أيام قليلة ويغادر قائد جيش الاحتلال أفيف كوخافي منصبه بعد أربع سنوات حافلة بالعمليات العسكرية والإخفاقات الميدانية، مبديا قلقه من عدم استمرار استقرار الوضع الداخلي بسبب قرارات الحكومة الجديدة، وفي الوقت الذي زعم فيه الاستعداد لمهاجمة إيران، فإنه هدد بأن العدوان الذي قد يشنه الاحتلال على لبنان سيكون غير مسبوق.
مع أن كوخافي فور توليه منصبه في كانون الثاني/ يناير 2019 صادق على تنفيذ عدد كبير من العمليات العدوانية في قطاع غزة وسوريا ولبنان والعراق والبحر الأحمر ووجهات أخرى، وربما ترك خلفه منظومة عسكرية تستعد لمهاجمة المنشآت النووية في إيران، كاشفا أن الجيش تدرب مرتين في الأشهر الستة الماضية مع عشرات الطائرات على هذا السيناريو، وزاعما أن الجيش يسعى لأن يكون جاهزًا في يوم اتخاذ القرار لتنفيذ عمليته.
أمير بوخبوط المراسل العسكري لموقع “ويللا”، نقل عن كوخافي أنه “إذا لم تنضم الولايات المتحدة لمهاجمة إيران، فيجب أن يكون لدى إسرائيل القدرة على تنفيذها، ولو بمفردها، كاشفا أننا ندخل وتيرة عالية جدًا في تجميع الأسلحة، بحيث تقلع الطائرات من عدد كبير من القواعد، ويمكن للعشرات منها الطيران للوجهة التي حددتها، وعند الحديث عن وجود خلافات إسرائيلية شديدة حول أساليب العمل ضد إيران، زعم أن هناك اتفاقا ساحقا بعدم السماح لها بحيازة قدرات نووية”.
وأضاف في مقابلة أنه “يأمل ألا يتطور تقارب إيران وروسيا، ونجد طرقًا لوقفه، آملا بعدم تمرير صواريخ ياخونت المتطورة من سوريا إلى لبنان، من خلال تكثيف العمل ضد حزب الله في سوريا كما هو الأمر خلال السنوات الماضية، لقد حققنا كثيرا من النجاحات، رغم أننا لم نصل لنسبة 100%، ولكن في يوم الحرب لدينا طرق لضرب الصواريخ التي نصبها وصنعها الحزب”.
وردّا على سؤال بشأن مهاجمة مطارات سوريا لنقل الأسلحة، وهل سيتم مهاجمة مطارات لبنان، أشار إلى أن “حزب الله لم يعد قادرا على نقل أسلحته جواً وبراً وبحراً لسوريا، ثم لبنان، ومهمتنا أن نجعل الأمر صعبًا عليهم، لا يوجد حالياً أي تحويلات، وإذا تطور هذا المحور فلن نقف مكتوفي الأيدي، لأن الأسد لا يمنع الإيرانيين من الاستمرار بتهريب الأسلحة عبر أراضيه، رغم أنه يتفهم الضرر الذي تسببه له، وسلوكه يشير لمستوى تخوفه من رد الفعل الإسرائيلي”.
بالنسبة للوضع الفلسطيني، ونهاية عام 2022 باستشهاد أكثر من مائتي فلسطيني بنيران جيش الاحتلال، زعم كوخافي أن “هذه الأرقام تعبير عن مدى النشاط المعادي بالضفة الغربية الذي من واجبنا منعه، وسأكون سعيدًا إذا قامت السلطة بهذا العمل الأمني، لكن الوضع في الضفة الغربية غير مستقر وغير مسالم، والسلطة لا تسيطر بقوة وإحكام كما نرغب، مع العلم أن التنسيق الأمني معها مستمر، وعلى مستوى جيد، لكن أجهزتها الأمنية لا تعمل في نابلس وجنين”.
وزعم أن الجيش منع “مئات الهجمات خلال الأشهر العشرة الماضية في عملية كاسح الأمواج، لم نمنع جميع العمليات، لكن نطاقها يتجه نحو الانخفاض في الوقت الحالي، دون ضمان ذلك أيضًا، ولذلك نحن بحاجة لمواصلة هذا النشاط بقوة أكبر، لأن العمليات مستمرة على طول خط التماس، من خلال الاعتقالات اليومية في عمق المدن الفلسطينية، على أمل تلاشي موجة العمليات هذه”.
وحول موقفه من الخطر الداهم على الدولة بسبب تصريحات السياسيين، وحديثهم عن حرب أهلية، زعم أنه “ليس من وظيفتي التعامل مع المجتمع الإسرائيلي، أنا قائد الجيش، وأنا أراه متماسكاً، رغم ما شهدته الآونة الأخيرة من صدور عدد غير قليل من انتقادات السياسيين الذين حوّلوا الجيش إلى “كيس ملاكمة”، عبر تصريحاتهم ضد رئيس الأركان، وكبار القادة والجنرالات”.
وحول الوضع في غزة، ذكر كوخافي أن “الجيش تعرض لانتقادات بسبب إخفاق هجومه على مترو الأنفاق الخاصة بحماس خلال حرب 2021، مع أن الهدف الرئيسي هو تدمير شبكة أنفاق تصل لأكبر عدد ممكن من الكيلومترات، لأنها المساحة الجديدة التي تعمل فيها حماس، وكنا نعلم أن فرصة إيذاء مسلحيها في تلك اللحظة لم تكن كبيرة، فقد ذهبنا إليه وأعيننا مفتوحة، وكانت المهمة تدمير الأنفاق”.
وأوضح أن “مسألة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس في غزة تعتبر جرحا ينزف في عيون الجنود والقادة، ونحن نبذل جهودًا كبيرة على مر السنين، وأستطيع القول إنه في العامين الماضيين حصل تقدم في موضوعهم، لكن في النهاية هو قرار المستوى السياسي، وأتمنى بصدق أن نتمكن يومًا ما من جلب الأخبار السارة، ولن أخوض في تفاصيل مدى إمكانية الوصول إليهم خلال فترة ولايتي، أو أني أعرف مكانهم في قطاع غزة”.
وبشأن الحرب المقبلة في لبنان، أشار كوخافي إلى أن “المسألة معقدة، لأن القتال سيكون في منطقة حضرية، ففي مدينة صور مثلا توجد مبان من 8-12 طابقًا، وسيكون هناك قتال أكثر تحدّياً، سنهاجم في المساحة المبنية كل مقار الصواريخ، وستكون هناك نيران من الأرض والجو بكثافة عالية جدا، لدينا آلاف الأهداف في لبنان، من الحدود إلى بيروت، حيث يمتلك الجيش حاليًا قدرة هجومية كبيرة جدًا، وقد تحسنت بسبب كميات الأسلحة والقدرات والخلايا الهجومية والمناورات، سواء الجوية أو البرية، سنهاجم كل هدف فيه عناصر أو وسائل أو بنية تحتية من حزب الله”.
وحول التطبيع مع الدول العربية، أكد كوخافي أنه “يشعر بالفخر لأنه لأول مرة يزور رئيس أركان إسرائيلي دولة المغرب بزيّه العسكري، وطوال زيارتي رافقتني ثلاثة مشاعر مهمة، أولاها أنهم يعاملوننا باحترام غير عادي، وللدولة والجيش خصوصا، وثانيها أن الزيارة جددت علاقتنا بمراكش التي تعود للعام 1492، وثالثها لأنها تتزامن مع طرد أو فرار جزء كبير من يهود المغرب”.