بقلم: بكر أبوبكر
الإدانات العربية والدولية المتتابعة لخطوة اقتحام الوزير الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير للمسجد الأقصى غير كافية، ومع ذلك وحتى لا تذهب الإدانات أدراج الرياح كالعادة، قامت السلطة الوطنية الفلسطينية باللجوء الى الأمم المتحدة على قاعدة القيام بتحرك سياسي فاعل قد يعكس ذاته دوليًا على الأرض. وفي محاولة للجم العدوان المتكرر على المسجد الأقصى (أحيانا يسمية البعض الحرم القدسي الشريف هو بمساحة 144 ألف متر مربع أي السور وكل مادار حوله من مباني ومساجد وساحات)، ولقد كان لهذه الخطوة الفلسطينية الدبلوماسية الأثر الكبير في تحريك الجهود العربية والدولية لمواجهة غلواء حكومة “نتنياهو” بمتطرفيه الفاشيين الفعالين والراغبين في تدمير أسس كيانهم المتقلقل، والشروع في إشعال الحرب الدينية السياسية.
المسجد الأقصى كما يعلم الجميع هو مكان مقدس للمسلمين فقط لاغير. وحتى في ادعاء اليهود ملكية حائط البراق من الحائط الغربي من المسجد الذي يدعون قدسيته لهم (أصبح الحائط جزءاً من التقاليد الدينية اليهودية المخترعة حوالي عام 1520 للميلاد) فإنه المعترف به للمسلمين حصريًا بموافقة قانونية حتى من الاستعمار الانجليزي -الذي أوجد الكيان- منذ انتفاضة البراق عام 1929م،
خطوة المتطرف الفاشي “بن غفير” باقتحام الأقصى تأتي بعد أن نجح الإسرائيليون عبر الزمن بتثبيت أن حائط البراق (يسمونه حائط المبكى) وكأنه لهم!؟ هي خطوة ذات دلالة على تعملق الفكر المتطرف ذو الطابع الديني المسيّس رغم رفض الحاخام الاكبر الإسرائيلي لدخول اليهود للمسجد الأقصى (الذي يسمونه جبل الهيكل) باعتبار أنه محرم على اليهود. بمعنى آخر ان الصهيونية الدينية تستخدم تفسيراتها للتوراة بما يتناسب مع مفاهيمها العنصرية الإرهابية العدوانية، وليس بما يتم تفسيره وفق المعنى الديني الحاخامي.
لقد كان لخطوة “بن غفير” الوزير المتطرف باقتحام الأقصى أن وحدت الأمة العربية –ولو مؤقتًا-التي اكتشف بعض قادتها أن مراهنتهم على الإسرائيلي سيعود عليهم بالوبال. فتجمدت الأصوات الصاخبة التي كانت تدعو للتطبيع مع السعودية أساسًا، وتراكضت الدول حتى تلك التي نسجت علاقات استتباعية مع الإسرائيلي للإدانة.
الخطوة الرسمية الفلسطينية بالذهاب الى مجلس الأمن كانت أكثر وقعًا من التهديدات الجوفاء من فصائل الصوت العالي والتشبث بالسلطة في مقابل بيع الأوهام والأحلام للناس إذ توقفت منذ زمن عن متابعة تنفيذ تهديداتها المتكررة والتي فاقت الدرجة 7 على مقياس ريختر للزلازل والوضع متزلزل ولا درجة واحدة يسجلها المقياس؟
قم بما تستطيع القيام به بلا عنتريات، وخطوة تلو الخطوة نحو الهدف، وإن وعدت عليك بالوفاء فلا تبيع الاوهام للناس. وتفجر في وجه الخصم الثانويات فأنت جزء من كل، ومتى تحرك الجزء مهما كان تحركه فالقيمة النهائية جزء فقط. ما يستدعي من كافة حكماء الوطن حسن الاستجابة والتعاون والتوحد بدلًا من تهديدات بلا مضمون من مثل ما قاله مشير المصري المتحدث الرسمي “لحماس” الذي قال على قناة الجزيرة: “نقف باسم شعبنا لنسجل غضبنا على الحكومة الصهيونية الفاشية وبن غفير”! وأن: “مقاومتنا قادرة على وضع كل الكيان في مرمى صواريخه”!، وهو شعار لطالما تكرر من سنوات بلا مضمون! ولكنه يستدرك بالقول بعيدًا عن مركز سيطرته الانقلابية في قطاع غزة أن “هذه الاعتداءات والتدنيس ومخططات العدو هي دعوة لمزيد من الثورة والعمليات النوعية بالضفة والقدس”!؟ أي بالضفة والقدس ولا علاقة لقطاع غزة بالامر!؟
مما لابد ذكره هنا هو تحية الموقف الأردني الثابت والصامد من القدس وفلسطين، ومنه تقتطف مما قاله أمين عام اللجنة الملكية (الأردنية) لشؤون القدس عبد الله كنعان حين أوضح أن “ما قام به وزير في حكومة نتنياهو هذا يؤشر على أن الحكومة الاسرائيلية هي التي تقتحم والحكومة هي التي تدخل على المقدسات. هذا مخطط صهيوني فهم يريدون اسرائيل كبرى ويريدونها من البحر للنهر ، ويريدون قدس بدون أهلها، وفلسطين بدون أهلها” مضيفًا على صوت فلسطين 4/1/2022م أن “قضية القدس، قضية فلسطينية قضية أردنية بامتياز. ما يجري على القدس أو فلسطين يجري على الأردن، لذلك الأردن يعتبر أن القدس وفلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي ومن بلاد الشام ومسؤوليته وصاية هاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية” ليختم مؤكدًا ” لذلك في حديث الملك عبد الله الاخير مع (سي أن أن) كانت رسالة موجهة إلى حكومة إسرائيل وإلى المجتمع الإسرائيلي وإلى المجتمع الدولي وإلى المناصرين لإسرائيل في الغرب. وهذه الاقتحامات وهذا العدوان على الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية. هذا لا يمكن أن يسمح به الأردن على الإطلاق مهما كلف الثمن”.
لقد كان لثبات الموقف الأردني والفلسطيني ولأحرار العرب والعالم ان حرك المياه الراكدة في بيئة أمة ابتعدت اليوم كثيرًا وانعزلت عن القضايا الكبرى باتجاه القيم الاستهلاكية الاقتصادية الانبهارية بالغرب، وفي ظل شمولية لم تعد تعي معنى الخطر الأكبر والقضايا الجامعة وكل الفضل بالتحرك باتجاه دعم الأقصى كما قال لي صديقي الكويتي الخليجي هو للفاشي “بن غفير”!
تعجبت من رأيه للوهلة الاولى! ثم انتبهت أنه من الجيد أن يكون “بن غفير” عامل وحدة للموقف الاسلامي والعربي وإن مؤقتًأ.
قال لي صديقي العربي الخليجي هاتفيًا لو أن لديهم عشرة “بن غفير” لربما تستنهض الأمة!؟ وتدعم فلسطين ثانية، في ظل توقف كل الدعم الاستراتيجي والمالي منذ العام 2019 حتى الآن!
أضاف صديقي الخليجي الكويتي لافض فوه: إن المطلوب من العرب اليوم 5 أمور لمواجهة العدوان الاسرائيلي المتكرر وتغول المستوطنين المستعمرين والمستعمرات وتهويد القدس واقتحامات الأقصى وحصار القطاع، هي: إلغاء اتفاقات “إبراهام”، وإغلاق السفارات الإسرائيلية في عواصم العرب، وأعادة الدعم المالي لفلسطين، والحفاظ على الأمن القومي العربي بفهم الرواية ومعنى وجود الدولة المحتلة في قلب الامة. والعودة للألف قبل الياء ضمن المبادرة العربية (السعودية) للسلام.
قلت له لتكن واحدة على الأقل نستطيع أن نعبر، ومؤكدين نحن معًا على أهمية وربما أولوية العامل الفلسطيني الوحدوي الداخلي الذي بقوته الجمعية قادر على جر كل الامة باتجاه الخط الصحيح.