توقع المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، عدنان أبو حسنة، أن تواجه الوكالة “سنة مالية صعبة، وقد تتدحرج الأحداث إلى الأسوأ”، في ظل تحذيرات عالمية من كساد اقتصادي سيضرب عشرات الدول منها جهات مانحة، إضافة إلى استمرار الأزمة الأوكرانية الروسية. وقال أبو حسنة في حديث خاص مع صحيفة “فلسطين”: إن “الأونروا” ستكون أمام تحدٍّ كبير من أجل استمرار خدماتها في التعليم والصحة والغذاء، ودفع رواتب موظفيها، مشددًا على أنه “إذا استطعنا تقديمها في العام الجاري “فسيكون هذا أهم إنجاز للوكالة، لأن القادم أصعب”.
وأضاف أن ما يهمنا هو استمرار تقديم الخدمات لـ6 ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة، منهم قرابة 560 ألف طالب يتلقون تعليمهم في 715 مدرسة، ومليون و700 ألف يتلقون مساعدات غذائية، ومئات آلاف آخرون يتلقون مساعدات نقدية. “ضغط هائل” وذكر أبو حسنة، أن قطاع غزة، “يمثل ضغطًا هائلًا” على “الأونروا”، بسبب زيادة أعداد اللاجئين واحتياجاتهم، واستمرار فرض الحصار الإسرائيلي، ونقص الطاقة، وتدمير القطاع الخاص، ومحدودية الحركة.
وأكد أن عدد اللاجئين المستفيدين من المساعدات الغذائية بغزة، سيصل في نيسان/ إبريل القادم، إلى مليون و200 ألف، مبينًا أن القطاع يأخذ نصيب الأسد من ميزانية “الأونروا” بما يصل إلى 37%. وتبلغ ميزانية “الأونروا” التي توظف نحو 30 ألف شخص، 827 مليون دولار، للعام الجاري، بحسب أبو حسنة، الذي أكد أنه ولأول مرة ترحل أونروا 80 مليون دولار من ديون العام الماضي لـ 2023م. وبين أنه وقِّع عقد مع مؤسسة (KfW) لبناء نحو 225 وحدة سكنية لأصحاب البيوت الآيلة للسقوط في مخيمات قطاع غزة، كما ستزداد أعداد المستفيدين من المساعدات الغذائية “الكابونات” لتصل إلى مليون و200 ألف.
ونبَّه إلى أن “الأونروا” لديها خطة للتحول الرقمي لجميع برامجها، وتحسين واقع مخيمات اللاجئين، لافتًا النظر إلى أن مفوضها العام فيليب لازاريني، لديه خطة لتحديث برامج التعليم، وتجهيز الطلاب ليكون لديهم القدرة والمهارة لاستيعاب التغيرات الرقمية في العالم، وتوسيع قاعدة المانحين بالتوجه للقطاع الخاص والمؤسسات والبنوك والشراكة مع منظمات أممية أخرى لمساعدة الوكالة دون المس بالخدمات التي تقدمها.
“هجمات خطيرة”
وكشف عن محاولات من بعض اللوبيات لتنفيذ هجمات منظمة وخطيرة تستهدف برلمانات الدول المانحة وأعضاء في الكونجرس الأمريكي مؤيدين لعمل “الأونروا”، وتحاول هذه الجهات “إيصال رسالة سلبية عن عملنا بزعم أننا نديم الصراع وندرس مناهج تشجع على العنف”.
وذكر أن “الدول المانحة تطلب باستمرار إيضاحات بشأن عملنا، والمناهج الدراسية، الأمر الذي يفتح باب التشكيك في حيادية الأونروا، وهذا من شأنه أن يؤثر في التمويل المُقدم لنا”.
ولفت الانتباه إلى أن تلك المحاولات لم تنجح على الرغم من استمراريتها، بسبب الجهود الإعلامية والسياسية الكبيرة التي تنفذها وكالة الغوث مع الدول المانحة، إذ يتواصل مفوض عام “الأونروا” مع الحكومات المانحة وأحزاب المعارضة ليطلعها على عملها.
وشدد على أن وكالة الأونروا هي “عامل استقرار أساسي في المنطقة، فأي اهتزازات لعملياتها أو وقفها، سيكون لها نتائج وخيمة على الاستقرار الإقليمي، والدول المضيفة للاجئين”، مضيفًا أن استمرار خدماتها يصبُّ في مصلحة المجتمع الدولي. “في غاية التعقيد” وعن الأزمة المالية التي تعانيها “الأونروا”، قال أبو حسنة: كان لدى الوكالة بين عامي 2000 و2002، احتياطي نقدي وكل ما تطلبه من الدول المانحة تحصل عليه، أما الآن “فالأمر أصبح في غاية التعقيد”.
وأرجع ذلك إلى التغيرات العالمية، واهتمام الدول بشؤونها الداخلية، والأزمات الكبيرة التي تتعرض لها، لافتًا النظر إلى أن المنظمة الأممية أصبحت أكثر عرضة للتغيّرات السياسية، مضيفًا: “أنه في حالة صعود أحزاب يمينية أو شعبوية في الدول المانحة، تُقطع أو تُقلص المساعدات المقدمة، وهذا لم نعهده في السابق”.
وبيّن أن الأزمة الروسية الأوكرانية أثرت في حجم المساعدات المقدمة لـ”الأونروا”، وهو ما أدى إلى تغيير وجهة المانحين، إلى جانب زيادة أعداد اللاجئين الفلسطينيين.
وعن استجابة الدول المانحة، للنداءات التي تطلقها وكالة الغوث، قال أبو حسنة: “لولا الحراك الكبير الذي تبذله الأونروا، لكنا في مأزق”، مشيرًا إلى أنها حصلت على تجديد التفويض الممنوح لها قبل أسبوعين، لثلاثة أعوام جديدة، بتأييد من 157 دولة، داعيًا تلك الدول إلى ترجمة تأييدها إلى تمويل مالي.
متضررو العدوان
وبشأن متضرري عدوان 2014م تحدث أبو حسنة عن وجود حديث متقدم بين مدير الأونروا بغزة ولجنة المتضررين، “وهناك اتفاق على آلية للتحرك من أجل حل هذه الإشكالية، متوقعًا فكفكة جزئية للملف، في حين لا يوجد جديد بملف عدوان 2022م”.
وبشأن تكدس الطلبة في الفصول الدراسية، قال المستشار الإعلامي لـ”الأونروا”: إننا بحاجة لبناء عشرات المدارس الجديدة لحل هذه القضية، وندرك أن ذلك يضعف قدرة الطلاب على الاستيعاب، كما نحتاج إلى توظيف المئات، لكن قيود الميزانية تحول دون ذلك”.
وفيما يتعلق بالخطوات الاحتجاجية التي أعلنها اتحاد الموظفين في وكالة الغوث للمطالبة بتثبيت موظفين بنظام اليومي وتوظيف آخرين، أكد أبو حسنة وجود حوار مستمر بين الطرفين، وأن الأونروا ملتزمة ألّا يزيد عدد موظفي اليومي على 7.5%، و”هناك خطة اتُفق عليها بين مدير العمليات والاتحاد لتطبيق هذا الموضوع”.