يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز الوجود الفلسطيني في المناطق (ج) في الضفة الغربية المحتلة، وذلك من خلال خطة عمل أعدتها بعثة الاتحاد الأوروبي في القدس، بحسب ما أوردت القناة 13 الإسرائيلية، مساء اليوم، الإثنين، مشيرة إلى أن المسؤولين في إسرائيل اطلعوا على الوثيقة ويدرسون سبل الرد عليها.
وادعى التقرير أن “الوثيقة السرية” التي وضعتها بعثة الاتحاد الأوروبي في القدس المحتلة، “قبل عدة أشهر”، مفصلة في ست صفحات، وتشرح الإجراءات والخطوات التي سيتخذها الاتحاد الأوروبي بهدف “توسيع الوجود الفلسطيني في المناطق (ج)”.
وتعرف المناطق (ج) بأنها تلك الأراضي التي أعطى اتفاق أوسلو بين “منظمة التحرير الفلسطينية” والحكومة الإسرائيلية عام 1993، السيطرة الأمنية والمدنية الإدارية عليها للاحتلال، وهي تشكل قرابة 60% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
وكانت اتفاقية أوسلو قد قسمت الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة مناطق؛ ليكون القسمان الآخران هما المناطق (أ) التي تخضع للسيطرة الفلسطينية الأمنية والمدنية، والمناطق (ب) التي تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية وسيطرة مدنية وإدارية فلسطينية.
وجاء في الوثيقة الأوروبية، بحسب القناة 13 الإسرائيلية، أن “الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تعزيز الوجود الفلسطيني في المناطق (ج). سيعمل الاتحاد الأوروبي على رسم خريطة لأراضي المنطقة، وليس بالضرورة أن يتم ذلك بشكل مستقل، وإنما من خلال المنظمات” الفاعلة في المنطقة.
وبحسب الوثيقة، فإن الاتحاد الأوروبي يهدف من خلال هذه الخطة إلى “إثبات حق الفلسطينيين في الأرض”، وتشير الوثيقة إلى أن الاتحاد الأوروبي سيدعو إلى ضرورة “متابعة ومراقبة” النشاط “الأثري” الإسرائيلي في هذه المناطق، لافتتة إلى أن سلطات الاحتلال تستخدم الأنشطة التي تتعلق بالمواقع الأثرية، “لتبرير سيطرتها على أراض في الضفة”.
ووفقا للوثيقة، فإن الاتحاد الأوروبي سيعمل على “دمج المناطق (ج) بالمناطق (أ) و(ب)”. وتنص الوثيقة أيضًا على أن هناك حاجة إلى وضع “رؤية أوروبية مشتركة ونهج أكثر تنسيقًا من أجل تعزيز القدرة على توسيع الاضطلاع الأوروبي في المنطاق ج”.
وتشير الوثيقة إلى ضرورة تعزيز البنية التحتية للفلسطينيين في المناطق (ج)، وتوفير المساعدة القانونية للفلسطينيين، كما دعت الوثيقة المسؤولين في الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ “العديد من الإجراءات الأخرى” في المنطقة التي تسعى سلطات الاحتلال إلى ضمها أو على أقل تقدير إبقائها فارغة من الفلسطينيين قدر الإمكان.
وأشارت القناة 13 الإسرائيلية إلى أن الوثيقة الأوروبية أعدت قبل الانتخابات الإسرائيلية التي أجريت في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وحسمها اليمين المتطرف. واستبعد التقرير أن يكون للوثيقة أي علاقة بهوية الحكومة الإسرائيلية المقبلة التي ترتكز على تيار الصهيونية الدينية.
واعتبر التقرير أنه على الرغم من أن الموقف الذي عبر عنه الاتحاد الأوروبي من خلال الوثيقة، والمتناسق مع موقف القانوني الدولي بشأن عدم شرعية الاحتلال وتجريم ممارسته، ليس جديدا، إلا أنه يعبر عن تعزيز “الممارسة العملية وتعميق المشاركة في المناطق ج، أكثر مما كانت عليه حتى الآن”.
وفي رده على تقرير القناة الإسرائيلية، رفض الاتحاد الأوروبي التعليق على وثيقة سرية مسربة، ومن جهة أخرة دعا “إسرائيل للسماح بتحسين ملموس في حياة الفلسطينيين والسماح للبناء الفلسطيني ووقف تدهور الظروف المعيشية للفلسطينيين على أرض الواقع”.
سموتريتش: سنعزز الاستيطان في الضفة
والمناطق (ج) بالتحديد، هي التي كان مشروع الضم الذي طرحه رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف، بنيامين نتنياهو، يستهدفها في العام 2020، كما أن الاتفاق الائتلافي الذي توصل إليه نتنياهو مع رئيس حزب “الصهيونية الدينية”، بتسلئيل سموتريتش، ينص على منح الأخير صلاحيات واسعة تتعلق بوضع سياسات الاحتلال وتطبيقها في الضفة.
واعتبر سموتريتش، في تعليقه على الوثيقة التي أوردتها القناة 13، أن “العمل ضد الاستيلاء العربي على المناطق المفتوحة في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة) هو أحد التحديات الملحة والمهمة التي يجب على الحكومة المقبلة مواجهتها وهو أحد الأسباب الرئيسية لمطالبتي بالحصول على صلاحيات في وزارة الأمن”.
وأضاف أن “التورط السافر للاتحاد الأوروبي في جهود السلطة الفلسطينية لفرض أمر واقع على الأرض وإقامة دولة إرهابية عربية من جانب واحد بحكم الأمر الواقع، في قلب أرض إسرائيل أمر غير مقبول، ويتعارض مع القانون الدولي، ويتعارض مع المبادئ الدبلوماسية الأساسية التي تحكم العلاقات بين الدول”.
وشدد سموتريتش على أن الحكومة الإسرائيلية المقبلة “ستبذل جهودا على الأصعدة الدبلوماسية والاقتصادية والتنفيذية والاستيطانية، ضد النشاط العدائي للسلطة الفلسطينية والفاعلين الدوليين”، في إشارة إلى مخططاته لتوسيع النشاط الاستيطاني وتوسيع جرائم الهدم والمصادرة ضد الفلسطينيين.
وينص الاتفاق الائتلافي بين نتنياهو وسموتريتش على تعيين الأخير وزيرا في وزارة الأمن، بحيث يكون مسؤولا عن مجالات واسعة في نطاق عمل الوزارة تتعلق بإدارة مناحي الحياة في الضفة المحتلة، لخدمة المستوطنين واستهداف الفلسطينيين؛ بما في ذلك منحه المسؤولية على وحدة “تنسيق أعمال الحكومة في المناطق” المحتلة، و”الإدارة المدنية” للاحتلال التابعة لها.
وهدم الاحتلال منذ مطلع العام 2022 الجاري وحتى 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، 646 مبنى في المناطق (ج)، وفق تقرير دوري للأمم المتحدة، ويُحظر الاحتلال على الفلسطينيين إجراء أي تغيير أو بناء في المنطاق (ج) دون تصريح رسمي يعد من المستحيل الحصول عليه، وفق منظمات محلية ودولية.
وبتنسيق مشترك بين جيش الاحتلال وجمعيات المستوطنين يتم رصد تحركات المواطنين وبنائهم واستصلاحهم لأراضيهم في هذه المناطق، ويمنعون من إعادة بناء المنازل المهدمة، أو حتى الاستفادة من الأرض المقامة عليها. ويلاحق الاحتلال والمستوطنون الآليات والمعدات التي تقوم باستصلاح الأراضي وفلاحتها، ويحتجزها أو يصادرها لأسابيع وتغرم سلطات الاحتلال الفلسطينيين بمبالغ طائلة.
وتحت مسميات “المناطق العسكرية” و”المحميات الطبيعية” و”أملاك الدولة”، تسعى إسرائيل للسيطرة على الأراضي الفلسطينية في المناطق (ج) الواسعة والممتدة إلى الأغوار الفلسطينية، وتحرم الفلسطينيين من كل ما يدعم صمودهم كالمياه والكهرباء والطرقات والبنية التحتية.