أكد خبير عسكري إسرائيلي أن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة متوترة وهي تسير نحو التفجر واندلاع انتفاضة فلسطينية خاصة مع قرب شهر رمضان المبارك.
وأوضح يوآف ليمور، في مقال له بصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، أن الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة تحوز اهتمام رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، فالجبهة هناك “تغلي، ولا يوجد في الأفق ما يبشر بنهاية هذه الموجة، وكل المؤشرات تدل على أنها ستستمر وتتعاظم، خاصة مع فقدان السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية قدرة التحكم في شمال الضفة”.
اندلاع انتفاضة فلسطينية
وأرجع هذا الوضع لعدة أسباب هي: “ضعف السلطة، وتعاظم صراعات الخلافة، وهناك جيل كامل ينضم إلى دائرة المقاومة والردع تجاهه محدود، إضافة إلى انعدام الجدوى الذي يجده الكثير من الفلسطينيين في وضعهم الحالي ومحاولتهم تحدي إسرائيل، سياسيا وأمنيا وإعلاميا، كما أنه السبب الرابع يرتبط مباشرة بالوضع السياسي في إسرائيل”.
ونوه إلى أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “أمان” وجهاز الأمن “الشاباك”، سبق أن حذرا من إمكانية اندلاع انتفاضة فلسطينية “في صيغة غير واضحة”، بسبب الأوضاع في القدس والمسجد الأقصى وأيضا مستقبل السلطة وسيطرتها على الأرض.
وحذر الخبير من خطورة تفكك السلطة، لأن هذا إن حصل فلن ينتج أي أمر جيد لتل أبيب؛ لأن العمليات ستزداد، و”إسرائيل” ستكون مطالبة بالاهتمام بحياة أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني، موضحا أن “اتفاق أوسلو حرر إسرائيل من هذه المشاغل ومقتضياتها المادية والاقتصادية وسمح لها بأن تتصرف وكأن سيطرتها في المناطق غير موجودة”.
ولفت إلى أن “محكمة العدل العليا الإسرائيلية، هي لاعب أساسي في تسويغ نشاطات إسرائيل خلف الخط الأخضر (قتل واعتقالات واستيطان…)؛ فهي تقر كل الأعمال العسكرية وتمنح سترة واقية قضائية ضد الوصول إلى المحاكم الدولية”.
ورأى أن “كل هذا من شأنه أن يكون في خطر لثلاثة أسباب: الأول؛ إمكانية أن تشتعل الضفة، وتتفكك السلطة وتسيطر إسرائيل من جديد على المدن الفلسطينية، الثاني؛ خطوات إسرائيلية، مثل نقل صلاحيات الإدارة المدنية للوزير سموتريتش والذي معناه العملي هو معالجة مختلفة للمستوطنين وللفلسطينيين، والذي سيعتبر في العالم كأبرتهايد، والثالث؛ تقويض منظومة القضاء بشكل سيستقبل في العالم كمس باستقلالية الجهاز القضائي في إسرائيل”.
وبين ليمور، أن “العلاقة بين كل هذا والوضع الأمني في إسرائيل هي فورية وغير قابلة للانقطاع، والتفكير بأنه قابل للحل بالقوة فقط هو تفكير صبياني ومنقطع عن الواقع؛ ليس صدفة أن كل رؤساء جهاز الأمن على مر أجيالهم يؤيدون إلى جانب استخدام القوة، تعزيز الحوكمة والاقتصاد الفلسطيني كخطوة ضرورية لتعزيز الأمن الإسرائيلي، وهليفي ليس مختلفا”.
محظور خسارة الأردن
وذكر هليفي أن “معالجة الأمور الهامة وعلى رأسها إيران، يحتاج إلى الهدوء في الجبهات الأخرى وفي مقدمتها الأراضي الفلسطينية، لأن انشغال الجيش في الضفة، سيجعل المقدرات أقل بكثير لمعالجة إيران، مع دعم دولي أقل بكثير، وهذا ما تريده إيران، التي تعمل بكثافة كي تحيط إسرائيل بطوق شديد من العمليات والنار.. والتصدي لها هو معركة متداخلة؛ عسكرية، وسياسية واقتصادية.. ومن حيث الوعي، يفترض معالجة متواصلة ومتوازية في كل العناصر، من الحجر الفلسطيني وحتى النووي الإيراني”.
وأشار إلى أن لجهاز “الشاباك” ورئيسه رونين بار، “دورا مركزيا في تصميم الساحة الفلسطينية واستقرارها، وستروي الأيام ما إذا كان بوسعه أن يوفر البضاعة للفلسطينيين تحت الحكومة الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، وإن كانت في الجانب الأمني على الأقل ستقف إلى جانبه جبهة موحدة من وزير الأمن يوآف غالنت، ورئيس الأركان هليفي وكل قيادة الجيش الإسرائيلي، وسيكون هذا هاما على نحو خاص قبيل شهر رمضان وفي أثنائه، وهي أيام يتوقع أن تكون متفجرة أكثر من أي وقت مضى”.
ونبه إلى أن “اجتياز رمضان بسلام، تحد يبدأ في كل سنة من جديد ويتطلب إعدادا مسبقا (عسكريا وأمنيا)”، مشددا على وجوب أن يعمل جهاز الشرطة الإسرائيلي “بشكل مهني ومتوازن وليس انطلاقا من نزوات سياسية، في الجانب السياسي تجاه الفلسطينيين والدول العربية”.
وأضاف الخبير: “تنطبق الأمور أساسا تجاه الأردن الذي يحظى بمكانة خاصة في المسجد الأقصى، وبصلة ذات مغزى في الساحة الفلسطينية على خلفية الأغلبية الفلسطينية فيه، فالشبكات مليئة بالمغردين (بينهم نواب في الكنيست) والذين بانعدام مسؤولية يرسلون الأردنيين إلى طريقهم، دون أن يفهموا آثار ضعضعة الاستقرار في الحدود الأطول لإسرائيل وفي الدولة التي تفصل بين إسرائيل والعراق وإيران”.
وبين أن “إسرائيل حرجة لوجود الأردن، لكن الأردن لا يقل حرجا إزاء أمن إسرائيل، وفي جهاز الأمن يفهمون هذا، وفي محور “الجيش – الشاباك” ومعهم “الموساد” الذي هو رسميا مسؤول عن العلاقات السرية مع المملكة، وهو يعمل ليل نهار لصيانة العلاقات الحساسة بين الجانبين”.
وتابع: “هذه الساحة طبيعية لبار وعناصره، أكثر بكثير من الساحة الفلسطينية التي تحاول محافل مختلفة جر “الشاباك” إليها، وفي الأسابيع الأخيرة دعي الجهاز من اليمين ومن اليسار لحماية الديمقراطية ومؤسساتها، وكان هناك من اتهموا بار بتحيزات سياسية بل ودعوا إلى تنحيته، ويبدو هذا كجزء طبيعي من الوعاء عديم القعر الذي يسمى شبكات اجتماعية وخفة لا تطاق للتشويه الذي يسود في مطارحنا، لكن هذه مسيرة خطيرة، تقوض شرعية عمل الأجهزة الأكثر حراجة لوجود إسرائيل وعملها”.
وأوضح ليمور، أن “هذه المسيرة، التي بدأت بتقويض لا يتوقف وناجع لجهاز القضاء، ينتقل تدريجيا إلى قضم مكانة الجيش و”الشاباك” وكل إجماع رسمي آخر، وفي السنة الأولى لبار في منصبه، تعلم أن “هذه الجبهة تتحداه بقدر لا يقل عن العدو؛ وهليفي ينتظر الآن فترة تأهيل مشابهة، في واقع سياسي واجتماعي معقد على نحو خاص”.