بقلم: د. هاني العقاد
بينما يتنكر الاحتلال الصهيوني لأية حقوق سياسية للفلسطينيين واهمها حقوق تقرير المصير ,يصاعد الاحتلال هجمته المسعورة عله يخمد ثورة الفلسطينيين ضد الاحتلال ومخططاته التهويدية, يقتحم المدن ,يهدم البيوت ,يخرب الشوارع , يقتل , يعتقل , يطلق العنان لعصابات المستوطنين لتخريب الحقول وسرقة محصول الزيتون ,يعربدون ويعتدون على المواطنين الفلسطينيين الذين يجاوروا مستوطناتهم , ليل الفلسطينيين يكاد يتمرد على حلكته لقسوة المشهد ,حرب شوارع , رصاص … دماء وشهداء ,في المقابل يستمر بحثهم مع الساسة العرب في بعض العواصم العربية لتحقيق تطبيع افضل وسلام عربي إسرائيلي مزعوم. امام كل هذا يصمت العالم وهو يشاهد الجرائم التي ترتكب يوميا في فلسطين، الأمم المتحدة لم تحرك ساكنا وتتوارى أحيانا خلف مطالبات خجولة بالتحقيق في تلك الجريمة او الواقعة دون ان تتجرأ بإصدار قرارات اممية بتحقيق دولي مستقل في اي من جرائم الإعدام الميداني التي باتت الخبر المفجع لكل العائلات في فلسطين، فلا يكاد يمر يوم دون ارتقاء شهيد هنا او شهيد هناك بنابلس او جنين او رام الله او الخليل فكل المدن الفلسطينية الان تحت مرمي النار الصهيونية.
صمت عربي يتوارى خلف بعض السياسات التي لا تسمن ولا تغني من جوع باتجاه القضية الفلسطينية من فترة الى اخرى تخرج بعض الادانات والتحذيرات من تقويض حل الدولتين وهنا لا تغيب جامعة الدول العربية عن المشهد فالبيانات لا تكاد تتوقف وهي دائمة الصدور بعد كل حادثة اعدام لفلسطيني او اقتحامات للمسجد الأقصى والنفخ في البوق على بواباته كما حدث مؤخرا فيما يسمي بأعياد الكيان العبري الثلاثة عيد راس السنة العبرية وعيد الغفران وعيد العرش. لا يكاد يخلو أي بيان لجامعة الدول العربية من المطالبة بوقف الاحتلال الصهيوني اجراءاته التصعيدية بحق الفلسطينيين في الضفة ووقف استهداف وتدنيس المقدسات العربية والإسلامية في القدس العربية والحرم الابراهيمي بالخليل الذي حول المستوطنون المتطرفون بعض اجزائه الى مرقص لإقامة الحفلات الموسيقية دون أي إجراءات او مشاريع على الأقل تهدد مصالح دولة الاحتلال مع بعض الدول العربية او توقف الانحدار في اتفاقات التطبيع الشنيعة.
استمرار مسار الخزي والعار لتطبيع دول عربية مع الاحتلال في ظل المشهد الاحتلالي الحالي , طبعوا ولم يحفظوا كرامة شعوبهم بل فتحوا بوابات شعوبهم لينفذ فيها الموساد اقذر المخططات ويدخل فكر تطبيعي وسخ للمجتمع العربي باسم تلاقح الثقافات وتداخل الحضارات, واصبح بعض الزعامات يسابق الاخر لإرضاء قادة بني صهيون وطلب زيارتهم وابداء فروض الولاء والطاعة على مصطبة السقوط العربي والأخلاقي تحت اقدام حاخاماتهم، بعض من الدول العربية لم يفتحوا اسواقهم للبضائع الصهيونية فقط بل انهم مَلكوا المؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية مئات الهكتارات من الأراضي الاستراتيجية لإقامة قواعد عسكرية مشتركة بدعوي تطوير القوة الدفاعية العربية في وجه التحديات اشتروا مئات الاطنان من السلاح والتكنولوجيا الحربية الصهيونية ونصبوها على بوابات عروشهم التي لن يحميها سوي العزة والكرامة وأبناء البلد والغيارى على سمعته وكرامته.
من يتساءل اين الضمير العربي من كل هذا …؟ نقول له ان الضمير العربي في غيبوبة طويلة لا احد يستطع ان يتوقع متى سيصحو ويعود ليشعر بمعاناة الشعوب العربية والدفاع عن قضاياها واولها القضية الفلسطينية التي ما كانت لتصل لهذه المرحلة الا بتخلي بعض العرب عنها وعن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني حقا وليس بالكلمات ولا العبارات ولا الشجب ولا البيانات وانما بإجراءات حقيقية تجبر المحتل على الرحيل والجلوس على طاولة المفاوضات صاغرا يعطي الفلسطينيين حقوقهم دون نقصان، من يتساءل عن الضمير العربي ..؟ أقول له غاب ولم يعد هو في غيبوبة مؤقتة قد يصحوا قبل فوات الأوان وضياع الامة العربية وتفتتها واحتلال أراضيها تحت اسم السلام الابراهيمي الجديد وهو احتلال سلمي اخطر من الاحتلال العسكري الكلاسيكي، وكما لكم الحق أيها السادة ان تسالوا عن الضمير العربي اليوم لي الحق ان استفسر من الجميع هل يستفيق الضمير العربي في القمة العربية بالجزائر اليوم ..؟ , نعم القمة العربية تأتي في وقت حساس جدا تمر به الامة العربية بانقسامات واختلاف نحو الشراكة الحقيقية وغياب الهدف العربي الواحد , والسماح للأمريكي الصهيوني ان يرسم سياسات المنطقة ونموها وازدهارها فيما هو عبث حقيقي بأمن المنطقة ونهب ثرواتها والاستيلاء على نفطها , ليس هذا فقط بل تحويلها لامه عاجزة عن اطعام نفسها من ثروات ارضها.
الجزائر مازالت تملك ضمير عربي حي لم يبيع قادتها انفسهم للوهم الذي يدعى ( اسرائيل) لانهم ثوار بنوا دولتهم بالبارود والدم , ومازالوا يحافظون عليها بأسنانهم بالرغم من وصول العدو حدودها وتهديد امنها واستقرارها لإخضاعها لاتفاقيات تطبيع على غرار ما يجري بالجوار من حدودها , الجزائر تعمل ليل نهار وعلى اكثر من محور حتى تنجح القمة العربية القادمة واولها انهاء الانقسام الفلسطيني الذي ارق الجميع وكان سببا في ان تعيد دولة الاحتلال صياغة مشاريعها الاستعمارية في فلسطين والمنطقة العربية, وانطلاقا من هذا المحور الذي تعمل الجزائر عليه منذ فترة تامل ان تجسد وحدة العرب حول قضايا العرب وتغلق الأبواب امام المتطفلين من الغرب لتوظيفها لصالح مشاريعهم الاستعمارية بالمنطقة. ان عاد الضمير العربي في القمة العربية بالجزائر ستعود هيبتهم ويتوحدون وسيكون بمقدورهم حل ازماتهم باليمن والخليج الذي تهدد هويته العربية وليبيا ولبنان الذي بات يتحول الى صومال ثانية وسوريا التي انهكتها الحروب والعراق الذي بات عشرون عراقا . امل ان تنجح الجزائر في القمة العربية الحالية بتوحيد صفوف العرب وتنهي توتراتهم وتوحد أهدافهم وكلمتهم وتوجهاتهم المصيرية، لان هناك قضايا كبرى بلغت من العرب مبلغ السيف من عرق الرقبة واثرت على مستقبل الاستقرار والعلاقات العربية العربية المستقبلية والامن المشترك والشراكة في حماية الأرض والهوية.