رأت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أنّ “تغيير الصلاحيات في الضفة، ومنح حصانة للجنود وقانون التجنيد، سيقوّضون السلسلة القيادية في الجيش الإسرائيلي”، مشيرة إلى أنّ تنازلات رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو لعضوي الكنيست المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير ستلحق الضرر في أداء الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة، واصفة ما يجري بالخطير والجارف.
وأضافت أنّ “التنازلات التي قام بها نتنياهو لشركائه المستقبليين في مجال الدين والدولة هي واسعة ومتنوعة”، وشددت على أنّها “تنازلات شاملة تقلّص صلاحيات الجيش ووزارة الأمن، وتقوّض سلسلة القيادة في الجيش الإسرائيلي”.
ورأت “هآرتس” أنّ التغيير الأبعد مدى، هو المتبدّي في الضفة الغربية”. فوفقاً للاتفاقات الجارية، منح نتنياهو شريكيه من اليمين المتطرف، عضوا الكنيست، سموتريتش وبن غفير، صلاحيات غير مسبوقة.
وأضافت أن “وزيراً من حزب سموتريتش، سيُمنح السلطة على آلية تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق الفلسطينية المحتلة، وعلى الإدارة المدنية في الضفة الغربية، وعلى تعيين المستشارين القضائيين الذين سيعملون هناك”.
وتابعت أنّ “بن غفير، كوزيرٍ للأمن القومي، سيُمنح ليس فقط صلاحيات موسّعة على المفتش العام والشرطة، بل سلطة مباشرة على حرس الحدود، بصورة يمكنه فيها التأثير على الأوامر للقوات على الأرض، بل وحتى نقل سرايا حرس حدود من الضفة إلى النقب والجليل وفق رغبته”.
وشددت “هآرتس” على أنّ ما يجري عمليتان متكاملتان، ستضعفان أداء الجيش الإسرائيلي في الضفة”، استناداً إلى أنّه ستضاف جهات خارجية إلى الهرمية العسكرية- الأمنية (سموتريتش وبن غفير).
حصانة للجنود
وتقول الصحيفة إنّ “بن غفير سيقرّ تشريعاً يقلّص إمكانية محاكمة جنود بسبب نشاطٍ تنفيذي”، مشيرة إلى أنّ “هذا الأمر قد يأتي بنتائج معاكسة”، إذ ترى “هآرتس”، أنّ “إسرائيل” تصدّ إلى اليوم، منذ 55 سنة، مطالبات بقضاءٍ دولي في جرائم حرب ارتكبت، مستندة في ذلك إلى مبرر أساسي هو أنّ “لديها جهاز قضائي فعّال ومستقل، يحرص على الاقتصاص ممن يجب”.
وعليه، تذكر “هآرتس” أنّه في اللحظة التي يتمّ فيها قطع طريق إمكانية التحقيق والمحاكمة، فإنّ النتيجة المحتملة،هي المزيد من المطالبات التي تهدف إلى قود جنود وضباط إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي”.
من سيعين الحاخام العسكري؟
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنّه من المتوقع أن يعود الائتلاف المستقبلي إلى دفع مقترح قانون قديم يقضي بتعيين الحاخام العسكري الرئيسي بناءً لتوصيات لجنة يكون عضواً فيها الحاخام السفاردي الشرقي أيضاً”.
وأشارت إلى أنّه” اتُّفق ألا يكون الحاخام العسكري الرئيسي خاضعاً لرئيس الأركان في “مواضيع شرعية-مهنية”. كما أنّ “كتلة الصهيونية الدينية تطالب بإعادة رتبة لواء إلى الحاخام العسكري الرئيسي، التي خُفّضت قبل عقدين”.
وترى “هآرتس” أنّ هذه الخطوة لها أثرين محتملين: الأول، خضوع الحاخام العسكري الرئيس لرئيس الأركان، سيضعُف وسيشق الطريق لعملية قائمة أصلاً – إخضاع الحاخام العسكري الرئيسي لمرجعية حاخامية مدنية. ووفقاً للصحيفة فإنّ هذا الأمر إشكالي لأنّه بهذه الطريقة ستُدخل إلى الجيش الإسرائيلي من الباب الأمامي أجندات خارجية – مدنية، وحتى سياسية”.
أمّا الأثر الثاني: “يمكن أن ينشأ خطر إدخال فتاوى متشددة”، مشيرة إلى أنّه “إلى اليوم كُبحت بفعل خضوع الحاخام العسكري الرئيسي مباشرةً لرئيس الأركان”.
قانون التجنيد
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنّ “التحدي الأكبر لعلاقات الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي، في المدى البعيد، يكمن في الإذعان المتبدّي من نتنياهو لمطلب الحزبين الحريديين بسن قانونٍ جديد للتجنيد”.
ورأت أنّ “قانوناً كهذا من المتوقع أن يُعفي مرّة واحدة وإلى الأبد الغالبية الحاسمة من الشباب الحريدي من واجب الخدمة العسكرية”. مشيرة إلى أنّ “ترتيباً كهذا يمكن أن يزعزع نموذج الخدمة في الجيش الإسرائيلي، وقد يلحق الضرر بالحافزية للتجنيد”.
اتفاق الإذعان
وترى “هآرتس” أنّه في الوقت الذي يستجيب فيه نتنياهو، للمطالب البعيدة المدى لشركائه، يبدو أنه يُلغي إلى الأبد مطلباً عرضه بصخب، وحتى بدراماتيكية، في المرحلة الأخيرة من حملة الليكود في الانتخابات الأخيرة.”
وتقول إنّ نتنياهو هاجم وبشدّة اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع الجانب اللبناني، مشيرة إلى أنّ محاولته وأعضاء الكنيست لعرقلة العملية صدّها قضاة المحكمة العليا، الذين قبلوا موقف حكومة لابيد – بينيت والمؤسسة الأمنية والعسكرية. وزعموا أنّ الاتفاق مطلوب، بينما انسحابٌ إسرائيلي منه في اللحظة الأخيرة يمكن أن يؤدي إلى تدهورٍ عسكري في الساحة الشمالية.
وتذكر الصحيفة أن “نتنياهو قبيل الانتخابات، أعلن رفضه بشكل فظ للإتفاق، ووعد أنّه في حال فوزه، سيلغي اتفاق العار هذا”. وتضيف أنّه بعد فوزه، وفي مقابلة إعلامية له مع قناة عربية الأسبوع الماضي، سُمع مختلفاً كلياً. إذ قال إنّه “سيفحص الاتفاق”، وإن وجد أموراً سيئة فيه، فإنّه سيعمل على إيجاد حلّ لها بطريقة مسؤولة”، نافياً رغبته في تمزيق هذه الوثائق.
وأضافت أنّ رد نتنياهو في هذه الظروف بهذه الطريقة كان معقولاً، مشيرة إلى أنّه يدرك جيداً أنّ القفز على اتفاقيات دولية، حظيت بدعمٍ من الولايات المتحدة ومن الأمم المتحدة، يمكن أن يثير عنفاً.
وختمت “هآرتس” بالقول إنّ “الانتقاد المنفعل من نتنياهو والليكود للاتفاق لم يكن سوى أحبولة انتخابات”، مضيفة أنّه في اللحظة التي فاز بها، تركه”. قائلة بسخرية: “من الواضح أن لديه الآن قضايا أكثر إلحاحاً على جدول الأعمال!”.