسرائيليون. وقتلت الصحافية في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في مخيم جنين في بداية العملية الإسرائيلية إلى جانب فتاة عمرها 16 عاما كانت تقف على سطح بيتها وأستاذ مدرسة كان يحاول تقديم الإسعاف الأولي لشخص جريح. وحذر إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس التي تدير غزة من أن سياسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة تقود المنطقة لتصعيد غير مقبول.
وبعد عملية القتل يوم الخميس أوقفت السلطة التنسيق الأمني، وفي بعض الأحيان طلبت القوات الإسرائيلية معلومات أمنية منها أو اعتقال مسلحين. كما وقدمت إسرائيل لقوات الأمن الفلسطينية معدات لمكافحة الشغب. وقالت المساعدة لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى إن المسؤولين الأمريكيين يحاولون تخفيض التصعيد بين إسرائيل والسلطة الوطنية منذ الغارة في جنين. وقالت “نريد دفع الأطراف لعدم وقف التنسيق الأمني، بل وتعزيزه. ونقوم بالمساعدة ونحن مستعدون للمساعدة عند الحاجة”.