وجد الرئيس الأميركي، جو بايدن، نفسه، وسط زوبعة، خلال الآونة الأخيرة، على خلفية اكتشاف وثائق سرية في مكتبه بالعاصمة واشنطن، عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس السابق، باراك أوباما (2009-2017)، وسط تساؤلات حول سبب عدم مبادرته إلى إطلاع الرأي العام.
ورجحت صحيفة “نيويورك تايمز” عدة أسباب محتملة دفعت إدارة بايدن إلى تفضيل الصمت، وعدم إخبار الرأي العام في نوفمبر الماضي، بأن وثائق مدرجة ضمن خانة السرية جرى العثور عليها في مكتب سابق لبايدن بالعاصمة واشنطن.
وجرى العثور على الوثائق لأول مرة في الثاني من نوفمبر 2023 في مركز “بين بايدن” للديبلوماسة والمشاركة الدولية، وبعد نحو ستة أسابيع، تم العثور على وثائق أخرى في منزل بايدن بويلمينغتون بولاية ديلاوير.
خطأ عن “حسن نية”
ترى الصحيفة الأميركية، أن فريق بايدن رجح أن تمر القضية “مرور الكرام”، لأن الرئيس الحالي لم يحتفظ بالوثائق من أجل “غاية مبيتة”، وبالتالي، لم يسر في الاعتقاد، بأن الأمر سيثير كل هذه الحساسية.
في السياق، حرص محامو بايدن على التعاون مع السلطات المختصة منذ اللحظة الأولى، وهو ما يعني أنهم بادروا تلقائيا إلى التواصل، دون نية لإتلاف الوثائق أو استغلالها على نحو لا يتيحه القانون.
وتتولى إدارة الأرشيف والوثائق الأميركية حفظ السجلات والمراسلات الرسمية السرية، عندما يغادر المسؤولون مناصبهم، وينبغي أن تبقى في منشآت محروسة.
وربما ظن مستشارو بايدن أن عدم إخراج المسألة إلى العلن، سينجح في إقناع وزارة العدل الأميركية بأن الأمر بسيط للغاية، وليس سوى خطأ مرتكب عن حسن نية، لكن ذلك لم يحصل.
دروس ترامب
استحضر مستشارو بايدن ما حصل للرئيس السابق، دونالد ترامب، بعدما عثر عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي عن وثائق سرية في منزله الفاخر بمنطقة بالم بيتش في ولاية فلوريدا، في وقت سابق من العام الماضي.
حاول فريق بايدن أن ينال ثقة وزارة العدل، من خلال الابتعاد عن نهج ترامب الذي دخل في صراع مع المؤسسات، وقيل إنه رفض إعادة الوثائق بشكل طوعي، فتعرض بيته لمداهمة وصفت بالمهينة.
وبعبارة أخرى، أراد فريق بايدن أن يقوم بعكس ما قام به فريق ترامب الذي حول اكتشاف احتفاظه بالوثائق إلى حديث عن “مؤامرة” حيكت ضده.
لكن إخفاء الأمر عن الرأي العام أثار غضبا واسعا في الولايات المتحدة، فيما أعلن وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، تعيين مدع خاص للتعيين بشأن وثائق بايدن.
جدل المحاماة والتواصل
لم يعرف بقضية وثائق بايدن سوى عدد محدود للغاية من مسؤولي إدارة ترامب، ولهذا السبب، فإن المسؤولين عن التواصل في الإدارة الحالية بدوا عاجزين عن تقديم إجابات للصحفيين عندما حوصروا بالأسئلة.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن هناك فرقا بين التقدير القانوني من جهة، ومتطلبات التواصل مع الرأي العام من جهة أخرى، إذ ينصح المحامي بما يعتقد أنها الخطوة الأسلم قانونيا، في حين يحرص المتحدثون على ما يخدم رجل السياسة أمام قاعدته وإزاء الرأي العام، بشكل عام.
في حالة ترامب، مثلا، كان الرئيس الجمهوري السابق حريصا على التغريد في بعض القضايا الشائكة التي كانت تحاصره، بينما ظل المحامون ينصحونه بأنه يبقي متاعبه أمام القضاء بعيدا عن “تويتر” لأنه قد يضر بنفسه.
ماذا يلوح في الأفق؟
يراهن فريق بايدن على أن تكون قضية الوثائق سحابة صيف عابرة، لا سيما أن الرئيس الحالي بدا متعاونا للغاية، بخلاف سابقه الذي حول الأمر إلى صراع واتهامات وحديث عن مؤامرات تستهدفه.
وثمة من يرى أنه في حال لم يجر توجيه اتهامات قضائية بعد التحقيق، فإن موقف فريق بايدن سيكون صائبا، رغم الانتقادات التي توجه للرئيس الحالي، بينما يحاول الجمهوريون أن يستفيدوا من “القضية”، وقد باتوا يتمتعون بالأغلبية في مجلس النواب.