كتب: صالح المصري
بدا واضحا أن مهرجان الانطلاقة الجهادية الذي نظمته حركة الجهاد الإسلامي في الذكرى الخامسة والثلاثين لانطلاقتها والذي حمل عنوان “قتالنا ماضٍ حتى القدس” بالعديد من العواصم العربية التي تحتضن الشعب الفلسطيني في بيروت ودمشق وصنعاء وجنين وغزة بأن حركة الجهاد الإسلامي تزداد قوةً وتماسكاً وتنظيماً وإعداداً
صورة الجماهير التي احتشدت في خمس ساحات بشكل متزامن أبلغ رسالة للعدو الصهيوني بأن حركة الجهاد الإسلامي التي خرجت للتو من معركة “وحدة الساحات” باقية وتتمدد وتزداد قوةً باحتضانها لمشروع المقاومة وأن حربه فشلت فشلاً ذريعاً وأهدافه التي أعلن عنها خلال الحرب هي الأخرى فشلت أمام هذه اللوحة الجهادية والصورة التي شاهدها العالم بالالتفاف الشعبي والجماهيري حول فكرة “المقاومة” والجهاد” .
تكاد تكون حركة الجهاد الإسلامي الفصيل المقاوم الوحيد الذي لا تخلوا احتفالاته من رسالة الوحدة والتأكيد عليها وقد ظهر ذلك واضحاً من خلال رفعها لصور قادة المقاومة الشهداء ومن خلال خطاب الأمين العام للحركة القائد زياد النخالة الذي أكد أن رسالة الحركة في الذكرى الخامسة والثلاثين، هي رسالة الوحدة، وحدة الشعب الفلسطيني ومقاومته مع قوى المقاومة جميعها، في مواجهة العدو الصهيوني، وهجمته على المسجد الأقصى، بهدف تهويده، وإكمال سيطرته على القدس والضفة الغربية، بالاستيطان الذي لم يتوقف على مدار الوقت. وقد أكد مراراً في خطابه بالقول:” إن من أوجب الواجبات اليوم هو تعزيز وحدتنا الفلسطينية، على قاعدة مقاومة الاحتلال. وتعزيز وحدتنا، وتكاملنا مع إخواننا الذين يشبهوننا، والذين يحملون همومنا، وهموم شعبنا، وقضيتنا العادلة التي هي قضيتهم”.
حديث الأمين العام عن تعزيز محور المقاومة ربما لم يكن جديداً باعتبار أن حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس تؤكدان دوماً على أنهما جزء من محور المقاومة الممتد من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران لكنه الجديد هو تأكيده الواضح لأول مرة على ضرورة وحدة القوى الوطنية والإسلامية وتوسيع التحالف فلسطينيًّا وعربيًّا وإسلاميًّا وعالميًّا، ، ليس على أرض فلسطين فحسب ، بل على امتداد عالمنا العربي والإسلامي والدولي ممن يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية، وممن لديهم الاستعداد لدعم ومناصرة القضية الفلسطينية وإسنادها في مواجهة “إسرائيل” المدعومة من أمريكا والغرب.
مبدأ المشاغلة مع العدو الذي تتبناه حركة الجهاد الإسلامي لم يغب عن خطاب القائد “النخالة” حين أكد أن قرار حركته بالقتال الدائم، ومشاغلة العدو، هو رؤية وموقف، وواجب وجوب الصلاة، وأن القضية الفلسطينية ليست قضية إنسانية كما يريد الاحتلال أن يوهم العالم بذلك ليساوم الفلسطينيين على لقمة عيشهم ويطفئ روح المقاومة مؤكداً بالقول :”إن المقاومة التي تستطيع مشاغلته على مدار الوقت، وتخوض معاركها دون خوف أو تردد، هي التي تستطيع أن تستنزف طاقاته، وتعيق سياساته، وتزرع اليأس في جنوده”.
بدا خطاب القائد “النخالة” واثقاً بالنصر و بقدرة المقاومة وحركته التي تكبر وتتصاعد في كل الساحات وهو للتو خرج من معركة منفرداً مع العدو الصهيوني استطاع خلالها أن يثبت للعالم أن الشعب الفلسطيني يرفض كل الإغراءات والمشاريع الاقتصادية وطريق التفاوض الذي أثبت عجزة وفشله .. وبدا واثقاً بالنصر الأكيد حيث قال :” فلنتقدم، ولا ننظر إلى الخلف. فلسطين تستحق، والقدس تنتظرنا، فلا تتركوها للأعداء. سيأتي يوم يفرح فيه شعبنا بنصر الله، فهذا وعد الله لنا، بدخول المسجد الأقصى منتصرين. فلا نخاف ولا نرتجف، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، يوم كان المؤمنون برسالته يخافون أن يتخطفهم الناس، وهو يحثهم على القتال. فالصبر والقتال، خرجوا من الخوف إلى النصر العظيم. سننتصر إن شاء الله، فلا تجعلوا للأعداء علينا سبيلاً”..
إشارة القائد النخالة لمحاولات العدو لإخراج قطاع غزة من معادلة الصراع من خلال الحصار والترهيب والترغيب بهدف تحييد غزة ومقاومتها، عما يجري في المسجد الأقصى، وعما يتم من تهويد القدس والضفة الغربية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المقاومة واعية لما يخطط له العدو من السيطرة الكاملة على الأرض الفلسطينية من خلال القتل والجوع والحصار والاستيطان والتهويد وهذا ما يجعل المهمة أكبر أمام قوى المقاومة لوضع الخطط لمواجهة العدو وتعزيز الوحدة وعدم التفريط بالأرض الفلسطينية مؤكداً أنه لم يعد لدينا ترف الوقت.
وعاد القائد النخالة وأكد على رسالة الجهاد الإسلامي للجماهير الفلسطينية المحتشدة بعشرات الآلاف في الساحات ولأجيال المستقبل أن: “إن الذين يظنون أن الشعب الفلسطيني، وحركات المقاومة، وعلى رأسها “حركة الجهاد الإسلامي”، يمكن أن يستسلموا، ويوقفوا معركتهم ضد العدو، وضد الاحتلال، على أي شبر من فلسطين، واهمون أشد الوهم”.
الخطاب وضع خارطة طريق مستقبلية لحركة الجهاد الإسلامي وأكد على مرتكزاتها وأبعادها وأسسها التي انطلقت من أجلها قبل خمسة وثلاثين عاماً حيث تحدث عن الشهداء والأسرى والقادة المؤسسين والقادة الشهداء ودور المرأة المجاهدة والمرابطة والقوى الإسلامية والمسيحية في الحفاظ على الثوابت والمقدسات ورفض المخططات الغربية ومشاريع التطبيع وأهمية دور أهلنا في الأرض المحتلة منذ العام 1948ومخيمات اللجوء والشتات وكتائب المقاومة في جنين ونابلس وطولكرم وطوباس ولأبطال نفق الحرية وخير خاتمة للخطاب حين قال :”سنبقى في “حركة الجهاد الإسلامي” ضمير الشعب الفلسطيني، والأمة كلها. نذكرهم، بوعينا وإصرارنا ورصاصنا، أننا لن نتخلى عن حقنا في فلسطين، وفي القدس. سنقاتل العدو على كل شيء، كما يقاتلنا على كل شيء”.