بقلم: سهيل كيوان
اتفق نتنياهو مع حزب “الصهيونية الدينية” على بعض الأمور، فقد خدعهم بيبي نتنياهو وأوهمهم بتحقيق أمور جديدة!
قال اتفقوا على تسهيل بيع أرض الدولة في الجليل والنقب لليهود فقط وبأسعار مخفّضة، قال وتوسيع لجان القبول في المستوطنات لمنع دخول عرب للسكن فيها، قال وإضافة المزيد من المضايقات للعرب حتى يزهقوا حياتهم.
لو كنت في نيوزيلندا مثلا وقرأت هذا الكلام، لظننت أن دولة إسرائيل كانت توزع الأرض على اليهود والعرب على قاعدة “هاي عين وهاي أختها”، بنفس المعايير والأسعار، قال شو؟ بناء مستوطنات لليهود فقط! قال يعني كانوا حتى الآن يبنون لليهود والعرب والشركس!
قال توسيع لجان القبول وتصعيب دخول العرب؟ قال يعني وكأن لجان القبول كانت عاجزة حتى الآن عن رفض العرب.
قال يعني العنصرية جديدة ومن اختراع بن غفير وسموتريتش وسترونها من الآن فصاعدًا.
يبدو أن زعماء “الصهيونية الدينية” غائبون عن السّياسة تمامًا، ويظنون بأن عنصريتهم فريدة عصرها.
أغلب الظن أنهم لن يجدوا قوانين عنصرية يضيفونها، فكل ما يحلمون به موجود، ولا حاجة للثرثرة.
قال يريدون منع العرب من شراء أرض في المستوطنات! ألا يعلم هؤلاء أن بعض العرب يملكون أراض في وسط المستوطنات نفسها، ولكن لجان التخطيط ترسمها خارج مناطق البناء وتجعلها كلها مراع ومناطق خضراء، وحتى الدخول إليها ليس متاحًا ويحتاج إلى أرقام سرية لفتح بوابة المستوطنة!
يعني ما الجديد الذي أتيتم به؟
من حق الذين سبقوكم في الحكم أن يزعلوا، أين كنتم يا بن غفير وسموتريتش عندما أسّسنا الاستيطان في كل مكان؟
أين كنتم عندما قسّمنا الحرم الإبراهيمي؟
أين كنتم عندما وحّدنا القدس رغم احتجاج معظم دول العالم؟
أين كنتم عندما ضممنا الجولان واستوطنّا فيه؟
أين كنتم عندما بنينا لليهود وصادرنا وهدمنا للعرب؟
أين كنتم عندما جعلنا من الحصول على رخصة بناء عند العرب إعجازًا يقيمون له عقيقة وينذرون عُمرة، ويكتبون لصاحب رخصة البناء التهاني في الصحف!
أين كنتم عندما صادرنا مئات آلاف الدونمات وأقمنا المناطر التي توسعت وصارت مستوطنات؟
تعالوا وانظروا كيف صارت مُدن العرب وقراهم مثل الخيار المكبوس والسّردين، بعضهم فوق بعض، لقد جعلنا قراهم ومدنهم مخيّمات، وبعضها لم يعد لديه مترا واحدا من الأرض!
حتى أنهم حرموا من مواقف للسيارات، في المدارس والمؤسسات لا يوجد مواقف كافية للسيارات، ولهذا ومن الصباح الباكر يتوترون جميعهم؟
تريدون تهويد النقب والجليل؟ صح النوم، فما الذي نفعله نحن طيلة هذه السنين؟
تريدون تخفيض الأسعار لليهود، وخصوصًا لمن يخدمون في الجيش؟
رحم الله امرئ عرف قدر نفسه ووقف عندها، فأنتم مهما حاولتم وفعلتم لن تصلوا إلى كعب من سبقوكم في العنصرية ومضايقة العرب! عيب عليكم أن تتحدثوا وكأنكم مجددون! ألا ترون كيف يقتل العرب بعضهم بعضًا ونحن نبارك ونتعهد بملاحقة المجرمين!
الفرق أننا فعلنا هذا بدون الضجيج، بل وكسبنا تأييد أمم كبيرة وقوية، وعرفنا كيف نلعب على الأصول! ودائمًا جعلنا العرب مذنبين وأغبياء وقتلة.
نحن الذين خرجنا عليهم بقصة سرقة أراضي الدولة، نحن الذين رحّلنا قرية رمية، وجعلناها حيًا جميلا لكرمئيل، ونحن الذين هدمنا العراقيب عندما كنتم أطفالا بعد.
شجعنا العرب على الهجرة إلى كندا أو أستراليا وتعهدنا لهم بالحصول على جوازات سفر في أي بلد يختارونه، مقابل بيعنا ممتلكاتهم! فأين أنتم من كل هذا، عيب يا بن غفير، وعيب يا سموتريتش، وعيب يا بيبي أن تضحك عليهما وتوهمهما بإبداع سياسة جديدة!
نحن جعلنا من العنصرية فنًا وعلمًا، أما ما تفعلونه الآن فهو جعجعة وضجيج كي تقولوا إنكم أنجزتم!
الفرق أنكم تعلنون هذا للعالم وهذا يسيء للدولة وخططها، حتى ولو كانت أميركا داعمة، بينما كنا نفعل ما نريده بهدوء وبرود، وحتى الشياطين ما كانت لتهتدي على الطرق التي ابتكرناها فقليلا من التواضع أيها العنصريون الجدد.