استمرت صفقة غير مكتوبة بين السعودية والولايات المتحدة طيلة حكم سبعة ملوك و15 رئيساً، ونجحت في تخطي عقبات كبيرة بينها حربا الخليج وهجمات 11 سبتمبر الإرهابية. ولكن العلاقة الآن بين الطرفين تتداعى في ظل حكم زعيمين لا يثقان ببعضهما، أو لا يحبان بعضهما.
هذا ما جاء في تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية يوم الإثنين.
وتضيف الصحيفة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (37 عاماً)، وهو الحاكم الفعلي للمملكة، سخر من الرئيس الأمريكي جو بايدن (79 عاماً) سراً ومن هفواته المتكررة، وتساءل عن صحته العقلية.
تنقل الصحيفة تلك الأقوال عن مصادر لم تكشف عنها في الحكومة السعودية، وتضيف نقلاً عنهم أن بن سلمان قال لمستشاريه إنه “لم يكن معجباً ببايدن منذ كان نائباً للرئيس وأنه فضّل بفارق كبير الرئيس السابق دونالد ترامب عليه”.
وكان بايدن هاجم السعودية وولي العهد بشكل خاص خلال حملته الانتخابية في 2020، التي تلت مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018. آنذاك وعد الرئيس الديمقراطي بجعل السعودية دولة منبوذة.
لقد رفض بايدن مخاطبة بن سلمان عندما صار رئيساً وذلك لأكثر من سنة، وعندما زار المملكة في تموز/يوليو الفائت، قال مسؤولون سعوديون، حضروا اجتماعاته، “إنهم شعروا أنه لم يكن يريد أن يكون هناك وأنه غير مهتم بالمحادثات السياسية” بحسب وول ستريت جورنال.
وتذهب الصحيفة إلى حد استخدام مفردة “العداء” لوصف العلاقة بين بايدن وبن سلمان وتقول إن هذا العداء زاد من توتر علاقات الرياض وواشنطن، مرجحة أن تسوء الأمور أكثر في المستقبل.
قرار أوبك+
لقد عزز قرار أوبك+ بخفض الإنتاج -ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الخام وسط أزمة تضخم تشهدها الولايات المتحدة (والعالم) قبيل الانتخابات النصفية- تصميم بايدن وبن سلمان على إعادة النظر في العلاقات الاستراتيجية التي استمرت لأكثر من ثمانين عاماً.
من جهة قال البيت الأبيض إن بايدن يريد النظر فيما إذا كانت العلاقات مع السعودية تخدم المصالح القومية الأمريكية فيما قال مسؤولون سعوديون إن الوقت ربما حان بالنسبة لهم لإعادة تقييم العلاقات مع واشنطن.
وتقول وول ستريت جورنال إن الغزو الروسي لأوكرانيا والرد الغربي عليه عزز التوتر بين الطرفين، خصوصاً وأن خفض إنتاج النفط يرفع الأسعار، وذلك يساهم مباشرة بدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مادياً، لا بل يقوّض العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
بالنسبة لإدارة بايدن، إن الحرب في أوكرانيا لحظة تاريخية حاسمة تفرض على الدول اختيار موقعها، ولذا فإن البيت الأبيض مقتنع بأن القرار بخفض إنتاج النفط يضع الرياض في صفّ موسكو.
مصالح الرياض ونفي سعودي
يرى السعوديون في الأزمة الأوكرانية فرصة لتغليب مصالحهم في عالم لم تعد فيه الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة. وتقول الرياض إن بإمكانها دعم أوكرانيا -وهذا ما فعلته عندما قدمت لها مساعدات إنسانية بقيمة 400 مليون دولار- والعمل مع روسيا ضمن أوبك+ في الوقت نفسه.
وتقول الرياض إن قرارها خفض الإنتاج اقتصادي بحت، بينما تشير الصحيفة إلى أن ولي العهد يرى في أسعار النفط المرتفعة فرصة أخيرة له لاستخدام موارد السعودية بهدف تطوير الاقتصاد السعودية وبناء مستقبل المملكة لعالم ما بعد النفط.
وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لم يخف هذا الأمر عندما قال “أجندتنا الاقتصادية أمر بالغ الأهمية بالنسبة لبقائنا واستمراريتنا. الأمر لا يتعلق فقط بالطاقة والدفاع. ربما كانت الأمور كذلك منذ 50 عاماً ولكن بالتأكيد ليست هذه هي الحال اليوم”.
ونفى بن فرحان أن يكون ولي العهد بن سلمان سخر من بايدن أو أنه عبر عن عدم إعجابه بالرئيس الأمريكي وفضّل ترامب.
وقال بن فرحان “هذه المزاعم التي أطلقتها مصادر مجهولة خاطئة كلياً. لطالما حمل قادة المملكة أقصى درجات الاحترام لرؤساء الولايات المتحدة، بناءً على إيمان المملكة بأهمية وجود علاقة قائمة على الاحترام المتبادل”.