كتب حسن عصفور
منذ مايو 2017، الزيارة الأخيرة للرئيس محمود عباس الى واشنطن ولقاء الرئيس السابق ترامب، أوقفت الإدارة الأمريكية حركة استقبال أو لقاء المسؤولين الرسميين الفلسطينيين (مستثنى وجود الراحل د. صائب عريقات خلال إجراء عملية جراحية نوفمبر 2017)، مع ما تلاها من اغلاق مكتب منظمة التحرير في سبتمبر 2018.
وقف حركة الاستقبال الرسمية، واغلاق مكتب المنظمة من قبل إدارة ترامب، نتاج رفض التعامل مع المخطط الأمريكي الجديد، فيما عرف بصفقة ترامب، والذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية، لمطاردة الكيان العنصري حول جرائم الحرب المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، ولا تزال، لتأكيد الموقف الرسمي الأمريكي أن “العداء للفلسطيني” في الثقافة الرسمية الأمريكية ليس حدثا وخبرا، بل سلوك ممنهج وفكر متواصل منذ قيام دولة الاغتصاب الاحتلالي.
ورغم ان إدارة بايدن، جاءت بوعود مختلفة في التعامل مع الرسمية الفلسطينية، لكنها لم تغير الواقع بل كرسته رسميا، ليس فيما يتعلق بنقل السفارة الى القدس، بل بالتصدي لكل موقف فلسطيني ضد دولة الاحتلال، في المحافل الدولية مقابل حصار الفلسطيني، وكانت رحلة بايدن الى بيت لحم في يوليو 2022، الرسالة الأوضح في عدم القيام بأي خطوة تغييرية عما سبق، ولعل ما نقله الرئيس عباس عما قاله بايدن له “المسيح لن يتمكن من تلبية الطلب الفلسطيني”، أي الخلاص من الاحتلال والذهاب الى إقامة دولة فلسطين، تكثيف للعداء الأمريكي.
وفجأة، تعلن “الإدارة البايدينية” عن استقبالها لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بعد 5 سنوات و5 أشهر، من زيارة الرئيس عباس الى البيت الأبيض، خبر بدأ وكأنه بمثابة “مفاجأة سياسية”، وربما يكون ذلك، ولكن لماذا قررت واشنطن تلك الخطوة، وهل هي تصويبا لمسار أعوج ضال الهدف والرؤية، أم أن حسابات بيدرها ليس كما هو حساب الحقل الفلسطيني.
الخطوة الأمريكية جاءت بعد خطاب الرئيس محمود عباس يوم 23 سبتمبر 2022، حيث حدد خلاله ملامح مرحلة سياسية جديدة، أنهت العمل باتفاقات ميتة منذ 2000، والذهاب نحو ترسيخ أقدام دولة فلسطين، عبر مجموعة إجراءات متنوعة، وما بدأ ينعكس من حركة نمو “الغضب الشعبي الفلسطيني” العام في الضفة والقدس.
أي أن الاستقبال نتاج فعل فلسطيني مختلف عما كان سائدا طوال السنوات الخمس الماضية، وتلك خطوة جيدة، لا يجب تغافل أهميتها، ولكن سيتقرر قيمتها السياسية بما سيكون بعد ختامها، نتائج وخطوات، هل ستعزز “الانطلاقة الوطنية” أم تبدأ بفرملتها ووضع عناصر كسر حركتها.
وكي لا نكرر تعريف الجوهر الأمريكي من فلسطين قضية وشعب، ولا نبقى غارقين في التكرار بأن أمريكا هي “راس الحية” ضد شعبنا وشعوبنا وأمتنا، سنغمض العين لساعات، حول تلك الحقائق الراسخة، فربما يكون حسابات مخاوف التطورات الدولية، وخاصة الاندفاعة الروسية وما احدثته من تغييرات عملية، تجبر واشنطن بتصويب بعض جوانب العداء الفطري للشعب الفلسطيني.
ومبدئيا، وكي لا تبيع أمريكا “الميه في حارة السقايين الفلسطينية”، ما يجب أن يكون خطوات محددة، تنطلق من خطاب الرئيس الأمريكي بايدن في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 سبتمبر 2022، والذي تحدث به أن الشعب الفلسطيني يستحق دولة، فكيف يمكن ذلك واقعيا، فلو كان الصدق السياسي فلتعلن أمريكا أنها توافق على:
*قبول تغيير صفة دولة فلسطين في الأمم المتحدة الى عضو كامل.
*تأييد طلب الرئيس محمود عباس من الأمين العام للأمم المتحدة وضع آلية دولية لإنهاء الاحتلال خلال فترة زمنية محددة.
*تأييد مقترح تشكيل “قوات حماية دولية” في أرض دولة فلسطين.
*تأييد التفاوض بين “دولتي فلسطين وإسرائيل” تحت مظلة دولية – إقليمية” خاصة من اجل صياغة اتفاق سلام شامل.
*وقف عرقلة التوجه الفلسطيني الى المحكمة الجنائية الدولية، وتأييد انضمام فلسطين الى عضوية المنظمات الدولية، ومنها الصحة العالمية، أو تمتنع عن التصويت كحد أدنى.
*بيان خاص حول دعم وكالة الأونروا كما في السابق.
*رفع الحظر الأمريكي عن قضية رواتب الأسرى والشهداء، والتعامل معها قضية فلسطينية خالصة.
*فتح مكتب فلسطين في واشنطن بالتوازي مع فتح القنصلية في القدس بشكل مستقل كليا عن سفارة أمريكا.
*الغاء قانون اعتبار منظمة التحرير حركة “إرهابية”.
تلك بعض خطوات يجب القيام بها لو أرادت أمريكا التصرف كطرف مسؤول في الصراع القائم.
وكي لا يصاب البعض المرتعش فطريا بحالة هلع مما كتب أعلاه، فما تتحسب له الإدارة الأمريكية من تطورات في الضفة والقدس، سياسيا وكفاحيا، ثمنه أعلى بكثير مما يطلب منها خطوات باتت حقيقة سياسية، والتراجع عنها تعني نهاية الرسمية الفلسطينية بلا رحمة ولا عودة.
المخاوف الأمريكية من تطورات الانفجار السياسي والكفاحي الشعبي الفلسطيني، في ظل العملية الروسية التي كسرت الشوكة الأمريكية دوليا، ستفرض عليها التعامل مع حق لا بد منه فلسطينيا.
على الرسمية الفلسطينية إدراك، أن طلب الزيارة على عجل هي رسالة تكشف “هلعا” مسبقا مما سيكون فعلا، لا يجب ان تذهب ريحها بطمأنة دون ثمن سياسي ملموس، وغيرها لـ “كل مقام موقف وإجراء”.
ملاحظة: حكومة الجماعة الإخوانجية في قطاع غزة، بدأت تتفن في رسم آليات سرقة أهل القطاع..ضرايب على كل بنطلون جينز..سرقة في أسعار المحروقات لتصبح أغلى من الضفة بكثير..”اللصوصية تطورت يا رجالة”..و”هي لله لا سلطة ولا جاه”..متذكرينها!
تنويه خاص: اغتيال الطفل ريان سيلمان، لا تعيد مشهد جريمة اغتيال محمد الدرة وبس..لكنها تفتح الباب لصناعة رواية كاملة عن جرائم “الإرهاب اليهودي” ضد أطفال فلسطين…لتصبح وثيقة شاملة أمام الجنائية الدولية..هيك عمل اهم مليار مرة من صراخ “وين العدالة”.. العدالة ما بتيجي لمولولين!