بقلم: الدكتور عماد عفيف الخطيب
بعد صدور كتاب تكليف رئيس حزب الليكود تشكيل الحكومة الجديدة في 13 تشرين ثاني، أدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين الدستورية قبل نهاية العام 2022 لدولتين في حكومة واحدة، إحداهما “الرسمية” والأخرى “للمستوطنين”. وبهذا فقد صدقت التكهنات التي أجمعت على أن الحكومة التي “انتخبها” الإسرائيليون في 2 تشرين الثاني 2022 هي الحكومة الأكثر يمينية وعنصرية علنية في تاريخ الكيان الممتد 74 عاماً مع تشكيل إئتلاف يمثل 53% من مقاعد البرلمان.
المتتبع “للسير الذاتية” للأحزاب والشخوص التي تشكل الحكومة يرى أنها تتوافق حول أيديولوجية التعامل مع الفلسطينيين بما يشمل تعزيز حكم الفصل العنصري التمييزي ضد الفلسطينين في الداخل الفلسطيني، والسعي بكل الوسائل لضم المناطق التي تعتبرها “يهودا والسامرة” وما يترتب على هذا الإجراء من إستعمال للقوة المفرطة لمعاقبة الفلسطينين على أي إحتجاج قد يقومون به بالمقابل. في الحكومة الجديدة حصل “وزير الأمن القومي” الذي يستوطن الخليل على صلاحيات واسعة للشرطة ولحرس الحدود العاملين في الضفة الغربية تشمل إطلاق النار على الفلسطينين الذين يرشقونهم بالحجارة أو “يهددونهم” بأي طريقة كانت. وسيعاون الوزير إثنان من غلاة المستوطنين في الخليل، أحدهما زعيم مجموعة “ليهافا” العنصرية، والآخر محامي ناشط في مؤسسة “هونينو” التي تدافع عن إعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وأملاكهم. أما “وزير المالية”، فهو أيضاً يستوطن في مدينة الخليل وقد حصل على صلاحيات داخل “وزارة الدفاع” للإشراف على المستوطنات القائمة على الأراضي الفلسطينية بعد تعهده بتوسيعها ودعمها وضمها للدولة العبرية والتعامل مع أية إحتجاجات من الفلسطينين بعنف زائد ولن يكرر سياسة بن ديفيد بن غوريون الذي “لم يكمل مهمته بطرد الفلسطينين في العام 1948”. أما “وزيرة المهمات القومية”، فهي تستوطن الخليل وتقاوم أي تدخل للأمن الإسرائيلي ضد إعتداءات المستوطنين على المدنيين الفلسطينين، ولهذا فستركز عملها على تعزيز الإستيطان اليهودي في الأحياء الفلسطينية بالتعاون مع مستوطنين متطرفين آخرين هما “وزير الهجرة والإندماج” ورئيس دائرة “الهوية القومية اليهودية” في مكتب رئيس الوزراء. وجميع هؤلاء المستوطنين تعهدوا بالعمل على ضم الأراضي الفلسطينية والسيطرة على المسجد الأقصى المبارك والتصدى لما يعتبرونه “رواية فلسطينية عدائية”.
في الحكومة الجديدة تجد وزراء ممن سبق وأدينو بقضايا فساد، “فوزير الداخلية” قضى سابقاً عامين في السجن على خلفية قبوله رشاوى حينما خدم “وزيراً للداخلية”، و “وزير الدفاع” إتهم ببناء منزله دون ترخيص. ويقف على رأس هذه الحكومة من لا زال قيد المحاكمة بأربع تهم فساد، لكنه يرى “بتشكيلته” الفرصة المواتية لتمرير قانون يمنحه حصانة من الملاحقة القضائية.
أما على الصعيد الخارجي فلا شك أن دور “وزير الشؤون الإستراتيجية” المتمرس سيكون هاماً في العلاقات مع الغرب والدول العربية وبالتعاون مع “وزير الخارجية” الآخر والذي كان أيضاً محورياً في مبادرة “إعلان مبادئ أبراهام”.
إن بقاء المشهد الرسمي الفلسطيني على حاله في مواجهة التحدي المستقبلي، بالرغم من الصمود والعنفوان الشعبي، فلن يخدم قضيتنا البتة. ثم أن أي تعويل على الإدارة الأمريكية أو المجتمع الدولي لمواجهة سياسات الحكومة الإسرائيلية هو تكرار لأخطاء الماضي العديدة. ولقد حان الوقت أن تأخذ منظمة التحرير الفلسطينية دورها في الوطن والشتات معتمدة على الحاضنة الشعبية العربية وعلى القادة العرب وغيرهم من الذين لا زالوا على عهدهم لفلسطين وللقدس ولمقدساتها.
في إطار “فوبيا” التهديد الوجودي “لكيان إسرائيل” ذكّر نتنياهو محاوره أن مملكة الحشمونائيم اليهودية تمكنت من النجاة لمدة 80 عاماً” وأنه هو من “سيضمن أن تتجاوز إسرائيل الثمانين عاماً”.