حذر الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، من التداعيات الخطيرة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينة المرتقبة، برئاسة زعيم حزب “الليكود” بنيامين نتنياهو، التي من المؤكد أنها سترتكز على المتدينين والقوميين المتطرفين.
وقال الصحفي والكاتب المختص في القضايا الدولية، توماس فريدمان: “أملت من حكومة نفتالي بينيت – يائير لابيد التي تولت الحكم في حزيران/ يونيو 2021، أن تبشر بالمزيد من الشراكة والوحدة هنا، في الولايات المتحدة، ولكن هذه الحكومة انهارت للأسف، وبدلا منها سنرى ائتلاف اليمين المتطرف جدا في تاريخ إسرائيل، ليحفظنا الله، إذا كان هذا يبشر بما سيأتي أيضا إلينا”.
وأضاف في مقال نشر بصحيفة “هآرتس” العبرية “ان الائتلاف الذي يركب على ظهره نتنياهو في عودته للحكم، هو الائتلاف الموازي الإسرائيلي لكابنت الكابوسي الأمريكي، الذي يتناول سيناريو عودة انتخاب دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024″، وتعيين رودي جولياني في منصب النائب العام، مايكل فلين في منصب وزير الدفاع، ستيف بينون في منصب وزير التجارة وزعيم الافنغليين جيسم دوبسون وزيرا للتعليم، وانريكي تاريو، الزعيم السابق لمنظمة براود بوير، وزيرا للأمن القومي، ومارغرو تايلر غرين كمتحدثة باسم البيت الأبيض.
وتابع: “تخيلوا أنكم استيقظتم واكتشفتم ذلك، كنتم ستقولون: هذا مستحيل”.
ونبه إلى أن “ائتلاف نتنياهو حقيقي، وهو حلف جامح من زعماء الجمهور الديني والسياسيين المتطرفين قوميا، ومن بينهم بعض المتطرفين اليهود العنصريين الذين يكرهون العرب، والذين في السابق اعتبروا خارج المعايير والحدود السياسية الإسرائيلية، وكون نتنياهو عمليا لا يستطيع أن يشكل ائتلاف أغلبية دون دعم هؤلاء المتطرفين، وبعضهم سيتولى مناصب وزارية في حكومة إسرائيل القادمة”.
وأشار الكاتب إلى أن “اليهود في العالم سينشغلون بسؤال: “هل سنؤيد أم لا إسرائيل كهذه؟”، مضيفا: “هذا السؤال سيلاحق الطلاب المؤيدين لإسرائيل في الجامعات، وهو سؤال إشكالي بالنسبة لحلفاء إسرائيل العرب؛ استنادا إلى اتفاقات التطبيع، وهم بالإجمال أرادوا إقامة علاقات اقتصادية مع إسرائيل، دون أي نية للوقوف للدفاع عن حكومة تتبع سياسة تمس بعرب إسرائيل”.
وأكد أن الائتلاف الإسرائيلي الحاكم المرتقب، “سيصعب على الدبلوماسيين الأمريكيين الذين دافعوا بصورة تلقائية عن إسرائيل، تلك الدولة اليهودية الشريكة في قيم الولايات المتحدة، ويدفع أصدقاء تل أبيب في الكونغرس إلى التملص من كل مراسل سيسأل، إذا كان من الواجب على الولايات المتحدة مواصلة نقل مساعدات بمليارات الدولارات لحكومة ترتكز على المتدينين المتطرفين”.
ولفت فريدمان إلى أن “نتنياهو تم حمله للحكم على يد شركاء يعتبرون العرب طابورا خامسا يجب عدم الوثوق بهم، ويعدون بسيطرة سياسية في تعيين القضاة؛ يؤمنون بوجوب توسيع البناء في المستوطنات، كي لا يبقى في الضفة الغربية أي شبر للدولة الفلسطينية، يريدون إدخال تغييرات لجهاز القضاء، كي تجمد المحاكمة التي تجري ضد نتنياهو بسبب تلقي الرشوة..”.
وأوضح أن “الحديث يدور عن شخصيات مثل إيتمار بن غفير، الذي تمت إدانته في 2007 بالتحريض على العنصرية، ودعم منظمة إرهابية يهودية، ونتنياهو نفسه قام بتعزيز التحالف بين بن غفير وسموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية”، وهذه الثقافة حولتهم “أمام اندهاش الكثير من الإسرائيليين” إلى الحزب الثالث من حيث حجمه في إسرائيل، ومنحت نتنياهو الحلفاء الحيويين لحزب “الليكود” كي يحصل على الأغلبية في الكنيست”.
ونقل الكاتب الأمريكي عن مراسل “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنياع، تأكيده أن “نتنياهو كان الوسادة السياسية الخصبة” في العمل مع هذه الأحزاب اليمينة المتطرفة.
كما ذكر الكاتب الإسرائيلي في “هآرتس”، أن “إعلان انتخابي واحد أوضح الرسالة لنتنياهو كان إعلان “الليكود” باللون الأسود القاتم بعنوان “خلاص، هذا يكفي”، وقد ظهر في البلاد، حيث ضم رئيس الحكومة التارك يئير لابيد وشريكه في الائتلاف منصور عباس، وأيمن عودة وأحمد الطيبي، وذلك بفضل أعاجيب الفوتوشوب، وتم استيعاب الرسالة بشك جيد من قبل ناخبي “الليكود”، “الصهيونية الدينية” والأحزاب الدينية، ومن المرجح أنها ساعدت نتنياهو على تحقيق الفوز”.
ولفت فريدمان إلى أن “اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل راكموا القوة، سواء بسبب الخوف من العرب أو التشكك فيهم، وسواء كان الحديث يدور عن عرب الداخل أو الفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن خصومهم في الوسط والوسط – يسار لم يرسلوا أي رسالة مضادة منطقية تثير الإلهام”.
وتساءل: “لماذا هذا خطير جدا؟ الفيلسوف اليهودي ورجل الجامعة العبرية، موشيه هلبرتال، صاغ ذلك بشكل جيد: خلال عشرات السنين آمن الجمهور اليميني، الذي في معظمه هو “صقري” في شؤون الأمن، بأن الفلسطينيين لن يوافقوا ولن يسلموا في أي يوم بالدولة اليهودية إلى جانبهم، لذلك، يجب على إسرائيل اتخاذ كل الوسائل العسكرية الحيوية للدفاع”.
وشرح هلبرتال بأن “الموقف “الصقري” من الفلسطينيين يتحول الآن إلى شيء جديد، نوع من “القومية المتطرفة الشاملة”، التي ليس فقط ترفض فكرة الدولة الفلسطينية، بل أيضا تعتبر كل عرب الداخل (يحملون الجنسية الإسرائيلية) إرهابيين محتملين، وهذا الأمر سيؤثر بشكل عميق على العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.
والشهر الماضي، نشر في موقع “أكسيس”، أن السناتور الأمريكي الديمقراطي بوب مننديز، رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، حذر من نتنياهو، لأنه “في حال شكل حكومة تضم متطرفين من اليمين، هذا يمكن أن “يعمل على تآكل بشكل جدي الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل من الحزبين في واشنطن”، وعلق فريدان على ذلك: “هذا يمكن أن يحدث الآن”.
وفي ختام مقاله، قال الكاتب الأمريكي: “قمت بإرسال مقالاتي من إسرائيل خلال 40 سنة تقريبا، وقمت بالتجول في البلاد مع صديقي ناحوم برنياع، وعندما سمعت منه في الهاتف بعد نشر نتائج الانتخابات بأنه “الآن توجد لنا إسرائيل مختلفة كليا”، عرفت أننا وبحق سندخل إلى نفق مظلم”.