كتب: حسن عصفور
في بيان سريع ومفاجئ، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم 9 أكتوبر 2022، المجتمع الدولي إلى إرسال قوات لدعم هايتي التي طلبت المساعدة في مواجهة العصابات الإجرامية، وقام بتسليم “مجلس الأمن رسالة تحدد الخيارات لتعزيز الدعم الأمني في هايتي وفقا لما طلبه المجلس في قراره 2645 (2022)”.
مبدئيا، من حق الأمين العام للأمم المتحدة العمل ضمن المهام التي أنتخب من أجلها في الوظيفة الأممية، ولو تخاذل عن ذلك يجب محاسبته بالطريقة التي تتماشى والقانون الإنساني العام، ولذا ما قام به سريعا نحو هايتي في مواجهة “الجريمة ومرض الكوليرا” يستحق التقدير.
ولكن، المثير هنا، ان سيادة الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، لم يصب بتلك “النخوة الإنسانية” ولا مرة واحدة تجاه الشعب الفلسطيني، الذي يواجه جرائم حرب يومية ضد الفرد والأرض، وربما لا يوجد من يدفع مثل تلك الضريبة سوى فلسطين في كوكبنا.
الأكثر غرابة، ان الأمين العام استجاب فورا لطلب “حماية دولية” لطلب أممي في هايتي، ولكنه لم يتذكر ان هناك دولة عضو مراقب تتعرض الى عمليات “جريمة منظمة” و”إرهاب جمعي” من قبل دولة عضو في ذات المنظمة، أي الفاعل معلوم جدا اسما وسمة ومواصفات.
في يوم 23 سبتمبر 2022، طالب الرئيس محمود عباس من منصة الأمم المتحدة، بضرورة قيام الأمين العام غوتيريش بالعمل على وضع خريطة طريق لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين، والى حين استكمال تنفيذ خريطة الانسحاب، لا بد من توفير “قوة حماية دولية”، للشعب الفلسطيني من المؤسسات الإرهابية لدولة الكيان.
نظريا، الأمين العام استمع الى الطلبين، ومفترض أن ممثل دولة فلسطين في المنظمة الدولية قام بتسليم خطاب الرئيس عباس الى مكتب غوتيريش كوثيقة رسمية، ما يتوجب القيام بدراسة ما ورد من طلبات محددة وتحويلها الى عناصر نقاش، ثم تقديمها بصفته الى مجلس الأمن.
وبعيدا، عن عدد القرارات الخاصة بفلسطين منذ العام 1947، التي يحتفظ بها أرشيف المنظمة الدولية، وربما لا مثيل لقضية غيرها لها مثل هذا السجل الطويل جدا من “جبل القرارات الأممية”، ولم تنفذ، بل لم يعاقب من قام بالاستخفاف بها، وكأنها “غبار” يسير مع الريح، دون أن تتحرك المنظمة المصابة بجذام عقلي في العلاقة مع هذه القضية.
هل فكر الموظف غوتيريش يوما بوضع خطة لكيفية تنفيذ قرارات المنظمة التي هو مسؤول عنها، أو يفكر بوضع آلية خاصة لكيفية فرض انسحاب لقوات دولة عضو من أرض دولة عضو معترف بها، بعدد ربما يزيد عن الكيان الذي يحتل.
هل فكر الأمين العام يوما، بطلب توفير “قوات حماية دولية” للشعب الفلسطيني، من ذلك الإرهاب اليومي الذي تمارسه دولة عضو منذ العام 1948، دون بحث العدالة واللاعدالة في ذلك.
كيف له أن يرى بأن جرائم الجناة والكوليرا في هايتي لها أولوية على جرائم حرب منظمة، تقوم بها دولة إسرائيل التي تحتل أرض دولة فلسطين، بل أن جرائمها لا تحتاج الى بحث وتنقيب، فهي تنفذها على الهواء مباشرة، دون أي عملية “مكيجة”، في تحدى صريح ليس للقانون والشرعية بل لكل مؤسساتها الدولية.
ربما لم يفت الوقت بعد، بأن يعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن تكليفه فريق عمل خاص بوضع “خطة انسحاب قوات غازية لدولة فلسطين” في زمن محدد..وخلال تلك الفترة يتم العمل على تشكيل “قوات حماية دولية” تتولى المسؤولية الكاملة، حتى الانتهاء الكلي من خروج آخر جندي غازي لأرض دولة فلسطين.
هل يمكن لغوتيريش ان يطلب حماية ويضع خطة انسحاب..أم ذلك خط أحمر لا يسمح بتجاوزه رهبة من أمريكا الراعي الرسمي للإرهاب العالمي ومنه “الإرهاب اليهودي” في فلسطين.
والى حين صحوة غوتيريش، لا يجب أن تغفو القيادة الرسمية الفلسطينية عن حقها في طلب خطة الانسحاب والحماية الدولية التي أعلنها الرئيس عباس، ما لم يكن حولت مسارها من نيويورك الى واشنطن، لتصبح جزءا من “مساومة لقيطة”.
ملاحظة: فجأة نشر موقع أمريكاني من أدوات المؤسسة الأخطر في ترويج السموم، أن “الدولة الفاشية” سمحت لفلسطين استخراج الغاز قبالة غزة…نشر الخبر هالأيام مش لسواد عيون الحق بل لفتح باب فتنة جديدة..وطبعا حماس مش ناقصها خاصة اذا الأمر متعلق بالمصاري!
تنويه خاص: عملية شعفاط شكلها “شعفطت” دولة الكيان على الآخر…تحدي وجرأة وتنفيذ وانسحاب دون ان يصاب بخدش…شعفطوها يا شباب أكثر وأكثر …فـ “الشعفطة هي الحل”!