تبادل مسؤولون كبار من أركان السلطة الفلسطينية خلف الستارة والكواليس الأسبوع الماضي حزمة كبيرة من التلاومات والانتقادات والملاحظات وأحيانا الاتهامات على خلفية الوضع الامني المتفجر في الضفة الغربية والقابل للانفجار أكثر وفق حسابات الدولة الأردنية أيضا التي دخلت حسب مصادر مطلعة على خطوط التهدئة وبحماس خلال الأيام القليلة الماضية.
يرفع مسؤولون أردنيون في حالة تواصل يومية مع جهاز المخابرات الفلسطيني وأجهزة الأمن الإسرائيلية شعارا أساسيا هذه الأيام بعنوان العمل وبسرعة على وقف احتمالات التدهور الأمني.
الجانب الاردني مهتم جدا بثلاثة مسائل وتحدث عنها مع الفلسطينيين والاسرائيليين وهي:
أولا – الحيلولة دون اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية وسط الانطباع بانها قد تكون مسلحة هذه المرة وتؤدي إلى تدهور أمني كبير يمكن أن تستغله إيران وأطراف في حزب الله اللبناني
وثانيا بدأ الأردن يعبر عن خشيته من حصول صراع اقطاب داخل حركة فتح تحديدا في ظل طموحات أربعة من ابرز قيادي الحركة في الضفة على الاقل بوراثة مقعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إذا ما تعذّر عليه أي سبب قريبا الاستمرار بواجباته.
وليس سرا حسب مصادر أردنية تحدّثت لرأي اليوم أن عمان بدأت مبكرا ومن شهرين تقريبا البحث عن شخصية فتحاوية مركزية ومؤثرة تمنع انطلاق الصراع الفتحاوي الداخلي مع وجود ادبيات وبيانات تحريضية ومعارك خلفية الان.
لذلك تهتم عمان بما تسميه وحدة حركة فتح ومنع الصراعات بين رموزها الكبرة.
وثالثا في الهواجس الأردنية المرتبطة في الضفة الغربية تحذير شديد اللهجة وصل الإسرائيليين قبل الجانب الفلسطيني الرسمي بعنوان إنفلات وتمرد محتمل على مستوى الكوادر المتوسطة والصغرى وليس العليا في أجهزة الامن الفلسطينية، الأمر الذي يهدد مجمل عملية التنسيق الأمني على الاسرائيليين في وصفة مباشرة تقوض السلطة الفلسطينية وأجهزتها وتُساند طبعا تدهور الأوضاع في الضفة.
لا يوجد سيناريو لا أردني ولا إسرائيلي مفترض وما يعيق اي تفاهمات داخل السلطة تمكن الرئيس محمود عباس من السيطرة أكثر على المعطيات والعمليات الأمنية الإسرائيلية التي تقتل المزيد من الفلسطينيين وتؤدي الى المزيد من التحريض والرغبة في الانتقام في عمق بعض المدن الفلسطينية إضافة إلى ما يجري من انتهاكات في القدس والمسجد الاقصى والقدس برأي الأردن.
أبلغت رسائل التحوّط الأردنية والفلسطينية الاسرائيليين قبل خمسة أيام تقريبا رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقّت يائير لابيد بتلك التحفّظات الحادّة.
لكن الجواب الذي حصلت عليه رام الله وعمان جزء إضافي في تعقيد وتأزيم المشهد فقد أبلغ طاقم لابيد بأن فرصته في الفوز بانتخابات الكنيست مرهونة اليوم بعنصرين اساسيين هما اولا تحقيق نصر ملموس وواضح في تفكيك ما يسمى بتفكيك كتيبة جنين تحديدا التي بدأت تؤرق الإسرائيليين، وثانيا مرهونة بالاستمرار في خطة منح المستوطنين المتشددين مساحتهم كاملة فيما تريده جمعياتهم في القدس.
اعتذر لابيد بهذا المعنى عن مُساندة جهود التهدئة التي يسعى إليها الجانب الأردني ويريدها الجانب الفلسطيني بسبب حساباته الانتخابية واعدًا بتخفيف الاجراءات وتكريس حل الدولتين بعد نجاحه في الانتخابات.
لكن الأمور تزداد تعقيدا على الأرض وفي الميدان ومخاوف الاردن لم تعد مرتبطة فقط بصراع الاقطاب داخل حركة فتح بل بتمرد وعصيان محتمل في الكوادر الدنيا والمتوسطة في الاجهزة الامنية الفلسطينية ايضا خصوصا بعد رصد عدة حالات في اطلاق الرصاص على الاسرائيليين والاهم بعد دراسة وتحليل ظاهرة العميد الاسبق في الامن الوطني الفلسطيني “فتحي حازم” أبو رعد والذي تحول الى ايقونة يمكن ان تساعد في بناء تصور وطني يمكن تقليده بالنسبة لكوادر في أجهزة الأمن الفلسطينية.
واضح تماما أن إسرائيل وضعت هدفا لتصفية فتحي حازم أو إخضاعه.
واضح أكثر أن أبو رعد يتحوّل إلى أسطورة شعبية ويرتبط بالكيان الذي يحمل اسم كتيبة جنين.
والأوضح بأن أجهزة مخابرات عربية بدأت تتابع أبو رعد وتدرس ظاهرته أيضا بالتزامن مع صدور تقارير امنية غربية تُحذّر من تزايد تأثير الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في أوساط شباب الضفة الغربية بما في ذلك الفتحاويون منهم فيما لا يقدم الإسرائيلي إلا وصفات للقتال والقتل والاشتباك.
الموقف معقد جدا ومفتوح على الاحتمالات وبرأي مستويات المتابعة الأردنية والغربية الصّدام قادم لا محالة والتدهور ه السيناريو المتدحرج وفيما إسرائيل لا مانع لديها في هذا التدهور وتخطط للاستثمار فيه تتشكل كتلة حرجة في أوساط مقاتلين شباب من حركتي كتائب الأقصى والجهاد الإسلامي يمكنها الذهاب باتجاه انتفاضة ثالثة اليوم فيها حجارة ورصاص.