هآرتس بقلم: تسفي برئيل كان مقال ميخائيل هاوزر طوف على رأس قائمة المقالات الأكثر شعبية في موقع “هآرتس” أمس، بعنوان “المراحل الأربعة في الخطة الكاملة لإضعاف جهاز القضاء”. عنوان مهم يدحض ادعاء بنيامين نتنياهو الذي يقول بأن الجمهور قد عرف مسبقاً عن هذه الخطة لتدمير جهاز القضاء، الذي هو العمود الرئيسي في خيمة الديمقراطية الإسرائيلية.
بدلاً من هذا العمود، يسعى المتهم إلى وضع وتد رفيع، تم تركيب حزام ناسف عليه وتشغله مجموعة زعران ثملة بالقوة، ودون انتظار الدور قرر كل واحد فيها عمل لفة علينا. ما لا يقل أهمية عن ذلك هو المقال الذي احتل في اليوم نفسه المكان الثاني في مقياس الشعبية. وهو مقال موشيه إلعاد الذي اقترح 30 موقعاً للتنزه في العام 2023. لأنه ما هو الأكثر طبيعية إزاء خطة التصفية من الهرب، إلى أي مكان ولأطول فترة ممكنة قبل أن تقرر دول العالم معاقبة الحكومة من خلال مواطنيها.
هذا العرض العبثي الذي ستضر خطة المراحل التي ينتهجها ياريف لفين “بالإجمال” بحقوق الإنسان، وستفرغ المحكمة العليا من صلاحياتها وتعطي الحكومة اليد الحرة لفعل ما يريده ناخبوها، ليس أقل من ذلك. وكل ما بقي كما يقول الشاعر، “عسل”. ولكن، بطريقة غير صدفية، تذكر خطة لفين هذه (خطة المراحل) بخطة أخرى التي كان لها اسم مشابه، وهو “خطة المراحل لـ م.ت.ف من العام 1974” التي اعتبرت في حينه خطة لتصفية دولة إسرائيل على مراحل.
وهذه القضية شملت أربعة أسس: عدم الاعتراف بالقرار 242، ونفي وجود دولة إسرائيل، والمطالبة بإعادة جميع اللاجئين وإقامة دولة فلسطينية على كامل أرض إسرائيل، ومع الملاءمة المطلوبة فإنها نفس الأهداف بالضبط التي تسعى التعاونية الظلامية التي تديرها الدولة الآن: إقامة دولة يهودية على كامل أرض إسرائيل، وإنكار وجود دولة فلسطينية، “وإعادة” اليهود إلى أرض إسرائيل الكاملة، وإلغاء اتفاقات أوسلو، التي تضمنت ضمن أمور أخرى الاعتراف بقرارات الأمم المتحدة 242 و338.
مفتاح تحقيق هذه الأهداف هو تحطيم النموذج الذي وضعه المستشار القانوني مئير شمغار، والذي بحسبه إسرائيل لا تعترف بسريان ميثاق جنيف الرابع على “المناطق” [الضفة الغربية] وستتصرف فعلياً حسب تعليماته، على الأقل فيما يتعلق بحقوق السكان الواقعين تحت الاحتلال. وبهذا، فتح أمامهم إمكانية التوجه إلى المحكمة العليا. ولأن استمرار وجود هذا النموذج مرتبط بوجود محكمة عليا لها صلاحيات تزعج خطط التوسع اليهودية، فإن على المحكمة العليا أن تذهب الآن أو على الأقل أن تتحول إلى خرقة بالية.
على المحكمة العليا الإسراع والقول إنها لم تدافع يوماً ما عن حقوق الفلسطينيين، ولم تكبح المستوطنات ولم تلغِ أوامر هدم البيوت أو الطرد أو سرقة الأراضي، بل خدمت الاحتلال بأنها أعطته البديل النزيه الذي حافظ عليه من الانتقاد والضغط القانوني الخارجي. ولكن تكفي تلك الحالات التي أفشلت فيها المحكمة العليا نوايا الحكومة لخرق حتى القيود التي وضعتها هي نفسها من أجل أن يتم إقصاؤها الآن. وبدونها كل شيء سيكون “قانونياً”. من سيمنع البؤر الاستيطانية الوحشية الموجودة على الأراضي الفلسطينية؟ من سيوقف إلغاء المواطنة لمن أدينوا بالعمليات الإرهابية؟ إلى من سيتوجه السجناء الإداريون عندما يعرفون أن المحكمة العليا لن تساعدهم؟ فلنبدأ احتفالنا.
هذه خطة “أورانيم كبرى”، التي استهدفت في الأصل ترسيخ نظام جديد في لبنان وورطت إسرائيل في حرب استمرت 18 سنة. وهي الآن تطمح في نسختها الإسرائيلية، إلى إحداث نظام جديد هنا. هي تهدف لإنقاذ رئيس الحكومة من المحاكمة من خلال تغيير طريقة الحكم، أما الهدف فأبعد من ذلك بكثير: إعادة ترسيم حدود إسرائيل “بدون محكمة عليا وبدون بتسيلم”. تريد حكومة إسرائيل الظهور بالبدلة القانونية الفاخرة مرة أخرى، وستتفاجأ حقاً عندما تكتشف بأن العالم يتعامل معها مثل شماعة فارغة. ولكن من هو هذا العالم؟