حاخام: الانتخابات الأخيرة جعلت إسرائيل أكثر تشددا

يرى الحاخام الإسرائيلي إلحنان ميلر، بأن إسرائيل باتت “أكثر تدينا” بعد تركيبة الكنيست (البرلمان) الجديدة التي نتجت عن الانتخابات التي جرت مطلع الشهر الجاري.

 

وأظهرت الانتخابات الإسرائيلية في نوفمبر/تشرين ثاني الجاري جنوحا في الشارع الإسرائيلي نحو اليمين ما بات يعكس نفسه بأغلبية يمينية بالكنيست.
ولكن ليس كل اليمين ديني، فهناك أحزاب يمينية دينية مثل “شاس” و”يهودوت هتوراه”، ويمين قومي مثل “الصهيونية الدينية” و”القوة اليهودية”، ويمين ليبرالي مثل “الليكود” و”إسرائيل بيتنا”.
بيد أن عدم وجود أحزاب إسرائيلية كبيرة قادرة على تشكيل حكومات بمفردها جعلها بحاجة إلى الأحزاب الصغيرة التي تفرض شروطها للانضمام إلى الحكومات.
** الأحزاب المتشددة
وقال ميلر الذي رُسّم حاخامًا أرثوذكسيًا في سبتمبر/أيلول 2019 في معهد “بيت مدراش هاريل” بالقدس الغربية: “في الماضي لم تكن الأحزاب المتشددة دينيا مثل شاس ويهودوت هتوراه محسوبة على اليمين، فقد شاركوا مع كل الحكومات سواء باليمين أو اليسار”.
وأضاف قائلا للأناضول: “فمثلا حزب شاس بقيادة آرييه درعي تعاون مع حكومة رئيس الوزراء الأسبق من حزب العمل إسحاق رابين بما في ذلك أثناء مفاوضات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية”.
وأردف: “ولكن مع مرور الزمن تحرك جمهور هذه الأحزاب نحو اليمين بتأثير من اليمين الأيديولوجي الصهيوني الذي يسمى الصهيونية الدينية، ورويدا رويدا أصبح هذا الجمهور المتزايد عددا يمينيا، فاليوم آرييه درعي يعتبر زعيم يميني وشريك لزعيم الليكود بنيامين نتنياهو”.
ومن بين 12 حزبا وتحالف ممثلة بالكنيست فإن هناك 7 أحزاب يمينية وحزب واحد يمين وسط و2 يسارية و2 عربية.
والأحزاب اليمينية هي الليكود، شاس، يهودوت هتوراه، الصهيونية الدينية، القوة اليهودية، نوعام، إسرائيل بيتنا.
أما حزب المعسكر الرسمي بقيادة وزير الدفاع بيني غانتس، فيحسب يمين وسط، في حين أن “هناك مستقبل” و”العمل” تحسب على الوسط.
والأحزاب العربية التي لها 10 مقاعد هي القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس وتحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والقائمة العربية للتغيير برئاسة أيمن عودة وأحمد طيبي.
وقال ميلر: “بالنسبة للأحزاب الدينية، فإن هناك أحزاب مختلفة فمنها المتشددة دينيا التي لم يعتنق ناخبوها الصهيونية بالفكر القومي فهم يسكنون في إسرائيل، ولكنهم لا يؤمنون بكامل فكرة الصهيونية العلمانية”.
وأضاف: “اليهود الأشكناز، من أصول أوروبية يصوتون لحزب يهودوت هتوراه، أما اليهود المتشددين دينيا من أصول شرقية (سفارديم) فيصوتون لحزب شاس الذي له أيضا شعبية في صفوف اليهود التقليديين وفي المناطق المهمشة وبالتالي لهم شعبية خارج نطاق الجمهور الديني”.
وتابع ميلر: “لكن بسبب تقديم نتنياهو المساعدات الحكومية لهذه الجماهير مثل تمويل الأطفال والصحة والمساعدات الاجتماعية فقد أصبحت هذه الأحزاب تؤيده لأنه يساعد العائلات الفقيرة”.
** الصهيونية الدينية
وأشار ميلر هو ناشط في منظمة “حاخامون من أجل حقوق الإنسان”، إلى أنه “من ناحية أخرى فإن الأحزاب الصهيونية الدينية فيها تيارين، الأول يعتبر نفسه معتدلا نسبيا قاده رئيس الوزراء السابق نفتالي بييت وشريكته أياليت شاكيد وهو يرفض المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ويؤمن بفكرة إسرائيل الكاملة ولكن يتعاطى بواقعية مع الظروف السياسية”.
وأضاف: “بالمقابل فإن هناك تيار أكثر تشددا بقيادة بتسلئيل سموتريتش زعيم الصهيونية الدينية وهو في شراكة مع ايتمار بن غفير زعيم القوة اليهودية، وهو تيار لا يؤمن بأي شكل من الأشكال بالمفاوضات مع السلطة الفلسطينية ويرفض حتى الشراكة مع العرب الإسرائيليين”.
وتابع ميلر: “اليوم هناك أغلبية يمينية من المتدينين والصهيونية الدينية المؤيدة لنتنياهو بواقع 64 من مقاعد الكنيست الـ 120، وهذه التركيبة قد تؤثر على السياسات الحكومية ويصبح نتنياهو العنصر الأكثر يسارا في هذه الحكومة”.
وردا على سؤال إن كان هذا يعني إن إسرائيل أصبحت أكثر دينية، أجاب ميلر: “نعم، هناك تطابق إلى حد كبير بين اليمين والتدين، فغالبا وهذا حسب كل استطلاعات الرأي العام، فإنك عندما تكون متدين أكثر فأنت يميني أكثر”.
وأردف: “وبالتالي هناك تطابق إلى حد كبير بين الدين واليمين، وهذا يعني أنه كلما أصبح الجمهور الإسرائيلي أكثر دينيا، لأن أعداد المتدينين تزداد بشكل سريع بسبب النمو، كلما ازداد تأثير اليمين في السياسة الإسرائيلية”.
وعمليا فإن نسبة اليهود المتشددين دينيا في إسرائيل تصل إلى 11 في المئة من عدد السكان اليهود ولكن الحاجة إليهم لتشكيل حكومات تجعل تأثيرهم أكبر بكثير من قوتهم الحقيقية.
** المتشددون دينيا
وقال ميلر إن “المتشددين دينيا أو ما يطلق عليهم الحريديم بالعبرية لا يخدمون بالجيش ويشكلون نحو 11 إلى 12 في المئة من عدد سكان إسرائيل اليهود”.
واستدرك: “ولكن أعدادهم متزايدة، فاليوم اعتقد أن ما يقرب من ربع تلاميذ الصف الأول في المدارس الإسرائيلية من المتشددين دينيا، فلكل عائلة تنجب ما بين 6 – 7 أفراد وهذا بكل تأكيد سيؤثر على ديمغرافية الجمهور الإسرائيلي في السنوات والعقود المقبلة”.
وعن الفرق ما بين اليمين الديني واليمين القومي قال ميلر: “بطبيعة الحال هناك يمين إسرائيلي غير ديني يتمثل بحزب الليكود مثلا الذي له 32 مقعدا بالكنيست، وهم أكثر تقليديين”.
وأضاف، أن هؤلاء “لهم خلفية دينية حتى وإن لم يكونوا يلتزمون بكل وصايا الدين، وبالتالي هناك شراكة ما بين اليمين المتدين واليمين التقليدي أو حتى العلماني، فهناك تيارات يمينية أيديولوجية بعيدة عن الدين”.
وتابع ميلر: “ولكن أعتقد أن اليمين الإسرائيلي اليوم له لون ديني أكثر فأكثر”، مشيرا إلى أن “التشريعات والقوانين أصبحت تأخذ الدين بعين الاعتبار أكثر فأكثر”.
وكان حزبا “يهودوت هتوراه” و”الصهيونية الدينية” طالبا في المفاوضات لتشكيل حكومة برئاسة نتنياهو تشريع الفصل ما بين الذكور والإناث في المناسبات العامة.
وأثار هذا الأمر حفيظة الأحزاب الوسطية، إذ قال رئيس الوزراء وزعيم “هناك مستقبل” يائير لابيد في تغريدة على تويتر، الأحد: “في إسرائيل يحاول سموتريتش والحاخامين الدينيين إرسال النساء وراء الحواجز وإدخال الفصل بين النساء والرجال في القانون، أين الليكود؟ لماذا هم صامتون؟ نحن لسنا في إيران”.
** أسباب ودوافع
وعن أسباب ميل الأحزاب اليهودية المتشددة دينيا نحو اليمين قال ميلر: “هذه الحركة نحو اليمين لها عدة أسباب منها الدين، فالتدين والالتزام بقدسية أرض إسرائيل وأهمية الحفاظ على كل الأرض طبعا لها خلفية دينية”.
وأضاف: “ولكن هناك أسباب أخرى منها موجات العنف التي حدثت قبل الانتفاضة الثانية، إضافة إلى فترة الانتفاضة (الفلسطينية) الثانية قبل نحو 20 عاما، ثم اضمحلال إمكانية المفاوضات مع طرف فلسطيني موحد يتمثل بمنظمة التحرير كل ذلك جعل الرؤية والنظرة إلى المستقبل السلمي بعيدة عن الجمهور الإسرائيلي”.
وتابع ميلر: “كل هذه الظروف معا جعلت الناخب الإسرائيلي يشك في المسيرة السلمية ويتجه نحو اليمين”.
وفي مقابلة مع صحيفة “إسرائيل اليوم”، الأحد قال الحاخام حاييم دروكمان، أحد أكثر الشخصيات نفوذاً في التيار القومي الديني: “لا توجد مشكلة في وجود دولة شريعة”.
وأضاف دروكمان: “في النهاية، نقطة الانطلاق هي أننا نتحدث حول دولة يهودية .. علينا أن نعمل وفق ما يحدث في دولة يهودية”.

Exit mobile version